لم تعد المنافسة الدرامية حكراً على شهر رمضان فحسب، بل امتدت إلى خارجه بفضل المنصات الرقمية التي صارت تبث مسلسلات قصيرة على مدار العام. إلا أن هذا التحول الطارئ على سوق الدراما وعملية إنتاجها والذي انعكس بدوره على بنية المسلسلات السورية والمشتركة؛ لم يفقد شهر رمضان خصوصيته الدرامية. فلا تزال شركات الإنتاج تتنافس لصناعة مسلسلات طويلة تمتد إلى ثلاثين حلقة مخصصة للعرض في رمضان، وما يزال المشاهدون يرسمون قبل بدء شهر الصيام جدول المسلسلات التي سيقومون بمتابعتها خلال الموسم.
وفيما يأتي خريطة المسلسلات السورية التي ستُعرض في رمضان، بالإضافة إلى المسلسلات العربية المشتركة التي تحضر فيها الكوادر السورية:
مسلسلات البيئة الشامية
-
الكندوش 2:
تصدر اسم مسلسل "الكندوش" جميع القوائم المشابهة التي أُعدت العام الماضي قبيل شهر رمضان، نظراً لأن المسلسل كان البوابة التي أعادت مجموعة من نجوم الصف الأول الغائبين منذ أعوام إلى عالم الدراما التلفزيونية، ونقصد هنا تحديداً: أيمن زيدان وسامية الجزائري، فهذه الأسماء كانت كفيلة بجذب المشاهدين لمتابعة العمل.
إلا أن المسلسل فشل فشلاً ذريعاً ليتحول اسمه سريعاً إلى مثال للرداءة الفنية، لتبدأ بعدها حرب التصريحات الإعلامية، التي تقاذف فيها الشركاء بصناعة المسلسل التهم، ليحمل كل واحد منهم أسباب فشل العمل على الآخرين. لذلك لم يكن يتوقع أحد أن يتم إنجاز جزء ثان من المسلسل، والأغرب من ذلك أن الجزء الثاني حافظ على كل العناصر المشاركة بالجزء الأول، ليجمع طاقم العمل كاملاً بعد هذه المعمعة الإعلامية؛ ليحمل الجزء الثاني أيضاً إمضاء الكاتب حسام تحسين بيك والمخرج سمير حسين.
-
حارة القبة 2:
على عكس "الكندوش"، حقق مسلسل "حارة القبة" نجاحاً باهراً العام الماضي، لتبدأ المخرجة رشا شربتجي بعمليات تصوير الجزأين الثاني والثالث بوقتٍ مبكر جداً، ليكون "حارة القبة 2" هو أول مسلسل يتم تجهيزه لرمضان 2022. لكن الأخبار المسبقة التي أشارت إلى أن المسلسل سيمتد إلى عدة أجزاء، خفّضت من سقف التوقعات بعض الشيء.
-
بروكار 2:
مشكلة تعدد الأجزاء فعلياً هي واحدة من متلازمات دراما البيئة الشامية، فمعظم المسلسلات تنتج لها عدة أجزاء إذا ما حققت بعض النجاح أو أثير حولها الجدل. ولكن مع مسلسل "بروكار" يبدو الأمر أكثر غرابةً، لكون الجزء الأول من العمل عُرض قبل سنتين وأُغلقت بالحلقة الأخيرة كل خيوطه وانتهى بهدوء من دون أن يترك أثراً يُذكر.
