كم تملك من مال في جيبك، أصبح العامل المتحكم في إتاحة التعليم الجامعي في سوريا، مع اشتداد وطأة الأزمة الاقتصادية والمعيشية في مناطق سيطرة النظام، والتي قطعت الطرق إلى الجامعات السورية.
85 في المئة من السوريين يعيشون تحت خط الفقر، بحسب الأمم المتحدة، في حين تصل الطبقة الغنية وأصحاب النفوذ والسلطة إلى الجامعات الخاصة والحكومية، على حساب الأغلبية المطلقة من السوريين الفقراء والشباب "العاطلين" عن التعليم الجامعي الذي أصبح مكلفا ومرهقا للعائلات السورية.
وقد نتج عن توقف بعض الجامعات السورية في سنوات الحرب تزاحم الطلاب في الجامعات الأخرى وبخاصة دمشق، كما التحق عدد آخر بأعمال تساعدهم في العيش وتكاليف الدراسة، في حين تحول البعض إلى الكليات النظرية التي لا تستلزم الحضور، حيث ارتفعت نسبة الغياب إلى 90% في الكليات النظرية، وانخفض معدل الطلاب الملتحقين بالسنة الأولى في الجامعات السورية من 32.4% عام 2010 إلى 18.7 عام 2015، وفق دراسة أعدها مركز حرمون.
تأسست في سوريا حتى اليوم 24 جامعة خاصة، تعود ملكية هذه الجامعات في مناطق دمشق إلى رؤساء مجالس وزراء سابقين من البعثيين ومن رجال أعمال، أما خارجها فإن ملكيتها تعود لأمراء الحرب والأثرياء الجدد.
الطريق طويل إلى الجامعة
عادة، ينتقل الطلاب السوريون للعيش في المدن الكبيرة قرب جامعاتهم، وهذا يعني وجود تكلفة للنقل ولإيجار شقة وللمعيشة اليومية، من دون حساب تكلفة الكتب والمحاضرات وغيرها من المستلزمات، التي تزيد أو تنقص بحسب الفرع الجامعي.
ويقول طالب من مدينة سلمية بريف حماة الشرقي لموقع تلفزيون سوريا (طلب عدم ذكر هويته) إنه ترك دراسته الجامعية في كلية الآداب بدمشق قسم الأدب العربي، لأن تكاليف المواصلات أصبحت مرهقة، موضحا أنه يحتاج شهريا مبلغ مليون ليرة سورية للمعيشة في دمشق، في حين يبلغ راتب والده 400 ألف ليرة فقط، ما دفعه للعمل في "مهنة طلاء المنازل".
طالب في جامعة دمشق: أحتاج شهريا مبلغ مليون ليرة سورية للمعيشة في دمشق، في حين يبلغ راتب والدي الموظف 400 ألف ليرة فقط
في الوقت نفسه يقول طالب آخر كان يدرس في كلية الزراعة التي افتتحت أخيرا في سلمية إنه "ترك الدراسة في السنة الثانية وهو يجمع النقود في محاولة يائسة للهجرة خارج سوريا، لأن الدراسة اليوم لم تعد مجدية ماديا، وكلفتها أكبر من فائدتها"، على حد تعبيره.
وفي خطوة لدعم الطلاب الجامعيين، حاولت مجموعة من اللاجئين السوريين في تركيا ودول أوروبية تأمين كلفة النقل للطلاب من مدنهم وبلداتهم إلى جامعاتهم من خلال إرسال مبالغ شهرية إلى طلاب فقراء في مدينة سلمية وحماة وحمص وحلب، في مؤشر إلى تردي الوضع الاقتصادي وتأثيره المباشر على التعليم الجامعي وتخلي الطلاب عن جامعاتهم.
إيقاف التسجيل الجامعي.. منحى تصاعدي
يقول مصدر خاص من وزارة التعليم في حكومة النظام السوري لموقع تلفزيون سوريا إن "أعداد طلاب الجامعات ممن تقدموا بطلبات إيقاف تسجيل تواصل منحاها التصاعدي مقارنة بالأعوام العشرة الأخيرة والتي بلغت ذروتها في العام الدراسي 2023-2024".
