تعد مذكرات التوقيف الدولية التي أصدرها القضاء الفرنسي قبل أيام، بحق ثلاثة من مهندسي الإجرام المحلي والدولي التابعين للأسد، "اللواء علي مملوك – اللواء جميل الحسن، والعميد عبد السلام محمود"، خطوة أولى من نوعها منذ انطلاقة الثورة السورية، بعد اتهامهم بتنفيذ جرائم ضد الإنسانية، وجرائم حرب، رغم حصول حالات مشابهة سابقاً، ولكن جل الوسائل الإعلامية ركزت تغطيتها على الصندوق الأسود لبشار الأسد، "علي مملوك"، دون بقية الضباط المشمولة بمذكرات التوقيف.
يتمحور الحدث الملفت في المذكرات الدولية، حول اسم جديد ضمن القائمة الدولية، شخصية قد لا يعرفها الكثيرون، وفي أحسن الأحوال لديهم معلومات عامة تجاهها - رئيس فرع التحقيق في الاستخبارات الجوية "عبد السلام محمود" - الذي يدير أخطر التنظيمات الإجرامية في سوريا، ويتمتع بصلاحيات دولية ومحلية غير محدودة.
يتمحور الحدث الملفت في المذكرات الدولية، حول اسم جديد ضمن القائمة الدولية، شخصية قد لا يعرفها الكثيرون، وفي أحسن الأحوال لديهم معلومات عامة تجاهها - رئيس فرع التحقيق في الاستخبارات الجوية "عبد السلام محمود"
حضور رئيس فرع التحقيق ضمن مذكرات التوقيف الدولية، لا يحجم الأهمية الكبيرة لبقية أفراد قائمة المطلوبين، فرئيس مكتب الأمن القومي "علي مملوك"، يعتبر مقبرة أسرار هذا النظام وتحالفاته الدولية مع روسيا وإيران، وهو مهندس التشيع الإيراني في البلاد، بالإضافة إلى الملفات المحلية التي يديرها منذ زمن طويل، وكذلك رئيس إدارة الاستخبارات الجوية في سوريا "جميل الحسن"، الذي يدير لعقود ملفاً من أخطر الملفات في البلاد، كتحصين دمشق بحزام طائفي علوي، والعديد من المهام الأخرى.
العميد "عبد السلام محمود"، وهو ضابط شيعي ينحدر من بلدة "الفوعة" في ريف إدلب شمال البلاد، قبل انطلاقة الثورة السورية بفترة وجيزة، كان يلملم أمتعته ويتحضر للعودة إلى منزله، بعد استنفاذه لكافة سنوات الخدمة كـ "عقيد"، وقتذاك كان كل من حوله ينتظر قرار تسريحه، ولكن بين ليلة وضحاها، انقلبت الآية، وجاء قرار ترفيعه إلى رتبة عميد في المخابرات الجوية، وتكليفه بقيادة فرع التحقيق، بشكل مفاجئ!
آنذاك، العقيد "عبد السلام محمود" حصل على شهادة ماجستير في الحقوق من لبنان بمساعدة حزب الله الذي وفر له المعطيات المطلوبة وفق ما رسم له، ليتناسب تحصيله العلمي مع المهمة الجديدة التي ستوكل إليه في الاستخبارات الجوية، حيث رُفع على إثرها إلى رتبة "عميد" منحته مرتبة جديدة وفتح قناة مباشرة مع بشار الأسد، يرسل ويستقبل من خلالها ملفات خاصة، دون أن تمر تلك الملفات عبر القنوات الرسمية المتمثلة بمكتب اللواء "جميل حسن"، ومن عند هذه النقطة حظي العميد بأهمية معينة وأدوار خاصة، أنتجت له كياناً مستقلاً مع الأسد دون العودة إلى رئيس إدارة الاستخبارات الجوية في سوريا.
العميد "عبد السلام محمود"، وهو ضابط شيعي ينحدر من بلدة "الفوعة" في ريف إدلب شمال البلاد، حصل على شهادة ماجستير في الحقوق من لبنان بمساعدة حزب الله
يحظى العميد "عبد السلام محمود" على مزايا رفيعة نظراً لما يملكه من ملفات، ولكن جوهر الوظيفة يعود إلى شغله منصب رجل إيران وحزب الله الخفي، فهو المسؤول عن تمرير مشاريعهم الحساسة إلى مراكز صناعة القرار، ويديرون من خلاله الملفات الداخلية الخاصة، وصولاً إلى الفرعية المرتبطة بإيران ويتلقفون من خلاله أدق التفاصيل، كما تضاعفت أهمية المسؤول الأمني بعد اندلاع الثورة في البلاد ضد النظام السوري، باعتباره أحد أركان الحرب.
أما على صعيد، الانتهاكات التي كان يمارسها رئيس فرع التحقيق في الاستخبارات الجوية قبل الثورة، فكانت "مروعة وإرهابية"، وفق شهادات المعتقلين السوريين، بما فيهم السيدات، فقد ذكر لنا أحدهم، بأن العميد، كان يشرف بنفسه على أعمال تعذيب السوريات، فيعري النساء، ويجبرهن على ارتداء البنطال العسكري، وبعدها يسكب الماء عليه، ويجلسها بالقوة على "السخانة الكهربائية" التي تستخدم في غلي الماء المخصص لشربه المتة!
الدول الكبرى بأوروبييها مع الأمريكان يمتلكون حزمات محورية من المعلومات الدقيقة حول ما يجري داخل هذه المنظومة وصولاً لإيران
كما يمكن تصنيف حضور اسم ومنصب العميد عبد السلام، ضمن مذكرات التوقيف الدولية الصادرة مؤخراً، كرسالة شديدة اللهجة للحلقة الضيقة التي يدير ويدار عبرها النظام في سوريا، وبأن الدول الكبرى بأوروبييها مع الأمريكان يمتلكون حزمات محورية من المعلومات الدقيقة حول ما يجري داخل هذه المنظومة وصولاً لإيران، وكذلك يمكن تصنيفها ضمن دائرة العقوبات الدولية المتخذة مؤخراً ضد الوجود الإيراني في سوريا.