icon
التغطية الحية

طالب سري في جامعة إدلب.. رفيق درب الجولاني يستكمل دراسته

2024.06.21 | 06:14 دمشق

آخر تحديث: 21.06.2024 | 15:00 دمشق

صثق
كلية الهندسة المعمارية في جامعة إدلب
 تلفزيون سوريا - خاص
+A
حجم الخط
-A

لطالما ترددت التساؤلات همساً في زوايا قاعات وممرات كلية الهندسة المعمارية في جامعة إدلب عن ذلك الطالب السرّي والخفي، الذي تدور حوله هالة من الغموض، وعلامات استفهام حول هويته.

دوماً كان يتساءل طلاب السنوات الأخيرة في الكلية فيما بينهم عن زميلهم الذي لا يحضر محاضرات الكلية ذات الطبيعة العملية التطبيقية، والتي تحتاج لدوام يومي، وأيضاً عن هذا الزميل الذي لا يقدم الامتحانات معهم، بل في غرفة منفصلة وحده، وهو أيضاً زميلهم الطالب الذي لا وجود لاسمه في سجل الدوام في الكلية، ولا حتى في سجلات الدرجات التي تنشرها الكلية على قناة تليغرام عامة يتسنى للجميع الدخول ومعرفة درجات أي طالب في كلية الهندسة المعمارية في مادة ما.

كل تلك الاستفهامات كانت داخلية ضمن كلية الهندسة المعمارية في جامعة إدلب، أما خارج الكلية فكانت تطرح أسئلة أخرى، تتعلق بعبد الرزاق الحسين، عميد كلية الهندسة المعمارية، وعن سبب قوته.

الدكتور الحسين الذي كان المرشح الأول لرئاسة جامعة إدلب خلفاً لأحمد أبو حجر تعرض لهزة إعلامية كبيرة، بعد تكريمه ابنته في معرض هندسي نظمته جامعة إدلب، ابنته التي كانت تدرس الهندسة المعمارية في جامعة إيبلا في حلب، وعادت من مناطق سيطرة نظام الأسد قبل فترة قصيرة من تكريمها في "جامعة الثورة" أي جامعة إدلب كما يسميها البعض، تلك الهزة أبعدته عن الواجهة، فاستبعد من ترشيحه لرئاسة جامعة إدلب، كما أنه أبعد عن عمادة كلية الهندسة المعمارية لفترة قصيرة، ولو ظاهرياً فهو بقي العميد الفعلي خلال فترة تسيير أعمالها من قبل شخص آخر، لكن في بقاء الحسين عميداً للكلية وفي المكتب الهندسي لمعبر باب الهوى سر كبير، فهو لا يحمل فكر الهيئة وليس له أي قريب من المتنفذين فيها.

مصادر موقع تلفزيون سوريا كشفت سر بقاء وقوة عبد الرزاق الحسين وعلاقته بالطالب المجهول في الكلية، وهوية ذلك الطالب.

يقع مجمع الكليات الهندسية بعيداً عن مقر رئاسة جامعة إدلب والكليات الطبية وكلية التربية وكلية العلوم السياسية والإعلام، وهذه الكليات مركز ثقل الجامعة وتقع في منطقة أمنية محاطة بعدة وزارات وفروع أمنية، لكن كلية الهندسة المعمارية أجرت عدة امتحانات لدفعة خطاب في كلية العلوم السياسية والإعلام، ولم يكن يعرف الطلاب السبب وراء نقل مكان تقديم الامتحان خارج المجمع الهندسي، إلا أن مصادر موقع تلفزيون سوريا من داخل الجامعة أكدت في ذلك الوقت بأن تلك الخطوة كانت لأسباب أمنية تتعلق بسلامة شخص ما لم تسمه تلك المصادر.

في الوقت الحالي تقام الكثير من محاضرات الكلية داخل قاعات كلية العلوم السياسية القريبة منها، وخصصت بعض قاعات العلوم السياسية كقاعات رسم هندسي بسبب ضيق مساحة قاعات كلية الهندسة المعمارية وزيادة عدد الطلاب المستجدين في كل عام عن سابقه.

أكدت مصادر موقع تلفزيون سوريا بأن الطالب الخفي عن الأنظار وغير الموجود في السجلات المنشورة في الجامعة أنس حسان خطاب هو "أبو أحمد حدود" الرجل الثاني في هيئة تحرير الشام، ورفيق درب الجولاني في "المشروع الجهادي" في كل من العراق سابقاً وسوريا حالياً.

