شهدت مدينة القامشلي مساء اليوم الثلاثاء إطلاق تحالف سياسي جديد تحت اسم (جبهة السلام والحرية)، المكونة من المجلس الوطني الكردي والمنظمة الآثورية الديمقراطية والمجلس العربي للجزيرة والفرات وتيار الغد السوري، وذلك بعد نقاشات دامت عدة أسابيع بحسب ما أعلن القائمون على الجبهة.
وتشير الورقة السياسية التي حصل موقع (تلفزيون سوريا) على نسخة منها، إلى اتفاق مكونات الجبهة على عدة نقاط، أبرزها: "سوريا دولة مستقلة ذات سيادة والسيادة فيها للشعب، والإقرار الدستوري أن سوريا متعددة الثقافات والأديان والقوميات، والالتزام بشرعة حقوق الإنسان، والاعتراف بحقوق الشعب الكردي وهويته القومية".
واتفقت مكونات الجبهة على أن الإدارة في سوريا يجب أن تكون "لا مركزية" مع الحفاظ على وحدة الأراضي السورية، وأن نظام الحكم يجب أن يكون ديمقراطياً تعددياً، ويضمن تكافؤ الفرص السياسية والثقافية والاقتصادية، مع التأكيد على العمل على إنجاح العملية السياسية والمطالبة بالإفراج عن المعتقلين والعمل على تعزيز السلم الأهلي وخاصة في الجزيرة السورية.
تم تنظيم اللقاء في مدينة القامشلي، وعلى منصة (زووم) الإلكترونية بمشاركة عشرات من كوادر مكونات التحالف وصحفيين، وبدأ اللقاء بكلمة من سعود الملا رئيس المجلس الوطني الكردي، وأحمد الجربا رئيس تيار الغد، وداوود داوود مسؤول المنظمة الآثورية الديمقراطية، حيث أكدوا أهمية هذه الخطوة باتجاه مزيد من التنسيق بين مكونات الجبهة لتعزيزها، مع الأخذ بعين الاعتبار أن هذا التحالف الجديد لن يؤثر على عمل الأطراف المنضوية في إطارها في هيئات ومنصات المعارضة السورية، كما أكد الحضور أن الجبهة ليست موجهه ضد أي طرف محلي أو إقليمي.
وفي رد على سؤال لـ (تلفزيون سوريا) خلال المؤتمر الصحفي الذي أعقب إعلان الجبهة، أشار سعود الملا رئيس المجلس الوطني الكردي إلى أن التحالف الجديد لن يتعارض مع عملية الحوار الكردي الكردي الذي ترعاه واشنطن وباريس، وأن التحالف والحوار هما خطوات في طريق الحل السياسي السوري الشامل، بينما استبعد أحمد الجربا رئيس تيار الغد أن ينتقل التحالف من التنسيق السياسي إلى التنسيق العسكري بين مكونات التحالف في الجزيرة السورية.
مصدر خاص كشف لـ (تلفزيون سوريا) أن هذا التحالف جاء بدعم من السيد مسعود برزاني وسياسيين في إقليم كردستان العراق، في سعي منهم لتقوية موقف المجلس الوطني الكردي الذي بدا ضعيفا خلال الجولة الأولى من الحوار الكردي الكردي الذي احتضنته أربيل الشهر الماضي، ويحاول البرزاني الداعم الرئيس للمجلس الوطني الكردي أن يحقق توازناً في جلسة الحوار القادمة، وقطع الطريق على حزب (الاتحاد الديمقراطي) الذي يدعي تمثيل كل مكونات المنطقة ضمن إطار (قوات سوريا الديمقراطية)، والذي حاول إقناع بعض الأحزاب الكردية بترك المجلس الوطني الكردي مقابل حصولهم على مكتسبات في الإدارة الذاتية.
وأكد واصف الزاب أمين سر المجلس العربي للجزيرة والفرات في حديث خاص لـ (تلفزيون سوريا) أهمية هذا التحالف، قائلا: "التحالف مكون من قوى فاعلة في العمل السياسي في الجزيرة السورية، من ناحية وجودها في معظم هيئات المعارضة، وأنها تمثل معظم مكونات المنطقة، إضافة إلى العلاقات الإقليمية والدولية التي تتمتع بها مكونات هذا التحالف، ومسيرتها منذ بداية الثورة وتعاطيها الإيجابي مع كل التطورات التي واكبت الثورة السورية".
من جانبه عبد الله كدو عضو الهيئة السياسية في الائتلاف السوري والقيادي في المجلس الوطني الكردي أشار في حديث لـ (تلفزيون سوريا) إلى أن "المجلس منذ تأسيسه أكد على شعار التآخي بين الكرد و مختلف المكونات القومية والدينية والثقافية، وعليه فإن الحوار بين شركاء المكان، الممثلين بالتعبيرات السياسية الرئيسة للكرد والعرب والآثوريين وغيرهم من أهالي المنطقة، هو المشروع السياسي الموضوعي الذي طالما انتظره أبناء و بنات هذه المكونات، للانتقال إلى الحياة السياسية التشاركية الديمقراطية، بعد سنوات الإقصاء والاحتكار على يد نظام الاستبداد والفساد".
وأشار كدو إلى أن "بناء جبهة السلام والحرية إذ يبدأ التشاركية، يبعث على الأمل والاستقرار في الداخل، ويشكل رسالة للخارج بأن الشعب السوري، إذا ما تُرك له الخيار، يجيد و يؤثر التعايش معا، وعازم على ذلك، ومن كان يؤجج الخلاف والشقاق بين مكوناته إنما هو الاستبداد الذي يتغذى دوما على التشتت والفراق".
وكان المجلس الوطني الكردي وحزب الاتحاد الديمقراطي (pyd) أعلنا في العاشر من حزيران/يونيو الماضي من مدينة أربيل العراقية التوصل لتفاهمات أولية تؤسس لحوار بين الجانبين برعاية أميركية فرنسية، وقد تضمنت الاتفاق على رؤية سياسية مشتركة ملزمة لأطراف الحوار، ما أثار موجة رفض واسعة لدى معظم أطراف المعارضة السورية التي اتهمت المجلس الوطني بمحاولة تقاسم السلطة مع حزب الاتحاد الديمقراطي في الجزيرة السورية وإقصاء باقي مكونات المنطقة.
يذكر أن المجلس الوطني الكردي يضم عدة أحزاب كردية تأسس في شهر أيلول/ سبتمبر من عام 2011 وتتبع له قوات "بيشمركة روج"، فيما تأسست المنظمة الآثورية الديمقراطية عام 1957م، وكلٌّ من المجلس والمنظمة أعضاء في الائتلاف السوري وهيئة التفاوض السورية واللجنة الدستورية، أما تيار الغد السوري فقد تأسس في القاهرة عام 2016 ويرأسه أحمد الجربا الرئيس السابق للائتلاف، ويتبع له فصيل "قوات النخبة"، ويتبع له المجلس العربي للجزيرة والفرات الذي تأسس عام 2018 في القاهرة، ولتيار الغد ممثلين في هيئة التفاوض واللجنة الدستورية ومنصة القاهرة.