أكد سفير طهران في دمشق، مهدي سبحاني، أن "العلاقة بين إيران وسوريا علاقة استراتيجية، وآخذة بالتطور على مستويات عديدة"، مشيراً إلى أن بلاده "مستعدة لنقل خبرتها الطويلة في مواجهة العقوبات إلى سوريا".
وفي حديث مطوّل أجرته معه قناة "العالم" الإيرانية، قال سبحاني إن "العلاقات بين البلدين على مستوى عالٍ وممتاز، ويمكنني القول إن البلدين طالما دعم أحدهما الآخر في مختلف المحافل السياسية"، مضيفاً "نحن مصممون على ألا تقتصر علاقتنا المثالية على المستوى السياسي والاستراتيجي والعسكري فقط، بل أن تشمل أيضا القطاعات الاقتصادية والثقافية والاجتماعية والعلمية".
وأوضح السفير الإيراني أن بلاده "واجهت أبشع أنواع الحظر والضغوط الاقتصادية، كان أشدها في فترة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، ولذلك لدينا خبرة في التعامل مع أنواع الحظر والضغوط، ونحن على استعداد لنقل خبرتنا الطويلة في مواجهة الحظر إلى سوريا".
وأكد سبحاني على أن بلاده "ستبذل كل ما لديها لمساعدة سوريا، بما في ذلك المجال الاقتصادي"، مشيراً إلى أن "إيران مصممة على تحقيق إنجازات مهمة في فترة ما بعد الحرب، كتلك التي حققتها في أثناء فترة الحرب والمواجهة العسكرية".
وفي وقت سابق، قال وزير النفط الإيراني بيجان زنقنة إن"بلاده ستستخدم طرقاً غير تقليدية للالتفاف على العقوبات لبيع النفط، الذي يشكل المصدر الرئيس للعملات الصعبة".
يذكر أنه منتصف كانون الأول 2021، فرضت واشنطن عقوبات استهدفت فرداً وخمس شركات في الصين والإمارات العربية المتحدة، على خلفية صلتهم بمبيعات إيران من البتروكيماويات، ومساعدة طهران على التهرب من العقوبات.
كما فرضت واشنطن عقوبات ضد قطاع المصارف والطيران وشخصيات وكيانات إيرانية مرتبطة بميليشيا الحرس الثوري، والمرشد الأعلى في إيران على خامنئي.
37 أولوية اقتصادية أمام التجار الإيرانيين
وعن الإنجازات التي حققتها المعارض والوفود الإيرانية التي زارت سوريا، أوضح سبحاني أن 164 شركة إيرانية شاركت في المعرض الإيراني التخصصي الذي أقيم مؤخراً في سوريا، مشيراً إلى أن هدف إيران من المعرض "أن يطلع التاجر والمستثمر الإيراني على الوضع في سوريا، وأن يتأكد بأن الأمور باتت على ما يرام".
واعتبر أن "الأعداء يحاولون نقل صورة غير واقعية عن الوضع الأمني في سوريا، ويتداولون أخبارا مفبركة عن سوء الوضع الأمني، وتأتي الأعمال الإرهابية التي تمت في دمشق مؤخراً، علاوة على الاعتداءات الإسرائيلية بين الفينة والأخرى، من أجل إيصال رسالة بأن الأمن هش ولم يستتب بعد، في محاولة لإبعاد المستثمرين عن سوريا".
ووفق السفير الإيراني، فإن حكومة نظام الأسد "قدمت 37 أولوية، خلال مؤتمر حول الفرص التجارية والاقتصادية في سوريا، يمكن للتجار الإيرانيين الاستثمار فيها".
وأكد سبحاني على أن بلاده "تضع السكك لتساهم في تحريك عجلة الاقتصاد، وتحاول جاهدة أن تنشط في هذا المجال"، مضيفاً "نحن متفائلون جداً في المستقبل، ففي الأشهر التسعة الماضية شهدت العلاقات الاقتصادية بين البلدين تطوراً ملحوظاً تجاوز 90 %".
مشروع الربط السككي بانتظار تشكيل الحكومة العراقية
وفيما يتعلق بالتبادل التجاري بين دمشق وطهران، أوضح سبحاني أن "قطاع المواصلات أحد أبرز العوائق التي تواجهنا بسبب عدم وجود حدود مشتركة مع سوريا"، مشيراً إلى "ثلاثة طرق لإيصال البضائع الإيرانية إلى سوريا، الأول عن طريق الجو، وهو طريق مكلف وغير مجدٍ تجارياً، والثاني الطريق البحري من ميناء بندر عباس إلى ميناء اللاذقية، ويستغرق وقتاً طويلاً، والطريق الثالث هو البري عن طريق بغداد ومعبر البوكمال ثم إلى دير الزور فدمشق".
وكشف السفير الإيراني أن العراق وافق على قانون ترانزيت، موضحاً أن بلاده "تحاول حالياً التوقيع على معاهدة للتجارة بين البلدان الثلاثة، وأعتقد أن هذا الاتفاق سيتم بعد تشكيل الحكومة العراقية".
وعن موضوع الربط السككي بين إيران والعراق وسوريا، قال سبحاني إن "هناك بعض المباحثات تمت مع الطرف العراقي لربط سكك الحديد بين البلدين، وإذا ما تم هذا الأمر فإننا سنتصل بسكك الحديد في سوريا عبر السكك العراقية"، مضيفاً أن الربط السككي "سيكون له أثر إيجابي كبير على قطاع المواصلات ونقل البضائع والزوار من إيران إلى سوريا".
الحفاظ على نظام الأسد
ورداً على سؤال حول التنافس بين روسيا وإيران في سوريا، قال سبحاني إن البلدين "لديهما هدف مشترك في سوريا، والجميع يعلم أن إيران لديها رؤية مشتركة مع الروس حول مواجهة الإرهاب في سوريا".
وأكد على أنه "نتشارك مع الروس في ضرورة الحفاظ على نظام الحكم في سوريا، ونعتقد أنه لا بديل عن المنظومة السياسية الحالية في سوريا"، مشدداً على أن "إيران وروسيا لا يفرضان رؤيتهما على الشعب السوري".
وأضاف السفير الإيراني أن بلاده "تشترك مع روسيا في الكثير من القضايا التي تخص الوضع في سوريا، مثل ضرورة خروج القوات الأجنبية من سوريا، ومتفقون حول مخرجات لجنة كتابة الدستور"، مشيراً إلى أنه "قد نختلف مع الروس في بعض الأمور، فلكل طرف رؤيته ومصالحه الخاصة، لكن هذا لن يتحول إلى خلاف أو مواجهة".
وعن تطبيع بعض الدول العربية مع نظام الأسد، قال سبحاني إن "تنشيط العلاقات الخارجية لسوريا أحد أهم الأهداف الاستراتيجية لإيران، وانفتاح سوريا على بلدان العالم يضمن مصالح إيران".