ترتسم على وجهها ملامح المقاتلين، تحاول إخفاءها بلباس السياسية منذ عشر سنوات، إلا أن صورا حديثة بدأ أصدقاء الأمس بتسريبها لها تؤكد الحقيقة التي تفضل قيادية الصف الأول في مشروع "الإدارة الذاتية"، إلهام أحمد، عدم خروجها للعلن، وهي أنها من أهم كوادر "حزب العمال الكردستاني" (PKK) في الماضي وفي الحاضر أيضا وفق معلومات باتت تظهر للعلن تباعا عن خبايا ما يجري شمال شرقي سوريا ومن المتحكم هناك.
من منبر أميركي تطلب إلهام أحمد القبول بـ "PKK"
لم تخف أحمد يوما شكرها وامتنانها لهذا الحزب أو المنظمة المصنفة إرهابيا، بل إنها تستخدم المنابر الإعلامية الأوروبية والأميركية وزياراتها الرسمية لواشنطن كي تلمّع صورة هذا الحزب، وتحاول بجهد إقناع صناع القرار الدوليين بإزالته عن القوائم المحظورة.
أحدث إطلالات أحمد لهذا الغرض كانت في خواتيم شهر أيلول الماضي، في واشنطن ويبدو أن دعوتها تلك لم تعجب الصحفي الكردي هوشنك أوسي الذي يعتبر نفسه مناصرا سابقا لـ "PKK" ويبدو أن مجاهرة رئيسة ما يسمى "مجلس سوريا الديمقراطي" (مسد) بامتداح والثناء على "PKK" أثار حفيظة أوسي، الذي غير وجهة نظهره تجاه الحزب وفق قوله، وبات يدرك خطره على المجتمع الكردي وعلى شكل الاستقرار في سوريا.
ولأنه صديق قديم فهو يعرف الكثير عن خبايا القيادات المتصدرة لـ "الإدارة الذاتية" بشقيها السياسي والعسكري الملتصقة بـ "PKK"، وقرر الخوض والكشف في التفاصيل مدفوعا بيقينه أن "PKK" حزب أوكسجينه الكذب، ويمارس الدجل والتضليل والتجهيل بين أتباعه وأعوانه، ونشر وتعزيز الفاشية الحزبية، وجعل المدن والقرى دروعا بشرية، وإخضاع المجتمع للأسر والإذعان، وحفر الأنفاق العسكرية تحت مدارس الأطفال.
وكانت أحمد قالت إن حزب "العمال الكردستاني واجه الإرهاب والتطرف في عدة مناطق يوجد فيها الأكراد، وقدّم أغلى ما لديه، بما في ذلك أجساد عناصره، وهذا يضع مسد أمام موقف أخلاقي من الحزب".
جاء حديثها هذا في مؤتمر استضافه معهد "واشنطن لدراسات الشرق الأدنى" في العاصمة الأميركية، وعن علاقة "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) التي يقودها مظلوم عبدي بحزب "العمال الكردستاني"، تهربت أحمد من الإجابة المباشرة واختارت إجابة دبلوماسية إذ قالت "من المهم تذكّر أن العمال الكردستاني تأسس أصلاً للدفاع عن حقوق الكرد المضطهدين في تركيا، كما كان هدفه إرساء نوع من الديمقراطية في تركيا ليستفيد منها الكرد وباقي المكوّنات التي تعاني من القمع".
وردا على هذه التصريحات كتب الصحفي هوشنك أوسي عبر حسابه في "فيس بوك" مقالا مليئا بالمعلومات عن أحمد، عنونه "السيّدة المحترمة إلهام أحمد تكذب على أميركا.
ومن جملة ما جاء فيه أن إلهام أحمد، مكلّفة من قبل حزب "PKK" لتنصيع وتلميع وتبييض صورته أمام الرأي العام الأميركي. "تقف وتحاضر أمام معهد واشنطن للحديث عن مناقب حزب العمال الكردستاني، ولا تتحدّث عن خطف وتجنيد القاصرات، لا تتحدّث عن أنفاق هذا الحزب التي وصلت إلى داخل المدارس الابتدائيّة في روجافا، وكيف أن الحزب اتخذ من المدن والمدنيين دروعا بشريّة".
وأردف أن إلهام أحمد، قبل غيرها، تعرف حجم الجرائم والفظائع المرتكبة داخل الحزب، مؤكدا أنها شريكة في تلك الجرائم.
إلهام أحمد عضو أساسي في "PKK" وضحّت بأختها لأجله
يكشف أوسي في مقالته أنه التقى بـ أحمد في جبال قنديل في صيف 2007، "حين كنتُ مؤيّداً للحزب وأدافع عنه"، وفق تعبيره. كما التقى بشاهوز حسن رئيس "PYD"، وكان ضمن "حزب الحل الديمقراطي الكردستان" فرع "PKK" في العراق.
