يحيط مشهدٌ سوداوي ومعقد بالاقتصاد اللبناني المتدهور، بالتوازي مع جدل سياسي يعرقل عمل مؤسسات الدولة، إلا أن أزمة اللاجئين في البلاد، يُعاد طرحها من قبل بعض المسؤولين، كشماعة لتبرير الفشل بحلّ الأزمات، ليبقى لبنان يتأرجح على حافة فشل اقتصادي كامل زادت حدته الحرب على قطاع غزة.
تتعمق الأزمة الاقتصادية في البلاد، وتتصاعد حملات التحريض على اللاجئين، وتتزايد الدعوات لترحيلهم وإعادتهم إلى بلادهم، لكن تلك الدعوات تتجاهل حجم تأثير اليد العاملة السورية على الاقتصاد اللبناني، لا سيما في قطاعات البناء والزراعة والأفران، والتي تتراوح نسبة السوريين فيها بين 75 و90 في المئة وفق تقديرات الخبراء، ما يعني أن رحيل السوريين سيكون له أثر سلبي ربما يشلّ الحركة في قطاعات اقتصادية مختلفة.
حالة اقتصادية مستعصية.. لا حلول في الأفق
قال وزير الاقتصاد في حكومة تصريف الأعمال اللبنانية، أمين سلام، إنّ الوضع الاقتصادي في لبنان يزداد سوءاً بشكل متسارع، مشبهاً إياه بكرة الثلج التي تكبر مع مرور الزمن نتيجة لعدم تنفيذ الإصلاحات اللازمة.
وأشار الوزير في لقاء على شاشة تلفزيون سوريا، إلى أن الأزمات المتتالية، بما في ذلك الحرب على لبنان وغزة، قد زادت من حدة التدهور الاقتصادي.
وخلال اللقاء ناقش سلام تأثير اللاجئين السوريين على الاقتصاد اللبناني، مبيناً أن تحميلهم المسؤولية الكاملة عن تدهور الأوضاع الاقتصادية في البلاد غير عادل.
وأوضح أن الانهيار الاقتصادي في لبنان يعود لعقود من الفساد وسوء الإدارة وهدر الأموال، مشدداً على أنه من المعيب إلقاء اللوم على اللاجئين السوريين وتحميلهم مسؤولية هذه الأزمة.
وانتقد الوزير حجم الدعم الدولي المقدم للبنان، قائلاً إنّ ما تم تقديمه لا يتجاوز 20 بالمئة من التكلفة الفعلية لما يحتاجه اللاجئون السوريون، مقدّراً حجم الأموال التي صرفها لبنان على هذا الملف بين 40 و60 مليار دولار.
وأوضح أن معظم الأموال التي قُدمت كانت لدعم اللاجئين بشكل مباشر وليس لدعم البنية التحتية اللبنانية، لافتاً إلى وجود فساد في إدارة هذه الأموال.
وأعرب سلام عن مخاوفه من تصاعد التوترات بين اللبنانيين والسوريين، كما حذّر من أن استمرار الوضع الحالي قد يؤدي إلى زيادة العنف بين الطرفين، مشدداً على ضرورة تحقيق الاستقرار الأمني والسياسي في فلسطين وسوريا كشرط أساسي لتحسين الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في لبنان.
وشدد على أن الحلول تتطلب جهوداً مشتركة من الداخل اللبناني والمجتمع الدولي لتحقيق الاستقرار الاقتصادي والأمني في لبنان والمنطقة، مضيفاً أن الأزمات الراهنة تستدعي تحركاً سريعاً لتجنب تفاقم الأوضاع.
يذكر أن إحصائيات صندوق النقد الأخيرة عن الوضع في لبنان، تشير إلى أن أكثر من 80 بالمئة من المقيمين في لبنان فقراء ومجبرون على تخفيض معدل استهلاك الغذاء والنفقات الصحية، مع الإشارة إلى أن الأسر السورية تضررت بشدة من جراء الأزمة الاقتصادية، إذ يعيش 9 من كل 10 سوريين تحت خط الفقر.