-
جوقة عزيزة:
هو الحكاية الجديدة الوحيدة التي ستبدأ في رمضان المقبل من حكايات البيئة الشامية، وفعلياً يبدو المسلسل من خلال البرومو الترويجي أنه غير نمطي أبداً ولا يشبه بشخصياته الشخصيات التي اعتدنا متابعتها في هذا النمط الدرامي؛ إذ إنَّ المسلسل يتمحور حول حكاية الراقصة "عزيزة" التي تؤدي دورها نسرين طافش، والتي تقع بحب ضابط فرنسي، ليبدو أن هذه الشخصية الجريئة التي تعيش علاقة حب غير مألوفة في دراما البيئة الشامية قادرة على جذب الجمهور على أقل تقدير. والمسلسل من تأليف: خلدون قتلان وإخراج: تامر إسحاق، الذي قدم في الأعوام الماضية تجارب فريدة في البيئة الشامية، في مسلسلي "سلاسل دهب" و"وردة شامية"، اللذين ظهرت بهما شخصيات نسائية مختلفة عن ربات المنازل والأرامل والدايات التي كانت تظهر في الجيل الأول من مسلسلات البيئة الشامية من دون أن يكون لها تأثير حقيقي على الأحداث الرئيسية، وكأنها قطع ديكور لا أكثر.
المسلسلات الكوميدية
-
بقعة ضوء 15:
فقدت سلسلة "بقعة ضوء" بريقها الذي كانت تتمتع به منذ عدة أجزاء، عندما اختلف مضمونها ووجهتها، وباتت تنتقد في معظم حلقاتها الضحايا السوريين واللاجئين في العالم بدلاً من أن تمارس لعبة الانتقادات المبطنة للسلطة التي كانت تجيدها بالأجزاء الأولى. ومع الوصول إلى الجزء 15، لا يبدو أن الجمهور متحمس لاستقبال مجموعة جديدة من لوحات "بقعة ضوء"، خاصةً أن معظم نجومها الأوائل عزفوا عن المشاركة فيها، وزاد الطين بلة تصريحات أيمن رضا الإعلامية، التي انتقد فيها الجزء المقبل.
-
الفرسان الثلاثة:
لم يتم التسويق لأي مسلسل هذا العام على نحو أفضل من "الفرسان الثلاثة"، فهو المسلسل الذي أعاد أيمن زيدان للكوميديا بعد انقطاع دام لأكثر من عشرة أعوام من خلال مسلسل "الفرسان الثلاثة"، وهو المسلسل الذي يعيد الكوميديا السورية إلى البقعة التي نجحت فيها، حين كانت مزيجاً من محاكاة معاناة الناس اليومية والمواقف الكوميدية الصاخبة، إذ إن المسلسل تدور أحداثه حول معاناة بعض الرجال الكبار في السن في توفير احتياجاتهم اليومية نتيجة الوضع الاقتصادي في سوريا وهو ما يدفعهم لتوفير قوتهم اليومي بطرق ملتوية وغريبة؛ حكاية تبدو جذابة لكونها تعكس واقعاً لا تنتبه إليه الدراما عادةً، ولأن من يكتبها هو محمود الجعفوري الذي كتب من قبل مسلسلات مثل "بطل من هذا الزمان" وعرف كيف يحول معاناة الموظفين اليومية إلى كوميديا هادفة. فعلياً هو المسلسل السوري المحلي الذي تم تقديمه على النحو الأفضل حتى الآن.
-
الحوازيق:
تم الترويج لـ"الحوازيق" بوصفه مسلسلاً كوميدياً من النمط المتصل– المنفصل، تدور أحداثه في فندق، يستضيف بكل حلقة نزيلاً جديداً، لتكون حكايته هي محور الحلقة. وعلى الرغم من أن السوريين يميلون للأعمال الكوميدية الخفيفة ذات السياق المتصل– المنفصل، فإن "الحوازيق" يبدو أضعف من أن ينافس باقي المسلسلات المطروحة على الطاولة في رمضان، فشخصياته الرئيسية الثابتة لا نجوم فيها، بالإضافة إلى اسم المسلسل السخيف والطريقة التي تم تفسيره بها على أنه جمع "حزقة" وأن كل حلقة عبارة عن "حزقة" يوحي بمستوى انحدار الكوميديا في المسلسل.
