البث المباشر
حكم القضاء الهولندي بطرد عائلة سوريّة من مركز لجوء في مدينة أمرسفورت وسط هولندا، ونصَّ قراره على أنّ مؤسسة إيواء اللاجئين "COA" لم تعد "ملزمة" باستقبال العائلة التي رفضت -لـ"أسباب صحية"- المنزل المُقدم لها.
وتتكون العائلة من أم لديها أربعة أبناء (ثلاثة منهم قاصرون وأصغرهم بعمر 10 سنوات)، حصلوا في الصيف الماضي على تصاريح الإقامة، ومنذ ذلك الحين وهم ينتظرون في مركز طالبي اللجوء بمدينة أمرسفورت، للحصول على منزل مناسب.
رفض لأسباب صحية ومطلب ليس "مستحيلا"
رفضت العائلة السورية المنزل الذي خصّصته لهم مؤسسة "كوا" في مدينة أوتريخت لأسباب صحيّة، حيث تعاني الزوجة من مرض السكري ومشكلات في المشي، إضافة إلى أن أحد أطفالها أصيب بأضرار في عينيه نتيجة سقوطه في سوريا، كما يعاني من فوبيا المرتفعات.
ولهذه الأسباب قالت العائلة: إنّ الشقة الموجودة في الطابق الرابع بمجمّع من دون مصعد غير مناسبة، مضيفةً أنّها تفضّل تخصيص شقة لها في الطابق الأرضي أو شقة في بناء يوجد فيه مصعد.
وتابعت: "ليس لدينا خيار الآن، علينا أن ننام في الشارع.. ما أطلبه ليس مستحيلاً في الحقيقة"، لكنّ القاضي لم يأخذ بتلك الأسباب.
وبحسب وسائل إعلام هولندية، فإنّ العائلة السوريّة أجابت بـ"لا" أربع مرات على الاستمارة، عندما سئلت عمّا إذا كانت هناك أي ظروف ينبغي أخذها في الاعتبار عند العثور على سكن، وبالتالي لم تكن مؤسسة "كوا" تعلم بأنّ الشقة لا تناسب ظروف العائلة الصحية.
ولكنّ العائلة السوريّة أكّدت أنّ "كوا" لم تسأل عن حالتهم الطبية خلال مقابلة السكن، وأنّ القاضي رأى أن هذا "غير صحيح"، وفق موقع "أر تي في أوتريخت" الهولندي.
ووقّعت العائلة على استمارة طلب السكن في أثناء المقابلة مع "كوا" وكان المترجم حاضراً، وفي وقت لاحق أكّدت "الرعاية الصحية" التي تهتم بطالبي اللجوء أنّ صعود السلالم لا يشكل عائقاً، بحسب صحيفة "ألخمين داخبلاد".
وأضافت الصحيفة، أنّه "لم يتم بعد ذلك تقديم أي مستندات تثبت عكس ذلك، لذلك، من حيث المبدأ، لم يكن على (كوا) أن تأخذ في الاعتبار إمكانية عرض منزل من طابق واحد".
"دفع تكاليف القضية أيضاً"
وخلص القاضي إلى أنّ مؤسسة "COA" عرضت السكن المناسب و"رغبات السكن الشخصية لا تلعب أي دور في اختيار المنزل"، وبناء على ذلك يجب أن تغادر العائلة السوريّة مركز طالبي اللجوء "رغم الوضع المزري الذي سيجد الأطفال القاصرون أنفسهم فيه، بسبب تلك القرارات".
ولأنّ المحكمة حكمت لصالح "كوا"، فإنّه يجب على العائلة السوريّة اللاجئة أيضاً، دفع التكاليف القانونية التي تزيد على 1700 يورو، مع الأخذ بعين الاعتبار أنّه لا يوجد بروتوكول ثابت لهذه الأنواع من القضايا في بلدية أمرسفورت، لأنّه من النادر جداً ألا تقبل عائلة من مركز طالبي اللجوء منزلاً وتضطر إلى المغادرة.
وقال بروجت جرونيفيلد -المتحدث باسم البلدية- إنّها مسألة "معقّدة للغاية"، مضيفاً: "من المؤكد أن وضع العائلة يحظى باهتمامنا، وذلك بسبب وجود الأطفال أيضاً، ولخصوصية القضية لا يمكننا الخوض في التفاصيل، لكننا نعمل مع المنظمات لحل المشكلة.. لن يتضح اليوم كيف سيتم حل المشكلة، نحن نبحث في كل شيء ممكن".
"البحث عن حل"
من جانبها تقول مؤسسة "كوا" إنها لن تسمح أبداً بترك العائلة في محطة الحافلات أو محطة القطارات، مضيفاً المتحدث باسمها: "وضعهم في الشارع أمر غير إنساني".
وتابع: "يحدث أحياناً في هولندا أن يرفض شخص ما الحصول على منزل، ولم يعد بإمكاننا توفير المأوى.. لكن نعمل بالتشاور مع البلدية أو منظمات الإغاثة، حتى نعرف أنه يمكن للعائلة الذهاب إلى مكان ما بشكل مؤقت حتى يتم العثور على حل نهائي".
ولا يوجد حالياً طرد للعائلة السورية، لأنّ ذلك لا يمكن تحقيقه إلا بعد سبعة أيام من صدور القرار، وقال المتحدث باسم "COA": "في تلك اللحظة، يكون لهم أيضاً الحرية في الذهاب إلى أي مكان يريدون".
بدورها، تقول منظمة مساعدة اللاجئين، إنّها لا تستطيع الإدلاء بأي تصريحات حول حالات محددة، وبالتالي لا تريد أن تقول أي شيء عما سيحدث للعائلة السورية وما إذا كانت المنظمة قادرة على فعل أي شيء لهؤلاء الأشخاص.
وقالت المسؤولة الصحفية أنهيلا أليكوفيتش: "رفض السكن نادراً ما يحدث.. في عام 2023، لم تكن هناك سوى 22 حالة في هولندا، بالتالي فإنه يحدث أحياناً، وغالباً ما يتضمن مواقف محددة جداً لا يمكن تقديم إجابة جاهزة لها.. ومن المفهوم أيضاً أن هناك تطبيقاً صارماً لرفض السكن بسبب قلة المساكن في سوق الإسكان".
وليس لدى منظمة مساعدة اللاجئين أي فكرة عن المكان الذي سينتهي به مَن يرفض المنزل الذي يُعرض عليه من "كوا"، وقالت المتحدثة: "إذا كان شخص ما يفكّر في رفض المنزل، فإننا نتأكد دائماً من أنه على علم جيد بالعواقب".
وأضافت أنّه "إذا فقد شخص ما حقه في السكن بهذه الطريقة، فلا يمكننا تغيير ذلك.. ولأنه يحدث في بعض الأحيان، ليس لدينا فكرة عامة عن المكان الذي ينتهي به الأمر لشخص ما.. لكن قد يضطر رافضو السكن للجوء إلى ملاجئ المشرّدين".
وبحسب ما ذكرت وسائل إعلام هولندية فقد كانت هناك مشكلة مماثلة، أواخر العام الفائت، وقد غادر اثنان من حاملي الإقامة مركز طالبي اللجوء طوعاً.
يشار إلى أنّ عدد اللاجئين السوريين في هولندا يقدّر بأكثر من 150 ألفاً، حصل كثير منهم على الجنسية الهولندية في حين ينتظر البقية الحصول عليها بعد استيفاء الشروط اللازمة.
