يستشري الفساد وتتفاقم المحسوبيات في السكن الجامعي بمدينة حلب، حيث تحوّلت غرفه إلى سلعة تُباع وتشترى، فيما يتعرض الطلاب، خاصّة من محافظتي إدلب والرقة، إلى تمييز في عملية توزيع تلك الغرف.
وأفاد مصدر خاص من جامعة حلب لـ موقع تلفزيون سوريا، بأنّ "السكن الجامعي في حلب تحوّل إلى بؤرة للفساد والمحسوبيات، التي تتناقض بشكل صارخ مع الغرض الأساسي من إنشاء هذا السكن، الذي يهدف إلى توفير سكن ميسّر للطلاب القادمين من المناطق السوريّة البعيدة عن الجامعات المقبولين فيها".
وقال المصدر إنّ "السكن الجامعي ورغم كل سلبياته، يعتبر أرحم وأوفر بالنسبة للطلاب من أبناء الطبقة غير القادرة على الإيجار خارج نطاق السكن، فضلاً عن تبعيات الإيجار من ماء وكهرباء (أمبير) وموصلات".
"ثلاثية الفساد والمحسوبية والرشوة"
يعتبر السكن الجامعي في حلب، الذي يفترض أن يكون ملاذاً آمناً للطلاب القادمين من مناطق سوريّة مختلفة وبعيدة، بؤرة للفساد والمحسوبيات، فبعد فصل السكن وتحويله إلى مديرية مستقلة، أصبح مقسّماً بشكل غير عادل بين ثلاث فئات:
- "الاتحاد الوطني" لطلبة سوريا: يستحوذ على ثلث غرف السكن الجامعي، ويوزّعها على أنصاره ومقربيه، حيث يمنح كل طالب أو طالبة غرفة كاملة، بينما يضطر الطلاب الآخرون إلى الاكتظاظ في غرفٍ صغيرة.
وبحسب المصدر فإنّ "رئيس الاتحاد الوطني يمنح غرفاً إلى طالبة أو طالبتين مقابل تنازلات"، علماً أنّ الغرفة الواحدة (طول 4 أمتار بعرض 3 أمتار) تُمنح عادةً لـ5 طلاب وأكثر.
- "المفرّغون حزبياً وأمنياً": يحوزون ثلث الغرف أيضاً، ويتمتع هؤلاء بامتيازات خاصة، حيث يحصلون على غرفٍ بشكل تلقائي بوصفهم "مخبرين" للأفرع الأمنية، أو "فسافيس" كما يُطلق عليهم.
- "واسطات ورشى": الثلث الباقي من غرف السكن يُترك لِمَن لديه واسطة أو يستطيع دفع رشوة، حيث تُباع الغرف بأسعار خيالية تصل إلى 5 ملايين ليرة سورية.
وبذلك، يُحرم الطلاب، الذين لا يمتلكون أي من هذه الميزات من الحصول على سكن، خاصّة الطلاب من أبناء المناطق التي لا يسيطر عليها النظام في الشمال السوري.
رفض إيواء طلاب نازحين
تتعرّض فئة معينة من الطلاب في السكن الجامعي بحلب، لمزيد من التمييز والانتهاكات، وهم طلاب ينحدرون من المناطق التي تُعرف بـ"الساخنة"، وتحديداً أبناء إدلب والرقة وريف حلب.
وفي خطوة أثارت غضب الطلاب، رفضت إدارة السكن الجامعي في حلب إيواء طلاب من تلك المناطق، بعد انتهاء الامتحانات الدورة الفصلية الثانية، وتلقّوا إنذارات إخلاء دون توفير بديل لهم.
وعندما طالبوا بتوضيح، ردّت مديرة السكن (دارين كعدة)، بأنّ "طريق إدلب مفتوح -تهريباً- وعليهم العودة إلى هناك، بكلفة لا تتجاوز 300 دولار أميركي"، متهمةً أهلهم بأنّهم يعملون في "التهريب" لذلك يُمكنهم ذلك، متجاهلةً كلّ الصعوبات التي يواجهونها وأوضاعهم المعيشية المتردّية.
وحاول طلاّب من إدلب مراجعة رئيس جامعة حلب، محمد ماهر كرمان، وأمين فرع "حزب البعث" في الجامعة لؤي شاشاتي، عن سوء تصرف "كعدة" تجاههم، فكان الحل المُقترح بوضع كل 30 طالباً منهم في إحدى قاعات المطالعةـ، التي هي أقرب إلى "المهاجع"، وفق وصف المصدر.
وعندما تجمع الطلاب أمام إدارة السكن الجامعي معترضين على تلك الحلول، استعانت مديرة السكن "كعدة"، بقسم شرطة الشهباء، الذي احتجز العديد من الطلاب، في حين افترشت الطالبات النازحات المعترضات، أرصفة الشارع أمام مداخل وحدات السكن، دون أي مساعدة من قبل "اتحاد الطلبة".
أرقام كبيرة وظروف سكنية مزرية
رغم ممارسات التمييز بحق الطلاب، فإنّ الغرفة الواحدة في السكن الجامعي بمدينة حلب، تُباع بـ5 ملايين ليرة سورية، ويجب على الطالب دفع 30 ألف ليرة كوصل مغادرة، بالإضافة إلى دفع رشوة أخرى قدرها 30 ألف ليرة لإتمام عملية الدفع.
وعبر تعليقات على صفحات مرتبطة بالسكن الجامعي في حلب على "فيس بوك"، عبّر الكثير من الطلاب عن غضبهم واستيائهم من هذه الممارسات، مطالبين بوضع حد للفساد والمحسوبيات، وتوفير سكن مناسب لجميع الطلاب، خاصة النازحين.
يشار إلى أنّ فضلاً عن الفساد، يُعاني السكن الجامعي في حلب من ظروف مزرية، حيث المباني غير صالحة للسكن، والمرافق العامة متردية، باستثناء بعض الوحدات المخصّصة للمقرّبين من "اتحاد الطلبة" وجماعة "المحسوبيات والواسطات".