ويضيف قائلا "في السنوات الأولى التي تلت العام 2011 كانت الأعداد بالعشرات لكنها وصلت للمئات والآلاف خلال السنوات الأخيرة..".
وبلغ عدد الطلاب الذين تقدموا بطلبات إيقاف تسجيل في الجامعات السورية قرابة 12 ألف طالب عبر طلبات خطية أو وكالات خاصة لطلاب خارج القطر، وذلك منذ العام 2013 وحتى الفصل الأول من العام الدراسي 2023 -2024، بحسب المصدر.
مصدر في وزارة التعليم بحكومة النظام: 12 ألف طالب تقدموا بطلبات إيقاف تسجيل في الجامعات السورية منذ 2013، وتم فصل 7 آلاف طالب بسبب تجاوز مدة إيقاف التسجيل
ويتابع أنه "تم فصل قرابة 7 آلاف طالب بسبب تجاوز مدة إيقاف التسجيل عامين دراسيين فـي مرحلة الإجازة أي أربعة فصول دراسية فقط لا غير، وعاما دراسيا واحدا فـي دراسات التأهيل والتخصص والماجستير، وسنتين دراسيتين في مرحلة الدكتوراه".
ويقول طالب من مدينة السويداء جنوبي سوريا، (طلب عدم ذكر اسمه) إنه أوقف تسجيله في كلية الهندسة المدنية، بسبب تردي الوضع الاقتصادي الذي أجبره على البحث عن عمل يعيل به أهله، إضافة إلى جملة من الأسباب الأخرى.
وأوضح الطالب أن "أسعار المحاضرات ارتفعت بشكل كبير، بالإضافة للفساد الموجود داخل الكليات، حيث يضطر الطالب لتقديم الامتحان عدة مرات ليستطيع النجاح بالمادة"، مشيراً إلى أن "مزاجية دكتور المادة" تلعب دورا كبيرا، فهناك من يغير منهاج المادة كاملا، بالإضافة لسوء عملية التصحيح المرافقة للامتحان حيث يخرج الطالب وهو متأكد من نجاحه بالمادة، ليفاجأ برسوبه".
ويضيف؛ أن "راتب المهندس المتقاعد بعد 35 سنة خدمة في نقابة المهندسين، التي تعتبر قطاعا مشتركا لايتجاوز 60 ألف ليرة شهريا، وهو مايعادل ثمن 4 عبوات من المتة".
أما فيما يتعلق براتب المهندسين الموظفين في القطاع العام، يشير إلى أن "راتب المهندس المعين حديثا لايتجاوز 150 ألف ليرة سورية، وهو لا يكفيه إيجار مواصلات إذا كان من سكان القرى، أما راتب المهندس القديم فلا يتجاوز 350 ألف ليرة"، مضيفاً أن الوظيفة تقيد الموظف بساعات عمل طويلة، من أجل خدمة رؤوس الأموال على حد وصفه.
طالب من السويداء: راتب المهندس المعين حديثا لايتجاوز 150 ألف ليرة سورية، وهو لا يكفيه إيجار مواصلات
ويشير طالب آخر (طلب إخفاء اسمه لأسباب أمنية) وهو متوقف عن الدراسة في كلية العلوم بدمشق، إلى أنه توقف عن الدراسة نتيجة ظروف أسرته الاقتصادية، التي لا تستطيع تحمل أعباء الدراسة، ما دفعه لتعليق دراسته بهدف إعالة أسرته والعناية بوالده المسن المريض.
وأشار إلى أنه يمارس الأعمال الحرة لتأمين قوت يومهم وأن أجره بالكاد يكفي ثمن الطعام، معتبرا أنه "لا طائل حتى من الوظيفة إن أكمل دراسته، فراتبها لا يكفي ثمن 25 سندويشة فلافل، نافيا رغبته بمتابعة تحصيله العلمي مستقبلا".
