عام كامل يمرّ على فجيعة اغتيال الصحفي السوري حسين خطاب، أو (كارة السفراني) كما كان يطلق على نفسه، بعد تعرضه لطلق ناري في مثل هذا اليوم من العام المنصرم، وفي وضح النهار!
قرب مخيم ضيوف الشرقية في مدينة الباب شرقي حلب، كان حسين يعد تقريراً عن تطورات جائحة فيروس كورونا التي ضربت أهله المقيمين والنازحين في ريف حلب الشرقي. كان يرافقة زميله المصور الذي فارقه للحظات قصيرة كي يحضّر الكاميرات وملحقات التصوير من سيارتهم، وحين عاد لم يرَ سوى جسد حسين المسجّى وسط سيل من الدماء بعد أن أفرغت فيه عصابات الظلام الملثّمة رصاصات الحقد والجُبن.
"في ذلك اليوم، انتشر نبأ يفيد باغتيال إعلاميّ كالنار في الهشيم عبر مجموعات الـ واتساب" يقول زميل حسين وصديقه الإعلامي بهاء الحلبي مستذكراً المشهد، ويضيف: "تراكضنا مذهولين صوب مشفى مدينة الباب الكبير لنفاجأ حينها بأن الإعلامي المذكور هو حسين خطاب".
يتابع الحلبي وهو يحاول مسح تلك الصورة من ذاكرته ولكن عبثاً: "أفرغ القاتل ذخيرته في جسد حسين وبالتحديد بين الرأس والصدر. كان مصمماً بوحشية على إنهاء حياته.. أظنه بلا قلب أو مشاعر".
"الاغتيال كان إعلان حرب على الإعلاميين"
روايات الشهود جميعها تتقاطع مع وصف الحلبي، حيث أكدوا أن حسين قُتل بطريقة بشعة عبر طلقات غادرة، وأن الفاعلين أصروا على قتله بعد أن أطلقوا عليه الرشقة الأولى من الرصاص قبل أن يكرروا عملية الإطلاق على رأسه مباشرة.
حادثة اغتيال حسين الجبانة كانت بمثابة صافرة إنذار لإعلان الحرب في مدينة الباب على الإعلاميين، يقول الحلبي، فبعد اغتيال شخصيات من وجهاء المدينة وثوارها بدأت سلسلة اغتيال النشطاء، وكان حسين في مقدمتهم. وبعد مرور 25 يوماً "كنتُ أنا المستهدف التالي، ولكن الله لم يشأ أن تكون نهايتي فأنجاني من رصاصهم بقدرته. نجوت بأعجوبة بالرغم من تكرار العصابة نفس الأسلوب، إذ تعمدوا ضرب الرأس بهدف القتل المؤكد".
ويختم صديقه قائلاً: "قتلوا حسين خطاب، الصديق والجار، وحرموا أطفاله من رؤيته وقهروهم وكسروهم بغدرهم وأبعدوه عن عدة عائلات كان سندا لهم ومعيلهم الوحيد".
ما وراء اغتيالات الصحفيين والنشطاء
وفي الـ12 من كانون الأول 2020، أفاد مراسل تلفزيون سوريا بأن شخصين ملثمين كانا يستقلان دراجة نارية، أطلقا 5 رصاصات من مسدس، على "خطاب" داخل مخيم ضيوف الشرقية، عند مدخل مدينة الباب الشمالي، واستقرت رصاصة واحدة في رأسه والبقية في صدره، ما أدى لوفاته بشكل مباشر.
وأثار اغتيال خطاب حالة من الغضب لدى الصحفيين والإعلاميين، إزاء ضعف القبضة الأمنية، وتكرار محاولات الاغتيال في منطقة ريف حلب الشمالي والشرقي، دون رادع.
ونعى عشرات الإعلاميين والكيانات الثورية والإعلامية زميلهم خطاب، من ضمنها اتحاد إعلاميي حلب وريفها الذي يشغل عضوية مكتبه التنفيذي، ورابطة الصحفيين السوريين، واتحاد الإعلاميين السوريين، وطالب الأخير قوات الشرطة والأمن العام بمعرفة خلفية حادثة الاغتيال التي تمت في وضح النهار، وإنزال أقصى درجات العقوبة على الفاعلين.
كما أطلق عدد من الناشطين نداءً طالبوا فيه بتعليق العمل الصحفي والإعلامي في الشمال السوري، تنديداً بحادثة الاغتيال، وتنظيم وقفات احتجاجية للمطالبة بمحاسبة المسؤولين عن تردي الواقع الأمني.
يذكر أن الراحل حسين خطاب عمل مع جهات إعلامية عدة. بدأ كناشط في مدينة السفيرة وأسس مع صديقه "أبو شادي" مركز السفيرة الإعلامي ونقل عبره أبرز أحداث ريف حلب الجنوبي في عام 2013، كما عمل مع قنوات تلفزيونية أبرزها شدا الحرية وTRT عربي.