في أول تعليق إسرائيلي رسمي على الهجوم على السفينة الإيرانية "ساويز" (SAVIZ) في البحر الأحمر، حذر وزير الأمن الإسرائيلي بيني غانتس، طهران بقوله "نحن على أهبة الاستعداد لمواجهة التهديدات الإيرانية في كل الجبهات، ولدينا أنظمة هجومية تعمل على مدار الساعة". ويأتي هذا التصعيد الإسرائيلي المتزامن مع انعقاد اجتماع "فيينا" حول البرنامج النووي الإيراني، في إطار "الحرب البحرية" بين تل أبيب وطهران، وجديدها محاولة كل طرف تكريس السيطرة على أهم معبرين بحريين في خط الملاحة الدولية (مضيقا هرمز وباب المندب).
وقال غانتس أمام حشد من الجنود الإسرائيلي، يوم أمس، الأربعاء، خلال مشاركة في حفل عسكري بمناسبة الذكرى العاشرة لإنتاج منظومة الدفاع الجوي "القبة الحديدة"، "مستعدون لمواجهة التهديدات التي تفرضها علينا إيران سواء بشكل مباشر أو غير مباشر من قبل وكلائها في الشرق الأوسط ".
وأضاف موجهاً حديثه للإيرانيين، "أريد أن أقول لأعدائنا القبة الحديدة ليست الوحيدة، لدينا أنظمة هجومية تعمل على مدار الساعة 24/7، و365 يوماً في السنة، وهي جاهزة للعمل أمام أي ساحة ويصلها مداها إلى حيث يتطلب الأمر".
وأكدت وزارة الخارجية الإيرانية تعرض السفينة "ساويز" أول أمس، الثلاثاء، لهجوم ألحق بها "أضراراً طفيفة" قبالة سواحل جيبوتي، مشيرة إلى أن التحقيقات جارية لتحديد مصدر الهجوم وتقييم الأضرار.
على الرغم من أن إسرائيل لم تعلن رسمياً مسؤوليتها عن الهجوم -كعادتها في هذه الحالات- إلا أن صحيفة "نيويورك تايمز" نقلت عن مسؤول أميركي، لم تسمِه، قوله بأن إسرائيل أخطرت واشنطن بأن قواتها ضربت السفينة الإيرانية في البحر الأحمر، وأضاف أن الإسرائيليين قالوا إن الهجوم جاء انتقاما لضربات إيرانية سابقة لسفن إسرائيلية.
"قد تتطور الأمور إلى حرب"
وفي سياق متصل، ذكرت صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية أن الهجوم، الذي تعرضت له السفينة الإيرانية صباح الثلاثاء قبيل ساعات من عقد اجتماع "فيينا"، له صلة وثيقة بالاجتماع وتريد تل أبيب إرسال رسائل إلى المجتمعين الذين يبحثون إحياء الاتفاق النووي الإيراني الموقع في 2015.
وكتب معلق "يديعوت أحرونوت" للشؤون الأمنية والعسكرية رون بن يشاي، أن الرابط بين الهجوم والاجتماع ينبع من حقيقة أن كلاً من الإيرانيين وإسرائيل يحاولون إرسال رسائل لإدارة بايدن لكي تحظى المواجهة الإسرائيلية- الإيرانية في الشرق الأوسط، على أولوية أعلى وأكثر أهمية ضمن أولويات السياسة الخارجية لواشنطن.
وبحسب بن يشاي، المعروف بصلته الوثيقة بالمؤسسة العسكرية، قد يتصاعد الوضع إلى نشوب حرب، إذا لم يتم التعامل مع مشاكل إسرائيل وإيران في المنطقة بشكل جدي.
ويشير المحلل الإسرائيلي، إلى أن الهجوم على السفينة الإيرانية "ساويز" جاء انتقاماً للأضرار التي لحقت بالسفينة الإسرائيلية "لوري" على يد الحرس الثوري في بحر العرب، في 25 آذار/مارس الماضي، عندما كانت تبحر من تنزانيا إلى الهند.
