قال الدكتور عزمي بشارة مدير المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات: إن "المشترك الثقافي العربي" كان سببا في انتشار الثورات في الجسم العربي انطلاقا من تونس، مشيرا في الوقت نفسه إلى فروقات في بنية المجتمعات وبالأنظمة السلطوية العربية، والتي ظهرت من خلال تعاملها مع الثورات وخاصة في سوريا.
وأوضح "بشارة" في لقاء تفاعلي بثه التلفزيون العربي، أن حالة الدولة في تونس ومصر تختلف عنها في سوريا، حيث إن الإطاحة بالنظام في تونس ومصر لا تعني الإطاحة بالدولة، ولفت إلى أن المعارضة السورية نظرت إلى الأحداث في ليبيا، عندما حصل تدخل خارجي لمنع النظام الليبي من الذهاب بعيدا في استخدام العنف.
وتابع "حصل وهم في سوريا أن التدخل الذي حصل في ليبيا قد يحصل في سوريا وهذا كان وهما قاتلا، لأن أشكال التنظيم الأول للمعارضة السورية كان لديها رهان غير معلن، وكنا جميعا ندين العنف والطائفية والتدخل الخارجي منذ أن بدأت الثورة، وقد قلت ذلك في بداية الثورة إن العنف والطائفية والتدخل الخارجي سيضر بالثورة، نحن نعرف هشاشة تركيبة سوريا والدولة السورية، ومشكلة حدودها ومشكلة هويتها والمشكلة الطائفية موجودة وقائمة في العلاقة بين الشعب والنظام، وكانوا يعرفون (المعارضة) أن النظام سيذهب بعيدا في القمع، لديهم تجارب سابقة مجزرة حماة.. لذلك توقعوا تدخلا خارجيا، وحين أتى التدخل الأجنبي أتى لصالح النظام".
اقرأ أيضا: المركز العربي.. الشعبوية في أوروبا والعالم العربي:مقاربات مقارنة
ضرورة توافق القوى في سوريا
وحول إمكانية تواصل الدعم العسكري الروسي والإيراني للنظام، قال "بشارة": إن الدعم الإيراني والروسي هو دعم عسكري، وتابع "لاشيء يدوم إلى الأبد حتى بالنسبة لعائلة الأسد"، مشيرا إلى أن "النظام يفتقر للسيولة المادية وبالتالي يتفنن بإيجاد الطرق لنهب الناس سواء بتجديد جوازات السفر، أو من خلال الضغط على المتخلفين عن الخدمة العسكرية.. ليس لديه مصادر وما هو موجود الآن سيتوقف بسبب انعدام الطاقة، لن يكون في وسعه أن يقدم خدمات للناس".
ولفت "بشارة" إلى أن رفع العقوبات الدولية عن النظام يعيد الشرعية له، مؤكدا أن نظام الأسد "أخذ الشعب السوري رهينة"، معتبرا أن النظام لن تكون لديه القدرة على الصمود لمدة طويلة.
وشدد على أن "المشكلة الآن في أن عدد القوى المتورطة في الحياة السياسية السورية وعلى الأرض السورية عددها كبير، ولا يوجد توافق بينها على مستقبل سوريا وتم تحييد الشعب السوري".
اقرأ أيضا: نقد نظريات التحول الديمقراطي عند عزمي بشارة
الشعب السوري تحرر
أوضح "بشارة" في حديثه تعقيدات الوضع السوري، بسبب القوى الموجودة على الأرض لافتا في الوقت نفسه إلى أن الشعب السوري تحرر من الخوف وأصبح قادرا على الكلام بحرية.
وبشأن طبيعة االتدخل الروسي في سوريا قال: إن "روسيا تدعم النظام دعما مطلقا لكنها تنافق، أولا في التنسيق مع إسرائيل لتقصف الإيرانيين في سوريا، وفي نفس الوقت متحالفون مع إيران، وهو تحالف موضوعي لحماية النظام، القضية بالنسبة للروس جيواستراتيجية، يوجد عداء بين روسيا وتركيا في سوريا حيث تدعم تركيا المعارضة وتدعم روسيا النظام، ولكن في مناطق أخرى هناك تعاون بينهم، لذلك وضع سوريا وضع معقد جدا، لديك الولايات المتحدة وتركيا وإيران وروسيا على الأقل أربع قوى، مهم جدا أن يكون بينها حد أدنى من التفاهم حول مستقبل سوريا، الشعب السوري حيّد، حتى المعارضات السورية لم تبقَ معارضة.. المعارضة الوطنية المستقلة حيدت، الضوء الوحيد في آخر النفق هو أن الشعب السوري تحرر.. الإنسان السوري تحرر، وانفتحت الآفاق للتعليم أمام الذين خرجوا من سوريا وهم بالملايين، يوجد شتات سوري.. الأمل أن يصبح شتات سوري فاعل وأن يقيم ما يشبه منظمة أو مؤتمر وطني أو منظمة تحرير.. شيء جامع للسوريين قادر على طرح قضيتهم، برأيي الحل السياسي لا يجب أن ينتظر ويجب أن يستمر الضغط".
النظام لا يقبل الحلول
اقرأ أيضا: عزمي بشارة.. الشعبوية وأزمة الديمقراطيات الليبرالية المعاصرة
لفت "بشارة" أيضا إلى بعض "الطروحات" مؤخرا في الساحة السورية قائلاً "هناك أمور كثيرة مطروحة، البعض يطرح مجلسا عسكريا.. المشكلة ليست في طرح الحلول، المشكلة في أمرين أولا إجبار النظام أن يقبل بالحلول، النظام يوهم الناس أنه يفاوض هو يقضي الوقت، حتى في أستانا هو يفاوض إما لتحقيق إنجاز يعكس موازين القوى سياسيا وعسكريا لصالحه، أو لتضييع الوقت في أستانا استطاع تحقيق ذلك، أما اجتماعات اللجنة الدستورية فهي لتضييع الوقت، لأن ميزان القوى على الأرض لصالح النظام بسبب روسيا وإيران".
إذا لم تغير القوى الحليفة للشعب السوري بشكل ما ميزان القوى للضغط على النظام، فلن يقدم تنازلات، لن يقبل النظام بمجلس عسكري ولاحتى بانتخابات".