وفي سياق الأزمة التي يمر بها الطلاب السوريون، فصلت الجامعات السورية، ولأسباب مختلفة، قرابة 9 آلاف طالب منذ العام 2013 وحتى الفصل الأول من العام الدراسي 2023 -2024 وتراوح الفصل بين نهائي وفصل لدورتين أو أربع دورات دراسية. ويوضح مصدر من وزارة التعليم العالي لموقع تلفزيون سوريا، أن "قوائم الطلاب الذين يتمّ فصلهم تأتي أولاً من مكتب الأمن الوطني إلى رئاسة الجامعة، ومن ثم تقوم رئاسة الجامعة بتنفيذ قرارات الفصل، حيث تجاوز عدد المفصولين فصلاً نهائياً 6 آلاف طالب، وعدد المفصولين لأربع دورات تجاوز ألفي طالب".
قوائم الطلاب الذين يتمّ فصلهم تأتي أولاً من مكتب الأمن الوطني إلى رئاسة الجامعة، ومن ثم تقوم رئاسة الجامعة بتنفيذ قرارات الفصل، حيث تجاوز عدد المفصولين فصلاً نهائياً 6 آلاف طالب
محمد الصغير طالب ماجستير في السنة التحضيرية بكلية الآداب قسم التاريخ في جامعة دمشق، اضطر عام 2019 لإيقاف تسجيله، بعد أن بات الوصول إلى الجامعة ضربا من الخيال لشاب هو المعيل الوحيد لوالدته ولخمس أخوة صغار.
يقول محمد لموقع تلفزيون سوريا: "باتت أجور المواصلات مرهقة للغاية حاولت إيقاف تسجيلي لمدة عام آملا أن تتحسن الظروف العامة إلا أنها ازدادت سوءا، فكان من المستحيل العودة إلى الدراسة بعد أن أصبحت القرطاسية حلم الطالب السوري".
ويتابع "خسرت اليوم دراستي، وآمل أن يعوضنا الله بإخوتي" يختم محمد كلامه.
مجلس التعليم العالي يرفض تمديد مدة إيقاف التسجيل
أكد مصدر في وزارة التعليم العالي لموقع تلفزيون سوريا أن القرارات الإدارية المرتبطة بإيقاف تسجيل الطلاب مجحفة في حقهم لا سيما في ظل الظروف الراهنة، مضيفا أنه كان لا بد من تعديلها بما يتماشى مع الوضع الراهن والظروف الاقتصادية الصعبة التي تمنع وصول الطلاب إلى مراكزهم التعليمية.
وأكد المصدر الذي فضل عدم الكشف عن اسمه أن "مطالبات كثيرة رفعت من داخل الوزارة لتمديد فترة إيقاف التسجيل إلا أن مجلس التعليم العالي رفضها بإملاء من مكتب التعليم القطري"، ويرجع المصدر سبب الرفض "إلى النية في الضغط على الطلاب وسوقهم إلى الخدمة العسكرية بعد استنفاذ سنوات دراستهم".
من الجامعات السورية إلى أربيل
إن الانهيار الاقتصادي في سوريا لم يساعد الطلاب الخارجين من التعليم في إيجاد عمل مناسب. ما دفع ذلك بكثيرين للهجرة إلى أربيل شمالي العراق عندما كان السفر إليها سهلا، أما اليوم ومع القرارات الجديدة المتعلقة بترحيل عدد من الفتيات والشبان السوريين من أربيل، وعدم تجديد الإقامات الممنوحة لهم، بحجة إتاحة فرص العمل للشباب المحليين، فحتى هذا الخيار أصبح صعبا ومتعذرا.
كريم الشيخ علي طالب سنة ثالثة في كلية الطب البشري بجامعة حماة، دفعته ظروف والدته الصحية للسفر إلى أربيل، بعد أن ساءت حالتها وأصابها الفشل الكلوي، فكان لزاما عليه البحث عن مصدر دخل لتأمين تكاليف العلاج وغسيل الكلى.
يصف كريم حالة القلق التي يعيشها "نظمت وكالة خاصة لأحد إخوتي بحيث يمكنه تجديد إيقاف التسجيل في الجامعة، هذا العام هو الأخير لي حيث لا يمكنني أن أمدد أكثر من سنتين، لكن ظروف والدتي الصحية تسوء، الظروف هنا في أربيل لا تنذر بخير كما أن العودة غير متاحة، أخشى أن أفقد عملي وكذلك دراستي".
