icon
التغطية الحية

"قرار تاريخي".. محكمة استئناف باريس تصدّق على مذكرة اعتقال بشار الأسد

2024.06.26 | 16:36 دمشق

آخر تحديث: 26.06.2024 | 17:24 دمشق

345
زيارة بشار الأسد للغوطة الشرقية بعد سيطرة قواته عليها
 تلفزيون سوريا ـ إسطنبول
+A
حجم الخط
-A

صدقت محكمة الاستئناف في العاصمة الفرنسية، على مذكرة اعتقال بحق رئيس النظام السوري بشار الأسد، اليوم الأربعاء، بتهمة التواطؤ في جرائم ضد الإنسانية، ورفضت المحكمة طلب مكتب المدعي العام الوطني لمكافحة الإرهاب بإلغاء مذكرة التوقيف بسبب الحصانة الشخصية للرؤساء أثناء وجودهم في السلطة، ولذلك قد تتقدم نيابة مكافحة الإرهاب باستئناف أمام محكمة النقض، أعلى محكمة في النظام القضائي الفرنسي في الأيام القادمة.

وعقدت المحكمة جلسة خاصة للبت في القرار، وحسم أمرها بالتصديق على مذكرة الاعتقال أو إلغائها، علماً أن هذه أول مذكرة توقيف تصدرها محكمة أجنبية بحق رئيس دولة في منصبه، وبالتالي فإن القرار الصادر يعتبر "قراراً تاريخياً"، بحسب وصف وكالة الأنباء الفرنسية.

واستهدفت مذكرة الاعتقال كلاً من رئيس النظام بشار الأسد، وشقيقه ماهر قائد الفرقة الرابعة، والعميد غسان عباس مدير الفرع 450 من مركز الدراسات والبحوث العلمية السورية، واللواء بسام الحسن مستشار رئيس النظام للشؤون الاستراتيجية وضابط الاتصال بين القصر الرئاسي ومركز البحوث العلمية.

لا طعون في تورط بشار الأسد بالجرائم.. لكن الطعن في مسألة حصانة الرؤساء

في 15 أيار الماضي، قررت غرفة التحقيق النظر في طلب مكتب المدعي العام الوطني لمكافحة الإرهاب في فرنسا، المتعلق بإلغاء هذه المذكرة باسم "الحصانة الشخصية" التي يتمتع بها رؤساء الدول في مناصبهم أمام المحاكم الأجنبية.

ودافع مكتب المدعي العام الوطني لمكافحة الإرهاب عن موقفه في جلسة اليوم، وأكد أن عدم الأخذ بالحصانة الشخصية لرؤساء الدول في مناصبهم مخصص للهيئات القضائية الدولية فقط مثل المحكمة الجنائية الدولية، وليس محاكم الدول الأجنبية.

و"دون التشكيك في وجود عناصر تثبت تورط بشار الأسد في الهجمات الكيميائية التي ارتكبت في آب 2013" أراد مكتب المدعي العام الوطني لمكافحة الإرهاب أن تبت في هذه المسألة محكمة أعلى، ولذلك في الأيام المقبلة قد تتقدم نيابة مكافحة الإرهاب باستئناف أمام محكمة النقض، أعلى محكمة في النظام القضائي الفرنسي.

ومن جهتهم، وضع قضاة التحقيق دلالات "حازمة" تبرز الشروط التي يمكن بموجبها رفع دولة أجنبية الحصانة الشخصية عن رئيس دولة أخرى بهدف "فتح باب إضافي لمكافحة الجرائم ضد الإنسانية"، بحسب ما أكد مصدر مطلع لوكالة فرانس برس.

وصدرت مذكرة توقيف بحق بشار الأسد بناء على شكوى جنائية قدّمها ضحايا فرنسيون- سوريون، والمركز السوري للإعلام وحرية التعبير، والأرشيف السوري ومبادرة عدالة المجتمع المفتوح، ومنظمة المدافعين عن الحقوق المدنية.