في 2007 كانت إلهام أحمد عضو في "حزب الحياة الكردستاني" (PJAK) وهو فرع لـ "PKK" في إيران، بمعنى أنها من الكوادر المخلصة للحزب، وتأتمر بأمره وأن الحزب يقرر مصيرهم، في أي منصب يكونون، وفي أي مكان يوجدون، وماذا ينبغي عليهم أن يقولوا.
يؤكد أوسي أن أحمد لا تفصح عن عضويتها في الحزب حتى الآن، مثل مظلوم عبدي، وآلدار خليل، وفوزا اليوسف، وغيرهم العشرات والمئات، كما أنهم لا يجرؤون على تقديم استقالاتهم الرسميّة من"PKK". كما أنهم لا يستطيعون انتقاد الحزب مطلقاً، لأنه سيحاسبهم فوراً على كل كلمة وحركة. ويضيف إلهام أحمد ورفاقها، حتّى هذه اللحظة، أعضاء وكوادر متقدّمة في "حزب العمال الكردستاني"، والأميركيون والأوروبيون والنظام السوري مروراً بالنظام التركي، "هؤلاء يظنون أنفسهم من العبقرية والدهاء لدرجة أنه يمكنهم خداع العالم إلى ما لا نهاية".
أوسي يدلل على ولاء إلهام أحمد لـ "PKK" بالإشارة إلى رواية مفادها أن لأحمد شقيقة، داخل الحزب اسمها الحركي "هيزيل"، ويقول إن الشقيقة كانت على علاقة عاطفية مع أحد أعضاء الحزب، "وكي تثبت إلهام أحمد أنها عبدة للحزب ومطيعة له طاعة عمياء، ومخلصة، وكل شيء، قامت بالتبليغ عن أختها بسبب علاقتها مع ذلك الشاب".
ويتابع "هكذا، يقوم حزب PKK بتربية كوادره، أن يقتل الرفيق رفيقه، إذا اشتبه به. أن تشهّر الأخت بأختها، لأنها على علاقة عاطفية مع شاب، داخل الحزب، وتعرّض حياتها أختها للخطر".
وختم بالقول "هفال روناهي" (إلهام أحمد) خلفك تاريخ دموي مُسجَّل، وأمامك تاريخ يراقب ويسجّل.
من البداية إلى "مسد".. مسيرة إلهام أحمد
حصل موقع تلفزيون سوريا على معلومات عن مسيرة ونشأة أحمد المنحدرة من قرية زركانلي أو (زركه) في عفرين قريبة من الحدود التركية تنتمي لعائلة تضم ثماني بنات وأخا وحيدا، ومن غير المؤكد حصولها على الشهادة الثانوية.
عاشت لوقت مع أسرتها في مدينة الطبقة بحكم عمل والدها ثم عادوا للقرية من جديد، التحقت بصفوف "PKK" في عمر مبكر الـ 16 أو 17 سنة، وغابت منذ ذلك الوقت عن المنطقة إلى أن ظهرت بشكل صريح بعد 2011.
سُئل والدها مرة من قبل أحد أعيان قريته عن دفعه لبنتين من بناته بين صفوف "pkk" فأجاب "لدي ثماني بنات ماذا أفعل بهن؟!". في إشارة إلى الفقر وهنا يشير مراقبون أكراد إلى أن الفقر هو الصورة اللامرئية والقاسية من واقع الحال الذي استفاد منه PKK في تجنيد الأكراد".
تتصدر اليوم إلهام أحمد الصفحات الإعلامية الكردية التابعة لـ "قسد" و"مسد" على أنها المرأة الأولى التي تقود دفة السياسة المتعلقة بمشروع "الإدارة الذاتية"، لكن المنتقدين لها من الأكراد يرون أن أي مشروع يكون مرتبطا بـ "PKK" يكون فاشلا، مشيرين إلى أن مشروع "الإدارة الذاتية" شمال شرقي سوريا في الأساس ولد ميتا لكون قياداته هم أعضاء أساسيون في "PKK".
وتشير تحركات أحمد ودعواتها المتكررة لـ نظام الأسد وتركيا وهما قوتان محيطتان بمشروع "الإدارة" تشير إلى عدم اقتناعهما بفتح أي باب للحوار مع هذا المشروع وعدم إعطائه أي نوع من الاعتراف حتى وإن كانت أميركا تدعمه لأنهم على قناعة أن مصير أفغانستان وغيرها ليس ببعيد عن شمال شرقي سوريا.