مخاوف أمنية
في بلدة الحصن التي تتبع إداريا لناحية الناصرة في منطقة تلكلخ بمحافظة حمص، لا تزال المخاوف الأمنية تهيمن على حياة المدنيين.
فائق سليمان طالب في كلية الهندسة بجامعة البعث، تقدم بطلب لإيقاف تسجيله بعد أن أوقف الأمن العسكري أخاه على حاجز داخل مدينة حمص، ويفكر من جديد أن يمدد توقيف تسجيله، رغم المخاطرة بخسارة دراسته في حال استمر الوضع الأمني كما هو عليه، لكن الخشية من اعتقاله هو أيضا باتت تهيمن على تفكيره.
ماذا يعمل الطلاب السوريون؟
لم تكن البرامج التعليمية ملائمة لاحتياجات سوق العمل قبل 2011 وظل الوضع على حاله لاحقا، ويضيف مركز حرمون أن الطالب (المستفيد من العملية التعليمية) يرى أن عملية الانتقال إلى سوق العمل كانت تعرقلها الإجراءات الرسمية الروتينية بما في ذلك ضرورة الحصول على الموافقات الأمنية، وكانت فرص العمل نادرة في جميع مجالات العمل، إذ سعى الطلاب على الرغم من افتقارهم في كثير من الأحيان إلى المهارات اللازمة، إلى الحصول على وظائف خارج البلاد.
ويشير المركز إلى وجود انفصال مستمر بين الدراسة الأكاديمية والممارسات اليومية أو الأبحاث التطبيقية، فالطلاب غير مؤهلين للعمل وهذا يؤدي إلى عدم وجود موظفين مدربين كفاية لشغل الأدوار الوظيفية والمهنية الجديدة، ما يهدد بارتفاع معدل البطالة ونقص فرص العمل أو انعدام الأمن الغذائي حتى في مرحلة ما بعد الحرب.
يسهم الوضع الاقتصادي في تغيير البنية الاجتماعية للتعليم الجامعي، حيث لا يترك الطلاب الدراسة للانخراط في سوق العمل السورية "الواعدة"، فقد أفضت سنوات الحرب إلى انهيار الاقتصاد وتحول في طبيعة المهن المطلوبة، فبينما يعمل الشباب في قطاعات النقل والبيع والمهن الحرة تتجه الفتيات والنساء إلى أعمال ومهن غير مألوفة مثل تصنيع المنظفات وتقشير البطاطا وتغليف المواد الغذائية، دباغة الجلود وتصنيع الحقائب النسائية. وبسبب تغير البنية الاجتماعية للعمل والدارسة، أكد مسؤول في وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل بحكومة النظام السوري ارتفاع نسبة العاملات في البلاد، مؤكدا أنه مقابل كل رجل هناك 7 نساء في سوق العمل، مضيفا لموقع أثر برس المقرب من النظام أن النساء يشكلن نحو 85% من مجمل القوى العاملة في مناطق سيطرة النظام.
في أحد الأحياء الشعبية في اللاذقية، لن يثير دهشتك وجود شاب يبيع الفستق واللوز في دكان صغيرة، لكنك ستحزن عندما تعرف أن الشاب الذي يبيعك الموالح يومياً كان طالبا في كلية التجارة، وكان يدرس في الدكان ويتقاضى أجراً شهرياً لسد رمقه. مهند الشاب ذو 24 عاماً حاول جاهداً من أجل تجاوز امتحانات السنة الأخيرة عله يتخرج. فقد اضطر سابقاً لإيقاف تسجيله لعام كامل ليمارس عملين ويؤمن مصروف عائلته. في الآونة الأخيرة لم يعد مهند يعمل في الدكان، لأنه ترك العمل والجامعة وهاجر خارج البلاد. كما تقول مصادر محلية لموقع تلفزيون سوريا.
