أعد قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في المجلس الأعلى للأمن القومي (شعام) توصية حول الديون الإيرانية على النظام السوري بدءًا من عام 2011 حيث وقعت اتفاقية مع الإيرانيين بهذا الخصوص (الأطراف الموقعة على هذه الاتفاقية غير واضحة).
ومع تزايد العقوبات الأوروبية أو الأميركية التي استهدفت إضعاف قدرة القمع واستخدام أسلحة الجيش، اتفق الأسد مع الإيرانيين نهاية عام 2011 على تدشين خط ائتماني ووقعت عقود لاستيراد المشتقات النفطية لأول مرة في تموز/ يوليو 2012 في عهد حكومة رياض حجاب. وفي مطلع 2013 وقعت عقود في خط ائتمان قيمته 3.6 مليارات دولار لتوريد المشتقات النفطية.
وبحسب وكالة سانا، فقد وقع الاتفاق حاكم مصرف سورية المركزي، أديب ميالة (في ذلك الوقت)، وعن الجانب الإيراني محمود بهمني محافظ البنك المركزي الإيراني، ويتضمن "تسديد الجانب السوري قيمة النفط المورد عبر الخط الذي يتم توريده من إيران عن طريق استثمارات إيرانية في سوريا في مجالات مختلفة".
وفي نهاية عام 2015 تم توقيع اتفاقية جديدة للتعاون الاقتصادي المشترك، وبعد سقوط مدينة حلب تم بموجب هذه الاتفاقية توقيع خمس اتفاقيات فرعية في منتصف شهر كانون الثاني/ يناير عام 2017 في العاصمة الإيرانية طهران، وقعها من الجانب السوري عماد خميس (رئيس وزراء النظام) وإسحاق جهانغيري (النائب الأول للرئيس الإيراني). وبحسب وكالة سانا فقد شملت هذه الاتفاقات مجالات الزراعة والثروة الحيوانية والصناعة والنفط والاتصالات (مشغل خلوي).
وفي شباط/ فبراير من عام 2017 وقع النظام السوري اتفاقية خطيرة للغاية وهي اتفاقية التعاون الاقتصادي الاستراتيجي وطويل الأمد لسوريا"، مقابل الحصول على النفط من إيران بشكل منتظم، وتضمن الاتفاقية بنودًا سرية تتعلق على الأغلب بديون الإمدادات العسكرية وطرق السداد، أدت بنظام الأسد -بحسب الوثيقة الإيرانية المسربة- إلى حجبها والمماطلة فيها لأنها تتطلب موافقة مجلس الشعب بحسب الطلب الإيراني وهو ما يعني كشف بنودها، وكذلك فعل المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني.
لم تتضح هذه البنود السرية بعد، ولكن كشفها تصريح مفاجئ (أقرب ما يكون إلى زلة لسان) لوزير الطرق وبناء المدن الإيراني مهرداد بزرباش أثناء رئاسته لجنة فنية للمحادثات مع النظام بشأن سداد الديون الإيرانية وتنفيذ اتفاقية 2017 تمهيدًا لزيارة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، إذا قال بزرباش إن هناك اتفاقا سابقا يتم بموجبه منحُ الإيرانيين أراضيَ سوريّةً مقابل الديون، ومن الواضح أن هذا أحد البنود السرية في الاتفاق.
تكشف هذه الوثيقة سبب الأزمة في إمدادات الوقود والمشتقات النفطية في عام 2022، فقد كانت توصية لمجلس الأمن القومي يتم تنفيذها للضغط على النظام السوري بهدف سداد ديونه وتنفيذ الاتفاقات. وبيّنت الوثيقة أن مجموع الديون السورية النفطية لإيران بلغت نحو 11 مليار دولار عام 2019، ولكن مجموع مجمل الديون الإيرانية خلال تلك الفترة بلغ نحو 50 ملياراً، تشمل التكاليف العسكرية التي صرفتها إيران لتثبيت ودعم النظام في سوريا بالسلاح والمقاتلين؛ خلافًا لما كانت التخمينات شبه الرسمية التي تصدر عن المسؤولين الإيرانيين بشأن الديون السورية عام 2020 والتي قدرتها بـ33 مليار دولار. وتؤكد الوثيقة أن الأرقام المذكورة فيها غير نهائية وإنما هي أولية ولا يزال العمل عليها جاريًا من قبل شركة الاستثمار الأجنبي الإيرانية الرسمية لتحديد الأرقام النهائية.