وأفادت محاميتا الجهة المدعية كليمانس ويت وجان سولزر بأن "الاعتراف حسبما يؤكد مكتب المدعي العام الوطني لمكافحة الإرهاب بأن بشار الأسد يستفيد من حصانة سيكون بمنزلة تأمين حماية له من أي ملاحقة قضائية في فرنسا وسيخلق حالة من الإفلات من العقاب".

ورأت المحاميتان أن "الخطورة غير العادية للوقائع من ناحية التي تتمثل بارتكاب هجمات كيميائية متكررة ضد شعبه، وصلابة ملف التحقيق الذي يثبت المشاركة المزعومة للرئيس من ناحية أخرى، أمور تدعو إلى اتخاذ قرار يسمح أخيراً للضحايا الفرنسيين والسوريين بالوصول إلى العدالة".

وقالت المحامية كليمانس بيكتارت التي تتولى الدفاع عن سبع ضحايا: "عبرنا مرحلة تتعلق بالحصانة الوظيفية، ونأمل أن نعبر مرحلة أخرى الأربعاء".

وقال المركز السوري للإعلام وحرية التعبير في بيان عقب صدور القرار: "يشكل هذا القرار خطوة هامة نحو الأمام سواء بالنسبة للضحايا والناجين من هذه الهجمات بالأسلحة الكيميائية أو للعدالة الدولية. فهويؤكد أن المسؤولين الذين يرتكبون مثل هذه الفظائع – بغض النظر عن رتبتهم – لا يمكنهم الاحتماء بالحصانة للتهرب من المساءلة".

وقال مازن درويش مؤسس ومدير المركز السوري: "نحن نشيد بمحكمة الاستئناف في باريس لتأكيدها مذكرات التوقيف الصادرة بحق بشار الأسد. هذا القرار التاريخي يمثل خطوة حاسمة نحو العدالة لضحايا الهجمات الكيميائية. إنه يبعث برسالة واضحة أن الإفلات من العقاب على الجرائم الجسيمة لن يتم التهاون فيه، وأن عصر الحصانة كدرع للإفلات من العقاب قد ولى".

 

خلفية القضية:

في 1 آذار 2021، بادر الناجين من الهجمات الكيميائية، جنباً إلى جنب مع المركز السوري للإعلام وحرية التعبير، بدعم من الأرشيف السوري ومبادرة العدالة في المجتمع المفتوح Open Society Justice Initiative، بتقديم شكوى جنائية بخصوص هجمات الأسلحة الكيميائية التي وقعت في آب 2013 على دوما والغوطة الشرقية. وقد أشارت الشكوى، التي قُدمت كطلب طرف مدني أمام قضاة التحقيق في محكمة باريس القضائية، إلى أن هذه الهجمات تشكل جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية. وقدمت المنظمات غير الحكومية، إلى جانب منظمة مدافعي الحقوق المدنية كطرف مدني، أدلة جوهرية بما فيها شهادات لناجين، وتحليل لسلاسل القيادة، ومعلومات عن المسؤولين السوريين المزعوم تورطهم في الهجمات.

أدت الهجمات الكيميائية على الغوطة في 21 آب 2013، والتي استخدم فيها غاز الأعصاب القاتل السارين، إلى سقوط عدد كبير من الضحايا بين المدنيين، وأدانها المجتمع الدولي على نطاق واسع. وكانت هذه الهجمات، إلى جانب الهجمات السابقة على دوما وعدرا، جزءًا من حملة ممنهجة ضد المدنيين في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة.

وفي استجابة لهجمات الغوطة الشرقية، تبنت كل من منظمة حظر الأسلحة الكيميائية (OPCW) ومجلس الأمن التابع للأمم المتحدة القرار 2118، الذي دعا إلى تدمير الأسلحة الكيميائية في سوريا ومحاسبة جميع مرتكبي هذه الهجمات. رغم ذلك، أظهرت الهجمات اللاحقة استمرار استخدام سوريا للأسلحة الكيميائية ولم تمارس أي محكمة دولية الولاية القضائية على مرتكبي هذه الجرائم، مما دفع الضحايا والمنظمات غير الحكومية إلى التوجه إلى السلطات الوطنية لمحاسبة الجناة.