ويعتبر الهجوم الإسرائيلي على السفينة الإيرانية "ساويز"، هو الثاني من نوعه في أقل من شهر واحد، بعد هجوم مماثل نفذته البحرية الإسرائيلية على سفينة "شهر كرد" الإيرانية، يوم الخميس 11 آذار/مارس الماضي، قبالة السواحل السورية، انتقاماً لهجوم الحرس الثوري الإيراني على السفينة التجارية الإسرائيلية "هليوس راي" في مياه خليج عمان في 26 من فبراير/شباط الماضي.
وبينما يشير التقييم الأولي للأضرار بحسب وزارة الخارجية الإيرانية إلى أن "الأضرار طفيفة"، تقول التقارير الإسرائيلية أن الضربة التي تلقتها "ساويز" هي الأشد من بين سابقاتها، حيث كانت الضربة من تحت سطح الماء ما أدى إلى شل حركة السفينة، ولكنها لم تغرق وإنما تحتاج لأشهر لإصلاحها وإعادة تأهيلها.
فما يميز هذا الهجوم الإسرائيلي، جحم قوته، وسرعة تسجيل الرد من قبل إسرائيل انتقاماً لسفينتها "لوري، وتوقيته المتزامن مع بدء محادثات "فيينا" التي تتجاهل متطلبات تل أبيب، فضلاً عن نوعيته فالسفينة المستهدفة (ساويز) ليست سفينة شحن إيرانية أو سفينة تنقل نفطاً إيرانياً فحسب، وإنما سفينة تعتبر بمثابة قاعدة عسكرية بحرية لإيران في البحر الأحمر لها أهمية لوجستية وعملياتية.
وفضلاً عما يحمله الهجوم الإسرائيلي من رسائل ردع للإيرانيين لوقف تهريب النفط والأسلحة إلى سوريا ولبنان، تحاول تل أبيب إيصال رسائل للأمريكيين -الساعين للتصالح مع الإيرانيين- بأنها ستواصل حربها على أنشطة طهران التوسعية في الشرق الأوسط.
وتصعّد إسرائيل في السنوات الأخيرة من عملياتها العسكرية لاستهداف النفوذ الإيراني في مناطق متعددة من الشرق الأوسط، ويتركز أغلبها في الأراضي السورية، لمنع طهران وميليشياتها من التموضع العسكري في الجنوب السوري، ولمحاربة "إيران النووية" و"إيران التوسيعية" في ظل نشوء تمحورات إقليمية جديدة تحاول تل أبيب تشكليها على أساس العدو المشترك المتمثل بـ "الخطر الإيراني".
وقد وسعت تل أبيب من استراتيجيتها العسكرية ضد طهران، لتشمل استهداف السفن وناقلات النفط الإيرانية في البحرين الأحمر والمتوسط، وتخوض منذ عامين "حرب بحرية سرية" ضد إيران، الأمر الذي كشفه تقرير "وول ستريت" الشهر الماضي.
وذكر تقرير الصحيفة الأميركية أن إسرائيل منذ أواخر 2019 استهدفت ما لا يقل عن 12 سفينة إيرانية أو تحمل نفطاً إيرانياً، متجهة إلى سوريا، وذلك بهدف تجفيف مصادر تمويل التطرف في المنطقة من عائدات شحنات النفط الإيراني المهرب.
تجارية أم قاعدة بحرية عائمة؟
وصف بيان الخارجية الإيرانية السفينة "ساويز" بأنها سفينة "تجارية" تستقر في البحر الأحمر بعلم وتنسيق مع المنظمة الدولية للملاحة البحرية بهدف توفير الحماية من القراصنة في المنطقة.
في المقابل تقول التقارير الإسرائيلية أن "ساويز" سفينة عسكرية تمارس وظائف استخباراتية وعملياتية، وهي بمثابة "قاعدة بحرية عائمة"، شبه ثابتة، تابعة لسلاح بحرية الحرس الثوري الإيراني، تتمركز في البحر الأحمر قبالة سواحل اليمن.