تواصل موقعنا مع مهند للاستفسار عن سبب تخليه عن شهادته ومستقبله وهو في السنة الأخيرة، فكان جوابه أن "شهادته في هذه البلاد لن تنفعه دون وساطة أو نقود، ولن يحصل على شهادته حتى يدفع مبالغ طائلة ليتخرج إثر خطأ تسببت فيه إحدى موظفات قسم الامتحانات". وبحسب قوله "في حال استطاع التخرج فسيساق للخدمة العسكرية فوراً فأين المستقبل في حال حدوث ذلك".
الدراسة للتأجيل العسكري
تختلف قصة مازن عن مهند، فهو يبلغ من العمر 23 عاماً، ومازال متمسكا بجامعته، لكنه لا يتقدم للامتحانات أبداً مثله مثل كثير من الشبان اليوم، فهم يسجلون في الجامعة فقط ليحصلوا على تأجيل دراسي للخدمة العسكرية الإلزامية. يدرس مازن في كلية الآداب وهو اليوم يعمل في أحد النوادي الرياضية كمدرب رياضي، بحسب قوله لموقع تلفزيون سوريا، فإن هذا العمل أفضل بكثير من عمله كمدرس لغة إنكليزية في حال استطاع التخرج. ويضيف أن مثل هذا العمل لا يحتاج لرأس مال فهو يمتلك جسدا رياضياً وما كان عليه سوى العمل في أحد النوادي وتدريب عدة شبان وشابات بشكل شخصي ولكن هذا شيء مؤقت فهو يعلم أنه سيضطر في النهاية للحصول على الشهادة بأية طريقة كانت وبعدها لديه خياران إما السفر أو الالتحاق بالخدمة العسكرية!.
ربيع طالب في كلية الهندسة الزراعية، كان يعمل بدوام جزئي إضافة لدراسته في الجامعة ولكنه اضطر "آسفاً" لترك الجامعة والعمل في أرض والده أو أراضٍ أخرى في قريته. وبحسب ربيع المعيشة غالية جداً وكلفة المواصلات يومياً تعادل نصف راتب والده التقاعدي عدا عن كلفة المحاضرات وفوق هذا كله عندما يتخرج من الجامعة سيتعين براتب مخجل لن يكفيه أسبوعا، كما يقول.
ربيع وحيد لأهله وهذا ما دفعه للعمل في القرية وعدم السفر خارج البلاد، وقد ساعدته طبيعة منطقته الزراعية قليلاً، إضافة إلى أن دراسته القليلة خدمته في تطوير عمله وهو "ليس بنادم على ترك الجامعة".
أما سامي فقد درس في المعهد التجاري، وخطط للانتهاء من الدراسة في وقت قصير وبعدها التقدم على وظيفة في أحد البنوك وتحصيل مبالغ إضافية زائدة عن راتبه أو الحصول على خبرة والسفر خارج سوريا كما فعل أخوه، لكنه فضل ترك المعهد وتعلم مهنة ميكانيك السيارات واحترافها، وبالنسبة لموضوع الخدمة العسكرية استطاع تأجيل خدمته لكونه المعيل الوحيد لوالديه بعد سفر كل أشقائه خارج سوريا.
يقول سامي لموقع تلفزيون سوريا، "درست الموضوع من ناحية اقتصادية ووجدت أن عملي في تصليح السيارات سيدر عليّ مالا أكثر مما سأجنيه من وظيفة في الدولة خاصة في ظل الغلاء الكبير وصعوبة تأمين متطلبات الحياة اليومية".
القتل المعرفي للسوريين
يواجه السويون اليوم وبعد سنوات من حرب النظام وحلفائه "ظلما معرفيا"، ربما سيتصدر العناوين لاحقا إلى جانب الحديث عن تحقيق العدالة على مستواها القانوني المرتبطة بالمجازر وعمليات القتل، للمطالبة بتحقيق "العدالة ضد الإبادة المعرفية"، والتي تنطوي على "القتل المعرفي": قتل المعرفة أو موتها أو تدميرها.
يتسع الظلم المعرفي يوما بعد يوم في سوريا، ولا يرتبط فقط بالفجوة مع دول الغرب "المركز"، بل يتعداه إلى فجوة بين أبناء البلد الواحد، بين من يملك مالا ليتعلم وبين من لا يملك سوى يديه ليعمل.