نشر "المركز السوري للعدالة والمساءلة" تقريراً بعنوان "دمار لم يُعهد من قبل"، تحدث فيه عن استخدام قوات النظام السوري لكاسحات الألغام من طراز UR-77 لتدمير المناطق المدنية والقضاء على البنية التحتية الحيوية كاملة بشكل متعمد.
وجاء في التقرير الصادر اليوم الخميس 30 آذار، والذي حصل موقع تلفزيون سوريا على نسخة منه، أن قوات النظام السوري استخدمت أسلحة من طراز UR-77 وطرازات أخرى على شاكلتها كمحاولة لاستعادة المناطق الواقعة تحت سيطرة المعارضة في كل من مناطق القابون، وجوبر، وحرستا، ومخيم اليرموك بين عامي 2014 و2019.
وتمكن فريق محققي "المركز السوري للعدالة والمساءلة" من تحديد أكثر من 30 واقعة استخدمت فيها قوات النظام السوري الأسلحة من طرازي 77-UR و UR-83P.
وحرص التقرير على إبراز أهم أربع وقائع تنطوي على أدلة ملموسة من خلال تعزيز التثبت من تفاصيل كل واقعة باستخدام أدوات تحديد المواقع الجغرافية، وصور الأقمار الصناعية، وإفادات الشهود الموثقة، والمقاطع المصورة الترويجية من تصوير قوات النظام السوري نفسها.
كما تحققت فرق المركز من وجود مدنيين في كل واقعة هجوم بالاعتماد على وسائل التواصل الاجتماعي، والتغطية الإخبارية، وتقارير الأمم المتحدة ذات الصلة.
ورجَّحت مجموعة هولندية معنية بالتحقيقات المفتوحة المصدر أن تكون روسيا أو بيلاروسيا قد باعتا المركبات من طراز UR-77 لقوات النظام التي استخدمتها بدورها، لبسط سيطرتها على المناطق الواقعة تحت سيطرة المعارضة في جوبر، والقضاء على قوات المعارضة لتحقيق هدف استراتيجي بالحيلولة دون وصولها إلى دمشق.
وكان الأثر الارتجاجي الناجم عن الضربات شيئاً لم يعهده الناجون من قبل، حيث أضحت شوارع بكاملها أنقاضاً، وكان من شبه المستحيل تحديد عدد الضحايا الذين قُتلوا من جراء استخدام هذه الأسلحة بسبب الطبيعة العشوائية لتلك الهجمات، إذ استُخدمت هذه الأسلحة ضمن حملة واسعة النطاق لاستعادة المناطق التي تسيطر عليها المعارضة، وإجبار الآلاف من السكان على النزوح قسرًا. وبعد مرور سنوات على تدمير أحياء بالكامل من جراء استخدام تلك المركبات، لا يزال سكانها غير قادرين على العودة إلى أحيائهم لأنها لم تعد تصلح للسكن.
ما هي أسلحة كاسحات الألغام؟
تعرف هذه المركبة باسم Meteorit (UR-77)، وهي مركبة ذاتية الدفع تقذف محركات صاروخية تحمل شحنتين خطّيتين متفجرتين لإزالة الألغام.
وثمة طراز بديل من السلاح يُطلق عليه اسم (UR-83P)، وهو طراز قابل للنقل ويمكن تركيبه على عربة.
وصُمم الطرازان لإزالة الألغام الأرضية، أو الفخاخ المتفجرة، والعبوات الناسفة المصنعة يدويًا، وذلك عن طريق إطلاق محرك صاروخي باتجاه حقل الألغام من مسافة تصل إلى 500 متر كحد أقصى.
ويتم ربط المحرك الصاروخي بشحنة خطية متفجرة تتألف من خرطوم بداخله مواد متفجرة (الخراطيم المتفجرة) يصل وزنها إلى طن واحد تقريبًا.
