تمر اليوم الذكرى الخامسة لإطلاق عملية درع الفرات التي خاضها الجيش السوري الحر بدعم من حلفائنا في الجمهورية التركية، ضد تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" والتنظيمات الإرهابية الأخرى، حيث تم تحرير أكثر من 2000 كيلومتر مربع خلال 217 يوما هي مجموع أيام العملية.
حققت عملية درع الفرات هدفين استراتيجيين من أهداف الثورة السورية هما إنهاء تنظيم "داعش" في المنطقة، وقطع الطريق على ميليشيا PYD التابعة لحزب العمال الكردستاني الذي كان يسعى لربط المناطق التي احتلتها في شمال شرقي سوريا بالبحر الأبيض المتوسط.
إنّ هذه العملية وإن كانت قد انتهت على الصعيد العسكري، إلا أنّها ما زالت مستمرة على الصعيد المدني، فمعركة البناء وإزالة آثار الإرهاب جارية على قدم وساق حتى اليوم، من خلال التنمية وبناء المؤسسات التعليمية والصحية والقضائية والاتصالات وتقديم الخدمات وتأمين سبل العيش، فضلاً عن تطوير مؤسستي الجيش والشرطة المدنية.
تدرك الحكومة المؤقتة أنّ تحقيق الأمن في المناطق المحررة ليس المطلب الوحيد لشعبنا الصامد
بعد دحر تنظيم "داعش" كان التحدي الأكبر بالنسبة لنا هو تأمين حياة المدنيين من الاختراقات اليومية التي يقوم بها تنظيم PYD في المناطق المحررة والحد من عمليات التفجير، وحققنا في ذلك إنجازاً معقولا نتيجة تضافر الجهود بين وزارتي الدفاع والداخلية.
تدرك الحكومة المؤقتة أنّ تحقيق الأمن في المناطق المحررة ليس المطلب الوحيد لشعبنا الصامد فيها، بل إشباع تأمين الحاجات الأساسية للمواطنين هو السبيل لأن تكون الإدارة المدنية إدارة نموذجية تعكس قدرة المعارضة على بناء الدولة، فالمواطن يحتاج إلى بيت يضمه وأولادَه، ويحتاج إلى عمل يؤمّن له المعيشة الكريمة، ويريد مدرسة ومستشفى وخدمات مياه وكهرباء واتصالات، وكل هذه الاحتياجات في قائمة أولوياتنا.
وعلى الرغم من ضعف الإمكانات والموارد فإنّ الحكومة المؤقتة استطاعت الوصول لاتفاقيات مكّنتها من إيصال الكهرباء إلى المناطق المحررة بكلفة 40 مليون دولار خلال العامين الماضيين، كما بُنِيَت المدارس وأُنشِئت جامعات تكفي لاستيعاب كامل الطلبة في مناطق عملها، فضلاً عن بناء وتأهيل المستشفيات والمستوصفات العامة والخاصة، ومؤسستي الحبوب وإكثار البذار لتغطية احتياجات المزارعين والأفران وتأمين خبز المواطنين وقوْتهم.
من التحديات التي واجهت الحكومة المؤقتة أيضاً، أن تكون في الداخل السوري وتعمل بكل طاقتها على الأراضي السورية، وهذا ما أنجزناه بالفعل، إذ إنني أؤكد اليوم أنّه تم نقل الحكومة السورية المؤقتة رئاسةِ الحكومة والوزارات والكادر الإداري إلى الداخل السوري، ولم يبق في تركيا سوى مكتب ارتباط ومركز خدمة المواطن نظرا لحاجة السوريين في تركيا إليه، وهذا نتاج سنوات من العمل تضافرت فيها جهود الجميع.
إنّ المناطق المحررة أصبحت اليوم أفضل بكثير من ذي قبل، بسبب وعي أبناء الثورة السورية العظيمة، إذ أضحت مقصداً لأهلنا الذين يعانون الإهمال والضيق وضعف الخدمات في مناطق نظام الأسد وميليشيا PYD الإرهابيين، حيث نستقبل بشكل يومي حالات نزوح هرباً من ضيق ذات اليد والقبضة الأمنية، كما أصبحت مؤهلة حتى لعودة اللاجئين في تركيا إلى وطنهم، وهذا لا يعني بالضرورة أنّنا وصلنا إلى المستوى المأمول، لكن طريق الألف ميل بدأ بخطوات مُرضية.
شركاؤنا في البناء والتنمية هم وسائل الإعلام المحلية والعربية والأجنبية والإعلاميون الذين كان لهم الدور الأكبر في دعم صمود أبنائنا ومساندتنا في طريقنا نحو الحرية
في الذكرى الخامسة لانطلاق عملية درع الفرات، أشكر بداية حلفاءنا في الجمهورية التركية على دعمهم الكبير، والدول الداعمة لنضال الشعب السوري الثائر، وأشكر إخوتنا في الائتلاف الوطني الذين لم يوفّروا أي جهد لدعم الحكومة المؤقتة على الصعيد السياسي، كما أشكر جيشنا الوطني والشرطة المدنية الذين يسهرون على حماية أمن المنطقة، والسادة الوزراء في الحكومة السورية المؤقتة على جهودهم الحثيثة نحو عملية التنمية والبناء، ويبقى الشكر الأكبر لشعبنا الصامد بوجه الاستبداد وقوى الإرهاب.
ويبقى القول إنّ شركاءنا في البناء والتنمية هم وسائل الإعلام المحلية والعربية والأجنبية والإعلاميون الذين كان لهم الدور الأكبر في دعم صمود أبنائنا ومساندتنا في طريقنا نحو الحرية، فلهم كل الشكر والتحية.
كل عام ووطننا حر سليم معافى من الاستبداد والإرهاب، وكل عام وشعبنا الصامد بخير