أخيرًا، تشتمل الوثيقة على توصيات من الدائرة الثانية في قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بشأن كيفية سداد الديون والمخاطر المحيطة بها في حال تم عزل رئيس النظام من منصبه لسبب ما، وإلا فالديون الإيرانية ستضيع ولن يكون بالإمكان استردادها ما لم تتم الموافقة عليها من قبل "مجلس الشعب السوري" والبرلمان الإيراني، وهو أمر لم يحدث حتى تاريخ كتابة الوثيقة.
ما مضمون الوثيقة؟
وفيما يلي نص الوثيقة الإيرانية المذكورة والتي سربتها مجموعة إيرانية تتبع لـ "مجاهدي خلق" وتطلق على نفسها اسم "الانتفاضة حتى الإطاحة" (بالنظام الإيراني)، مع وثائق أخرى:
25-7-1400 (2021/10/17)- مراجعة المطالب السورية في اجتماع المجلس الأعلى للأمن القومي.
"في شباط 2017، وقع رئيس وزراء النظام السوري "اتفاقية التعاون الاقتصادي الاستراتيجي طويل الأمد لسوريا"، من أجل الحصول على النفط بشكل منتظم. ونسي الجانب السوري عن عمد هذه الاتفاقية ولم يتم الانتهاء منها (التصديق عليها) في مجلس الشعب. من جهة أخرى، لم يرسل المجلس الأعلى للأمن القومي أوراق الاتفاقية إلى مجلس الشورى الإيراني للتصديق عليها لكونها تحتوي على بعض البنود السرية.
في الأشهر الستة الأولى من عام 2020، تم إرسال مليون برميل من النفط إلى سوريا شهريًا، ولكن الجانب السوري كان يطلب مليوني برميل شهريًا للنصف الثاني من ذلك العام. وقد اقترح اللواء سلامي على المجلس الأعلى للأمن القومي رقم 1.5 مليون برميل شهريًا بناء على طلب اللواء قاآني (وهذا يكون فعليًا 10.5 ملايين برميل للنصف الثاني من عام 2020). والذي من المفترض أن يوافق عليه مجلس الأمن القومي".
الاعتبارات:
- "اتفاقية تعاون اقتصادي استراتيجي وطويل الأمد بين إيران وسوريا، التي وقعها النائب الأول لرئيس الجمهورية من جهة ورئيس الوزراء السوري آنذاك من جهة أخرى، في شباط 2017، لغرض إتمام الاتفاقية الأولى (2011) وترتيب الأثر القانوني الكامل عليها وجميع الاتفاقيات الموقعة بين البلدين. ووفقاً للآلية القانونية الدولية الواردة فيها، تجعل من الممكن الدفاع عن حقوق بلدنا في مراكز التقاضي الدولية. وطالما لم تتم الموافقة على هذه الاتفاقية من قبل برلمان البلدين، فلن يكون من الممكن إنفاذها في مراكز التقاضي الدولية".
- "من عام 2011 إلى عام 2019 أرسل (نبايان) نفطًا بقيمة تزيد على 11 مليار دولار، لهذا البلد على شكل خطة ربيع (مساعدات لسوريا). في الوقت الحالي، وفقًا لتصريحات المدير العام (IFIC) لشركة الاستثمار الأجنبي الإيرانية (المسؤول عن حساب الأرقام)، ومع الأخذ في الاعتبار المساعدات العسكرية والنقدية الأخرى، وما إلى ذلك، يقدر المبلغ الإجمالي للديون السورية بـنحو 50 مليار دولار (ما تزال في طور استخراج الرقم النهائي للديون).
- "يبدو من المناسب ممارسة الضغط على سوريا من خلال عدم إرسال النفط إلى ذلك البلد، كما في سيرة (الشهيد سليماني)، لبعض الأغراض المنشودة، لذلك يشار إلى أن استمرار تزويد سوريا بالنفط مرهون بموافقة الدولة على الاتفاق سالف الذكر مع التنويه إلى أنه يجب الإفراج عن اتفاقية الموافقة على توريد النفط".
- "الفترة الرئاسية الجديدة للسيد بشار الأسد حساسة للغاية وقد يتم عزله من منصبه لأي سبب من الأسباب، وإذا لم يتم الانتهاء من هذه الاتفاقية المذكورة أعلاه مع سوريا، فستكون مليارات الدولارات التي تعود ملكيتها للبلاد في خطر جسيم".
- "من أجل الاستفادة بشكل أكبر من سداد ديون الحكومة السورية (وفقًا للخطة الواردة في اتفاقية 2011)، تلقى (خاتم وإفيق) اعتمادًا بقيمة 400 مليون دولار من المرشد الأعلى، ومن المحتمل أن يزداد هذا الطلب إلى 1.6 مليار دولار".
أعدّ الوثيقة: الدائرة الثانية للشرق الأوسط وشمال إفريقيا- مهر (شهر) 2020.