يسمح القانون الفرنسي بالتحقيق وملاحقة هذه الجرائم الدولية، بغض النظر عن أنها ارتكبت في سوريا.

في  14 تشرين الثاني 2023، أصدر اثنان من قضاة التحقيق في محكمة باريس القضائية مذكرات التوقيف بعد تحقيق واسع. وفي 22 كانون الأول 2023، طعن المدعي العام الفرنسي في مذكرة توقيف الأسد بناء على حصانة رئيس الدولة، لكنه لم يعارض النتائج حول دور الأسد في الهجمات الكيميائية ولا مذكرات التوقيف بحق المسؤولين السوريين الآخرين بما في ذلك ماهر الأسد.

في 15 أيار 2024، استمعت محكمة الاستئناف في باريس إلى مرافعات من المدعي العام ومحامي الدعوى المدنية جين سولزر، وكليمانس ويت، وكليمانس بيكتارت، الذين يمثلون الضحايا الأفراد والمنظمات غير الحكومية – بشأن مشروعية مذكرة التوقيف ضد بشار الأسد في سياق حصانة رئيس الدولة.

من هم الضباط المشمولون بمذكرة التوقيف الفرنسية؟

العميد غسان عباس: يشغل منصب مدير الفرع 450، الواقع في مركز جمرايا للبحوث العلمية ضمن المعهد 1000، والمتخصص في تخزين وخلط وتحميل الرؤوس الحربية بالذخائر الكيميائية، والتي استخدمت في الهجمات الكيميائية، ويتبع الفرع 450 للقصر الجمهوري مباشرة، وكان غسان أحد المشرفين على هجوم الغوطتين الكيميائي في 21 آب 2013.

اللواء بسام محمد حسن: ينحدر من بلدة شين بريف محافظة حمص، من مواليد عام 1961، ودرس في جامعة البعث الهندسة المدنية وتخرج منها عام 1985.

في ذلك الوقت كان باسل الأسد قد بدأ بإعداد طاقمه لحكم البلاد في المستقبل، وخاصة عبر دورات المهندسين القياديين التي ابتدعها في الجيش والتحق بأولاها، في حين كان بسام حسن أحد أفراد قليلين (منهم مناف طلاس وكفاح ملحم) من دورتها الثانية، بعد أن تطوّع في الجيش ثم صار على ملاك الحرس الجمهوري، ضابطاً في الكتيبة الثانية دبابات مستقلة، التي كانت بقيادة باسل نفسه منذ تأسيسها عام 1986 وحتى ترقيتها إلى اللواء 105 مدرعات عام 1992. تدرّج بسام حسن في الكتيبة، ثم في اللواء حتى أصبح رئيس أركانه وتمت ترقيته إلى لواء في 2016.

بعد اغتيال العميد محمد سليمان، مدير المكتب الأمني والعسكري لبشار الأسد، في منتجع الرمال الذهبية بطرطوس عام 2008،  تسلم محمد حسن منصب سليمان وصار مركز البحوث والدراسات العلمية من صلاحياته

يمسك اللواء بسام حسن ملف العلاقة مع الإيرانيين وحزب الله. وكان أقرب الشركاء السوريين لقاسم سليماني

ويشغل الآن بسام حسن مدير المكتب الأمني والعسكري في القصر الجمهوري، كما ترأس سابقاً الفرع 450 في عام 2008، يعتبر بسام الحسن أحد المسؤولين عن عمليات إصدار الأوامر والتنسيق والارتباط بين مختلف القطاعات العسكرية لتنفيذ الهجمات بالأسلحة الكيميائية.