شهدت العاصمة الإيطالية روما، غزواً من نوع مختلف عن الغزوات التي تعرضت لها طوال تاريخها الممتد لأكثر من 2500 عام، حيث تواجه عاصمة الإمبراطورية الرومانية السابقة غزاة من "الخنازير البرية" روّعوها طوال العقد الماضي.
وقالت صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية، اليوم الإثنين، إن الخنازير "برزت كقوة من الفوضى لم يسلم منها حتى الفاتيكان" الصرح المقدس لدى مئات الملايين من المسيحيين الكاثوليك حول العالم.
مواجهة رسمية
ويبدو أن السلطات الإيطالية قررت مواجهة "الغزاة" مؤخراً، حيث بدأت عملية إعدام بسبب مخاوف من أن الخنازير البرية يمكن أن تنشر حمى الخنازير الأفريقية، غير الضارة بالبشر والحيوانات الأليفة، ولكنها قاتلة للخنازير التي تربى تجارياً.
ويدعم قطاع تربية الخنازير التجاري نحو 100 ألف وظيفة في البلاد، وقد دفع الخوف من الفيروس بالفعل العديد من البلدان، بما في ذلك الصين، إلى فرض حظر استيراد مكلف على لحم الخنزير الإيطالي.
وبدأت فرقة عمل حكومية أنشأت في آذار خططا لخفض عدد الخنازير في البلاد، إذ يُقدّر بعدة ملايين، بنسبة 50 في المئة بعد العثور على جثث مصابة بحمى الخنازير الأفريقية في شمال غربي إيطاليا في وقت سابق من هذا العام تليها حالات أحدث عهداً بما في ذلك في روما، ويمكن أن تكون الجهود المبذولة للقضاء على الفيروس معركة شاقة.
في المقابل، نقلت الصحيفة عن أنجيلو فيراري، الخبير المعين من الحكومة لمعالجة الأزمة، قوله إن "القضاء على المرض غير ممكن بدون تحقيق انخفاض قوي في عدد الخنازير"، لكن المشكلة كما يقول فيراي إن "هناك الكثير منها".
ومن شأن انتشار حمى الخنازير الأفريقية أن يعرض للخطر قطاعاً يحقق أكثر من 20 مليار دولار من الإيرادات السنوية، وفقاً للتقديرات الرسمية.
إعدام الخنازير
وحتى مع إعدام بعض الخنازير، يستمر بعضها الآخر في التكاثر ودخول روما عبر المحميات الطبيعية والحدائق التي تمتد في عمق المدينة، وتغريها فرصة تناول الطعام في القمامة.
وارتفعت أعداد الخنازير البرية في أوروبا بشكل حاد في العقود الأخيرة بسبب "مجموعة من العوامل" بما في ذلك ارتفاع معدلات التكاثر وعدم وجود حيوانات مفترسة كبيرة ، وفقاً للدراسات.
وقد ظهرت بشكل متزايد قرب الحدائق ومناطق الغابات في المراكز الحضرية مثل روما وبرلين وبرشلونة. ولفتت المشكلة الانتباه في جميع أرجاء العالم، وإن كانت قصيرة.
وسبق أن قالت المغنية شاكيرا إنها وابنها تعرّضا لزوج من الخنازير البرية في حديقة برشلونة في عام 2021، مبينة أن المخلوقات أمسكت بحقيبتها التي تحتوي على هاتفها المحمول وهربت إلى الغابة.
وتتضمن الخطة في روما، وفقاً لفيراري، السماح للفيروس بشق طريقه عبر أعداد الخنازير البرية داخل "منطقة حمراء" محددة بالقرب من وسط المدينة، مغلقة بشبكات وبوابات خاصة.
ولم يتم العثور على علاج أو لقاح حتى الآن لحمى الخنازير الأفريقية، التي تقتل 98 في المئة من الخنازير المصابة.
ولأن الفيروس يمكن أن يعيش على الأسطح، حتى في التربة، فقد ظهرت علامات حول منطقة مصابة في روما، غرب نهر التيبر، تطلب من زوار الحديقة تعقيم أحذيتهم بمجرد مغادرتهم.