يتابع حدود المنحدر من مدينة جيرود في القلمون مواليد عام 1987 دراسة الهندسة المعمارية في جامعة إدلب بعد أن تركها في جامعة دمشق في عام 2008، عندما غادر سوريا إلى العراق "للجهاد ضد الاحتلال الأميركي" آنذاك، بعد ملاحقة الاستخبارات السورية لخلايا جهادية في القلمون كانت تربطه علاقات صداقة ببعض منتسبيها من أقرانه.

تقول مصادر موقع تلفزيون سوريا بأن حدود الذي حمل لفترة لقب "بدران" طالب فعلي في الجامعة، يحظى بمعاملة خاصة، فهو لا يحضر أي محاضرة على الرغم من أن جامعة إدلب وحتى في الكليات النظرية تفرض على الطالب تحقيق نسبة حضور لا تقل عن 70% للدخول إلى الامتحان العملي في أي مادة، كما أن درجات حدود لا تنشر في سجلات الدرجات، كما أنه وبحسب المصادر دخل ليكمل دراسته في السنة الدراسية الثالثة العام الماضي دون تقديم كشف علامات للجامعة عن المواد التي درسها سابقاً في دمشق، وفي إحدى المرات كان هناك مدرس جديد في الكلية لا يعرف هوية  حسان خطاب ومن يكون، ونتيجة تغيبه عن أحد الامتحانات العملية وضع له المدرس صفراً في المادة، قبل أن تتدخل عمادة الكلية وتطلب من المدرس إعادة الامتحان للطالب الذي قالت للمدرس إنه كان يمر بظروف قاسية وتقدم بأعذار مبررة لغيابه، وفيما بعد عرف المدرس من هو الطالب أنس خطاب وسار في عملية التعامل الخاصة معه كسائر المدرسين في الكلية.

لا يبدو أن حدود يهدف للحصول على شهادة فقط، ولو أراد ذلك لحققه بسهولة، في ظل هيمنة هيئة تحرير الشام على جامعة إدلب، إلا أنه يسعى ليكون مهندساً معمارياً في المستقبل، فهو يتابع دراسته الجامعية، يطبع المقررات الدراسية ويدرسها في المنزل ويقدم امتحاناته ويحصل على درجات متفاوتة، منها المتوسط ومنها الجيد ومنها الجيد جداً بحسب المصادر من داخل هيئة تحرير الشام.

وعلى الرغم من أن حدود لا يداوم في الكلية كبقية الطلاب، إلا أنه يدرس جميع المواد المتعلقة بفرعه العملي التطبيقي خارج الجامعة، حيث إن عبد الرزاق الحسين عميد كلية الهندسة المعمارية والعامل في المكتب الهندسي في معبر باب الهوى يشرف برفقة طاقمه الخاص من طلابه السابقين والعاملين حالياً في الكلية والمكتب الهندسي على تدريس وتدريب أبو أحمد حدود في منزله وفي المكتب الهندسي لمعبر باب الهوى، وهذا سر العلاقة ما بين عميد كلية الهندسة المعمارية عبد الرزاق الحسين وطالب الهندسة الخفي "أبو أحمد حدود"، وسر قوة الحسين الذي زاره الجولاني مع حدود في منزله للقول له إن مكانته محفوظة إثر إنهاء رئيس جامعة إدلب السابق أحمد أبو حجر تكليفه على خلفية الضجة الإعلامية التي أثارتها قضية تكريم ابنته العائدة من جامعات النظام مؤخراً في جامعة إدلب.

يعرف عن حدود أنه شخص يفضّل العمل في الظل، فحتى الآن لم تنشر له أي صورة، باستثناء صورة قديمة عندما كان صغيراً نشرها حساب "مزمجر الشام" على تويتر سابقاً، وتسلّم حدود مناصب حساسة منذ تشكيل "جبهة النصرة لأهل الشام" في سوريا وحتى الوقت الحالي، منها الإداري العام للجبهة سابقاً، ثم نائباً للجولاني ومسؤول الملف الأمني حالياً.

صنفته كل من الولايات المتحدة الأميركية والأمم المتحدة على لوائح الإرهاب الدولية في عامي 2012 و 2014 على الترتيب.