وتتسبب الشحنة بحدوث انفجار يولد موجة صدمة قوية تكفي لتدمير أو تعطيل صواعق التفجير في الألغام الأرضية، مما يؤدي إلى فتح مسار خالٍ من المتفجرات بعرض 6 أمتار وبطول يتراوح ما بين 80 و90 متراً تقريباً.
ورغم أن الغرض من استخدام هذا النوع من الأسلحة هو إزالة الألغام، فإن مقاطع الفيديو تُظهر بشكل واضح أن روسيا وسوريا قد استخدمتا هذه الأسلحة لقتل المدنيين أيضًا، وإلحاق دمار هائل بمساحات شاسعة من الأراضي، وتدمير البنى التحتية الحيوية.
الملاجئ هي الأكثر استهدافاً
وقال أحد الشهود من مخيم اليرموك في مقابلة أجراها المركز معه إنه "من الواضح أن النظام لم يُلق بالاً لمسألة التحقق من طبيعة الهدف قبل استهدافه، بل كان مهتماً باستهداف المكان الذي يتم رصد الحركة فيه، ولذلك كانت الملاجئ أكثر النقاط استهدافاً، حيث قصف كثيرٌ منها أو ظلوا عالقين فيها بانتظار مصيرهم المحتوم".
وتمثل الهجمات التي يوثقها التقرير غيضاً من فيض الاعتداءات والهجمات التي شنتها قوات النظام، ويصعب تحديد العدد الدقيق للقتلى والمصابين نظراً للطبيعة العشوائية التي تغلب على طريقة استخدام أسلحة إزالة الألغام.
كما أن استخدام هذين الطرازين من الأسلحة من أجل إلحاق الضرر بالمدنيين أو إجبارهم على النزوح قسراً يعد انتهاكاً للقانون الدولي الإنساني ويشكل جريمة حرب وجريمة ضد الإنسانية.
وتسبب استخدام هذا السلاح بدمار كثير من الأحياء المدنية حتى أضحت غير صالحة للسكن وحكم على سكانها المدنيين السوريين بأن يظلوا مهجرين إلى أجل غير مسمى.
وكان الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، أكد في أيار 2021، أن جيشه جرَّب أحدث الأسلحة التي يمتلكها وأثبت مواصفاتها "الفريدة" في عمليات نفذت في سوريا، بحسب ما نقلت وكالة "الأناضول".
وقال بوتين إنه"تم تأكيد هذه المواصفات في أعمال عسكرية حقيقية في أثناء العمليات التي جرى تنفيذها ضد الإرهابيين في سوريا".
وفي عام 2017، قالت "الشبكة السورية لحقوق الإنسان"، في تقرير لها، إنه منذ بداية نيسان، لوحظ إدخال قوات النظام السوري لآلية مُرتجلة جديدة ضمن منظومة أسلحتها العشوائية، وبشكل خاص على أحياء القابون وتشرين، وهي ما أطلق عليه السكان المحليون اسم “الخرطوم المتفجر” وهو عبارة عن خراطيم بلاستيكية محشوة بمادةTNT أو C-4 قد يصل طولها إلى 80 متراً تقريباً، يتم إطلاقها من آليات عسكرية مثل كاسحة الألغام الروسيةUR-77 ، تُستخدم هذه الخراطيم عادة لتفجير الألغام وتُحدِثُ دماراً كبيراً وهائلاً على امتداد عشرات الأمتار، يستخدمها النظام السوري في قصف الأحياء السكنية، بحسب الشبكة.
ووصلت الكلفة الحقيقية لإعادة الإعمار، في سوريا وفق تقديرات الأمم المتحدة عام 2018، إلى نحو 400 مليار دولار أميركي، بحسب تقرير صدر عن الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا "الإسكوا".
وقدّرت اللجنة آنذاك حجم الدمار في سوريا بأكثر من 388 مليار دولار، موضحة أن هذا الرقم لا يشمل “الخسائر البشرية” والأشخاص الذين تركوا بيوتهم.