فقدت الزبداني مظاهر الحياة الزراعية تدريجياً، فقد أدى غياب دعم حكومة النظام السوري إلى تدهور القطاع الزراعي، وأسفر الإهمال عن خسارة أكثر من 550 ألف شجرة مثمرة، كانت تُعد رمزاً لخصوبة المنطقة وإنتاجها الوفير.
وكشف مصدر من بلدية الزبداني عن قطع أكثر من 550 ألف شجرة مثمرة على مساحة 13 ألف دونم. كما تسبب حريق كبير عام 2019 بتدمير نحو 200 شجرة مثمرة وآلاف الدونمات من المحاصيل الحقلية، وفقاً لموقع "أثر برس" المقرّب من النظام السوري.
وكما هو معتاد، ألقت الجهات التابعة للنظام السوري اللوم على الفصائل التي كانت تسيطر على المدينة بين عامي 2012 و2017، إذ ادعى المصدر أنهم المسؤولون عن قطع الأشجار.
في المقابل، أكد أحد ناشطي المدينة سابقاً لموقع "تلفزيون سوريا"، وكان قد واكب فترة الحصار على الزبداني من قبل النظام و"حزب الله"، أن النظام وحلفاؤه هم من قاموا بقطع الأشجار في سهل الزبداني وإشعال النيران فيه لتسهيل استهداف فصائل المعارضة، في حين روّج النظام أن المعارضة هي من قامت بذلك.
الزراعة في الزبداني.. واقع مرير وأسباب متعددة
كانت مدينة الزبداني في ريف دمشق رمزاً للإنتاج الزراعي والغطاء النباتي، لكنها اليوم تعاني من غياب الأشجار المثمرة والمحاصيل الرئيسية.
وأشار مزارع يدعى "أبو محمد" إلى أن النشاط الزراعي أصبح يقتصر على زراعة البقوليات والخضروات، مع وجود ضئيل للأشجار المثمرة التي لا تتجاوز نسبتها 5% من سهل الزبداني.
وتعاني الزراعة في الزبداني من مشكلات عدة، أبرزها انخفاض أسعار المحاصيل خلال مواسم الحصاد، إذ يُسوق معظم الإنتاج محلياً. كما أن ضعف القدرة الشرائية للسوريين أدى إلى تراجع الطلب على المحاصيل الموسمية مثل الفول والبازلاء، مما دفع المزارعين إلى تقليل الإنتاج.
كارثة الأشجار المقطوعة.. وغياب الدعم
أدى قطع الأشجار إلى انخفاض معدلات الأمطار بنسبة 400%، إذ انخفض المعدل السنوي من 2500 ملم في عام 2010 إلى 516 ملم فقط في عام 2023. هذا التراجع أجبر المزارعين على استخدام كميات أكبر من المحروقات لري المزروعات، مع ارتفاع كلفة المازوت الحر إلى 17,500 ليرة سورية للتر الواحد، مما زاد من معاناة الفلاحين.
رئيس الجمعية الفلاحية في الزبداني، محمود حيدر، أكد أن المزارعين يعانون من غلاء المحروقات وندرة دعم النظام السوري. وأوضح أن المصرف الزراعي يقدم فقط 4 كيلوغرامات من السماد لكل دونم، في حين تحتاج الشجرة الواحدة إلى الكمية نفسها. كما أن وزارة الزراعة لا تلبي سوى 20% من الطلبات المقدمة للحصول على الغراس.
وأضاف حيدر أن كلفة إعادة تأهيل الآبار المدمرة تصل إلى نحو 200 مليون ليرة للبئر الواحد. وعلى الرغم من توجه حكومة النظام نحو دعم الطاقة البديلة، إلا أن الفلاحين ما زالوا يفتقرون إلى الدعم الكافي لاستعادة الإنتاج الزراعي.
وتقع الزبداني شمال غربي دمشق، وكانت تشتهر بغزارة ينابيعها وتراكم الثلوج خلال الشتاء، مما جعلها رئة دمشق وسلة غذائها. إلا أن الزراعة، التي كانت شريان الحياة الأساسي للمدينة، أصبحت اليوم تواجه مصيراً غامضاً وسط مطالبات بدعم أكبر لإنقاذ القطاع الزراعي.