صورة جوية لسفينة "ساويز" الإيرانية التقطتها الأقمار الصناعية في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي
وبحسب تقرير "يديعوت أحرونوت" أن الهدف من وجود السفينة "ساويز" في قبالة سواحل اليمن يتعلق بمهمتين رئيسيتين هما: الحماية والهجوم، أولاً لتأمين الشحن الإيراني عبر حماية ناقلات النفط أو سفن شحنات الأسلحة الإيرانية التي تبحر في البحر الأحمر وتعبر قناة السويس لتهريب حمولاتها إلى سوريا ولبنان
أما المهام الهجومية، تكون عبر تنفيذ عمليات عسكرية بمهاجمة السفن المدنية أو العسكرية وفقاً لما يخدم مصالح إيران وأهدافها التوسيعية، حيث توفر الزوارق السريعة والموجود على ظهر السفينة لعناصر بحرية الحرس الثوري (الكوماندوس البحري) سرعة التحرك وتنفيذ الهجمات.
حرب المعابر البحرية
ويذكر موقع "انتلي تايمز" (Intelli Times)، أن سفينة "ساويز" الإيرانية ترسو منذ عدة سنوات قبالة سواحل اليمن وتعمل بمثابة "سفينة أم" عسكرية تحت غطاء مدني للسيطرة على العمليات وحركة السفن التجارية الإيرانية.
ويضيف الموقع الاستخباراتي الإسرائيلي، أن إيران تعمل على تعزيز وجود السفينة في هذه النقطة كمحطة دائمة في مسار طريق تجاري يصل إلى ميناء اللاذقية السوري.
وأن السفينة لا تبحر من ميناء إلى ميناء على الإطلاق، وهي أشبه بقاعدة بحرية ثابتة عائمة قبالة سواحل اليمن لتقديم خدمات متنوعة لكل من الحوثيين في اليمن وتأمين الشحن الإيراني عبر البحر الأحمر، من خلال تهريب النفط والأسلحة إلى "عملاء" إيران في المنطقة.
ووفقاً لمعلومات استخباراتية أوردها الموقع، أن السفينة تستخدم لجمع معلومات استخبارية عن السفن السعودية التي تفرض الحظر البحري على الحوثيين في اليمن، وتعرقل وصول المساعدات الإنسانية إلى اليمن.
אחת מאותם נכסים איראניים ימיים היא הספינה SAVIZ העוגנת זה מספר שנים, אל מול חופי תימן, בים האדום ומשמשת כ"ספינת אם" צבאית בכיסוי אזרחי כדי לשלוט על מבצעים ותנועת ספינות סחר איראניות. באיראן מעוניינים לשדרג את אותה נוכחות בזמן הקרוב כמו גם נתיב סחר קבוע לנמל לטקייה. pic.twitter.com/QG5awCYjPa
— אינטלי טיימס - Intelli Times (@IntelliTimes) February 27, 2021
وبحسب الموقع ذاته، الذي نشر سلسلة من التغريدات عبر تويتر حول الهجوم، فإن إيران استفادت إيران من تفوق الكوماندوس البحري وخبرته السيطرة على مياه الخليج العربي لإلحاق الضرر بالسفن الإسرائيلية، الأمر الذي يمثل أحد التهديدات الأساسية في تلك المنطقة.
بدورها تحاول إسرائيل أن يكون لها سيطرة على البحر الأحمر والتحكم بأهم المعابر المائية في الملاحة الدولية، لخلق نوع من توازن الردع، ففي مقابل النفوذ الإيراني على مضيق هرمز تحاول تل أبيب خلق هامش لحرية التصرف في مضيق باب المندب، وتوسع المواجهة ضد طهران براً وجواً وبحراً.
איראן ניצלה את היתרון והניסיון של הקומנדו הימי במרחב המפרץ כדי לפגוע בנכסים ימיים המזוהים עם ישראל. תסריט זה הוא אחד מאיומי הייחוס במפרץ. באיראן רק שכחו שגם להם יש נכסים במרחב שבו לישראל יש יתרון. בבניית ההרתעה, לכל פעולה יש מחיר. קרקע מול קרקע, ים מול ים אוויר מול אוויר.
— אינטלי טיימס - Intelli Times (@IntelliTimes) February 27, 2021