في طريق مختلف عن كثير من الشخصيات العاملة في هيئة تحرير الشام، والتي اتجهت لدراسة العلوم السياسية كقادة المفاصل أو الإدارية والاقتصادية كبقية المتنفذين في هيئة تحرير الشام، جنح "حدود" نحو الهندسة المعمارية، وهو ما يضع علامات تعجب للمتابع البعيد، إلا أن حديث المصادر عن طبيعة حدود وضعف شخصيته في المواجهة والحوار وغياب الكاريزما وميله للعمل في الظل والوجدانية والتخطيط المدروس للمستقبل، فهو الذي يصفه بعض المقربين بمهندس العمليات الأمنية، كل تلك الأسباب قد تكون وراء جنوح حدود لدراسة الهندسة المعمارية، الفرع الذي يتلاءم مع صفاته الشخصية.

أما من جهته فيرى الباحث المتخصص في الحركات الجهادية عبد الرحمن الحاج أن هناك جملة من الأسباب يمكن أن تكون وراء اتجاه حدود إلى دراسة الهندسة المعمارية، على رأس هذه الأسباب سعيه للحصول على إجازة جامعية، فهو يشغل منصبا كبيرا ويلعب دورا مهما دون أن يكون لديه مؤهلات تعليمية تعزز أهليته للمنصب القيادي الذي يشغله، كما أن خلفيته السابقة لكونه درس في كلية الهندسة في جامعة دمشق تلعب دوراً كبيراً، فقد يكون دافعه هو إكمال حلم أو اختصاص قديم، كما أن الأطباء والمهندسين لهم موقع قيادي في الحركات الجهادية، وهذا أيضاً يمكن أن يشكل سبباً إضافياً.

وأوضح الحاج أن الهندسة أو أي فرع آخر يمكن أن يكون بوابة لإكمال دراسات عليا في مجالات أخرى كالدراسات الأمنية أو السياسية، فحدود الذي قطع شوطاً في الهندسة سابقاً يعتبر هذا أقصر طريق بالنسبة له ويحقق له مكاسب في فروع وتخصصات عدة.

ويضيف الحاج بأن مستقبل المنطقة في نهاية المطاف سيؤول إلى إعادة الإعمار، والهندسة المعمارية ستكون أحد أبرز الاختصاصات عندما يحين ذلك الوقت، ولا يستبعد أن يكون أبو أحمد حدود يفكر بذلك أيضاً.

من هو "أبو أحمد حدود"؟

ينحدر أنس خطاب "أبو أحمد حدود" من مدينة جيرود في القلمون، وهو من مواليد عام 1987، وكان يدرس في جامعة دمشق في كلية الهندسة المعمارية، ثم غادر سوريا إلى العراق للقتال مع جماعات جهادية ضد القوات الأميركية، ثم انتسب إلى تنظيم القاعدة في العراق الذي تحول بدوره إلى تنظيم الدولة لاحقاً.

يظن البعض أن لقب "حدود" جاء بناء على تسلمه ملف أمن الحدود مع تركيا، وهذا الملف جزء من مجموع ملفات أمنية هندسها وأدارها الرجل، لكن اللقب جاء بناء على أحد المناصب التي تسلمها في تنظيم الدولة: "أمير الحدود مع سوريا".

و"حدود" متهم من قبل قيادات تنظيم حراس الدين، بأنه المسؤول عن اختطاف الصحفيين وتأسيس جهاز الأمن العام وسجن العقاب الذي كان يديره أبو يوسف حلفايا، و"حدود" الآمر الناهي فيما يتعلق بإدارة الملف الاقتصادي الذي كان يديره بالنيابة أبو عبد الرحمن الزربة.

وفي عام 2012 بايع "حدود" الجولاني وانضم لـ "جبهة النصرة"، وبعد قرار الجولاني باستئصال تنظيم "حراس الدين"، تروي حسابات من الأخير على وسائل التواصل الاجتماعي بأن بدران نجح باختراق تنظيمهم عبر عدد من الأمنيين، وهذا ما مكنه من معرفة المنازل الآمنة لعدد من القيادات وشن حملات دهم واعتقال بحقهم، في حين يتهمه حراس الدين بوقوفه وراء كل عمليات الاغتيال بالطائرات الأميركية المسيرة بحق الشخصيات الجهادية المرتبطة بتنظيم القاعدة في سوريا.

قصف مقره قرب مدينة معرة مصرين نهاية العام 2016، وتظهر ملامحه بشكل غير دقيق في تسجيل مصور لمحاولة استخراج المصابين بالقصف من تحت الأنقاض.