المسلسلات الواقعية الاجتماعية المعاصرة
-
على قيد الحب:
لا نقصد بالمسلسلات الواقعية الاجتماعية أنها المسلسلات التي تعكس الواقع حقيقةً، وإنما الأعمال الدرامية التي تدور أحداثها في المدن السورية بالزمن المعاصر، التي يبدو أبرزها على الإطلاق هذا العام مسلسل "على قيد الحب". المسلسل من بطولة دريد لحام وبالشراكة مع أسامة الروماني، وهي شراكة فنية تعني الكثير بالنسبة للجمهور السوري المصاب بالنوستالجيا المزمنة.
-
كسر عضم:
وُصف المسلسل بأنه محاكاة لـ "الأزمة السورية" الاقتصادية التي يعيشها الناس اليوم، من خلال تسليط الضوء على الطبقات الاجتماعية في سوريا اليوم، بين الفقراء والتجار. الوصف يوحي بأننا سنشاهد حكاية منسوجة من وحي البروباغندا الإعلامية للنظام السوري التي تحمل التجار مسؤولية كل مصيبة تحدث، لكن كون العمل يحمل إمضاء المخرجة رشا شربتجي، التي ابتعدت قدر الإمكان عن الدراما الواقعية الاجتماعية المحلية منذ أن تسيست بشكل كامل قبل عشرة أعوام، فإن ذلك يزيد من الارتباك والحوافز لمتابعة العمل.
-
مقابلة مع السيد آدم 2:
قبل سنتين نجح الجزء الأول من "مقابلة مع السيد آدم" بحصد نسبة كبيرة من المتابعين الذين صدموا في الحلقة الأخيرة، التي انتهت كأي حلقة أخرى دون نهاية مقنعة، لتتأجل المواجهة وتنكشف أوراق الجريمة عاماً كاملاً، ليقتل ذلك المتعة تماماً. الأمر الأسوأ من ذلك أن المسلسل تأخر عاماً آخر، وأن العديد من الممثلين الرئيسيين اعتذروا عن المشاركة بالجزء الثاني القادم في رمضان، ليحل يزن الخليل بديلاً عن لجين إسماعيل وتحل فاديا الخطاب بديلةً عن ضحى الدبس وترف التقي بديلةً عن يارا قاسم.
-
مع وقف التنفيذ:
العام الماضي قدم الكاتبان علي وجيه ويامن الحجلي مسلسل "على صفيح ساخن" بالشراكة مع المخرج سيف الدين سبيعي، ونجح المسلسل بحصد أعلى نسبة متابعات بين المسلسلات المحلية رغم رداءة الحكاية وضحولة أفقها. هذه الشراكة تستمر هذا العام مع وجود أسماء نجوم أكثر أهمية على مستوى التمثيل، حيث يؤدي أدوار البطولة عباس النوري وغسان مسعود وسلاف فواخرجي.
-
"رد قلبي" أو "لو بعد حين":
قبل سنتين أصبح اسم شركة الإنتاج "شاميانا" معروفاً لدى الجمهور السوري بوصفها تنتج مسلسلات رديئة بطريقة غير مسبوقة في تاريخ الدراما السوري، لأنها دخلت حينذاك سوق الدراما الرمضانية بمسلسلي "نبض" و"يوماً ما".
المسلسلات المشتركة
-
بيروت 303:
تعرف شركة "الصباح" جيداً كيف تسوق للمسلسلات السورية اللبنانية المشتركة التي تنتجها، وستدخل في المنافسة هذه السنة بمسلسلين: الأول هو "بيروت 303" الذي يضم العديد من نجوم السوريين من الصف الأول، وهم: عابد فهد ومعتصم النهار وسلافة معمار. لكن المسلسل يفتقد وجودَ نجم أو نجمة لبنانية بالقيمة التسويقية ذاتها، إذ إن أبرز الأسماء اللبنانية المشاركة هي نادين الراسي، والتي لم تعد تتمتع بالمكانة ذاتها التي كانت تحظى بها قبل 10 أعوام.
ومن بين المسلسلات المشتركة الأخرى التي ستُبثّ في رمضان، نذكر ما يلي:
مسلسل "من.. إلى"، و"للموت 2"، و"حضور لموكب الغياب"، و"ذهب أيلول"، و"ليلة السقوط".