إذا سجلت دخولك لأي موقع من مواقع التواصل الاجتماعي خلال هذا الأسبوع، فمن المرجح أنك ستشاهد صور أصدقائك بعد إعادة تشكيلها لتصبح مثل صور الأميرات في القصص الخيالية أو شخصيات من أفلام الرسوم المتحركة أو كائنات فضائية.
كل ذلك بفضل تطبيق لينسا Lensa الذي يستخدم الذكاء الصناعي لإنتاج صور رقمية من خلال الصور التي يزوده المستخدمون بها.
غزت صور لينسا المنمقة اللافتة للنظر الإنترنت خلال الفترة الأخيرة، ولكنها أيضاً تحولت إلى مصدر قلق بالنسبة للخبراء المهتمين بمسألة الخصوصية، وكذلك بالنسبة للفنانين الذين يستعينون بالوسائل الرقمية، والمستخدمين الذين لاحظوا بأن التطبيق يجعل بشرتهم أفتح وأجسامهم أنحف.
لذا، إليكم كل ما يجب أن تعرفوه عن Lensa AI:
كيف تحصل على صورة رمزية سحرية خاصة بك (أفاتار)؟
تعتبر الصور المتداولة عبر الإنترنت نتاجاً لعملية الحصول على صورة رمزية سحرية عبر تطبيق لينسا، وحتى تجرب تلك الخاصية، عليك أن تقوم بتحميل تطبيق لينسا على هاتفك أولاً.
يكلف الاشتراك لمدة سنة بهذا التطبيق الذي يقدم لك أيضاً خدمة تحرير الصور 35.99 دولاراً، ولكن بوسعك استخدامه لمدة أسبوع مجاناً إن رغبت بأن تجربه قبل أن تتورط بشرائه.
تحتاج عملية إنتاج صور رمزية سحرية (أفاتار) لدفع كلفة إضافية، ولكن طالما لديك اشتراك مدفوع أو مجاني بهذا التطبيق، بوسعك الحصول على 5 صور رمزية مقابل 3.99 دولارات، و100 صورة مقابل 5.99 دولارات، و200 صورة مقابل 7.99 دولارات.
الفنانة السورية كندة علوش بعد استخدامها لتطبيق لينسا - المصدر: صفحتها الرسمية على إنستغرام
تنصح لينسا مستخدميها برفع ما بين 10-20 صورة ملتقطة بطريقة سيلفي للحصول على أفضل نتيجة، ويجب أن تكون الصور قريبة من الوجه وذات خلفيات متنوعة، وتعابير وجه مختلفة، وزوايا متعددة، كما يشترط لينسا على مستخدميه ألا تقل أعمارهم عن 13 عاماً.
وتطبيق لينسا هو أحد منتجات شركة بريزما التي حققت شهرة في عام 2016 عبر العملية التي أتاحت للمستخدمين تحويل صور السيلفي لديهم إلى صور تشبه صور المشاهير من الفنانين.
غير أن هذا التطبيق يشرح في سياسة الخصوصية لديه بأنه يعتمد على تقنية الواقع المعزز ضمن تقنية واجهة برمجة التقنيات، ولهذا فإن الصور التي يحصل عليها المستخدم أو "بيانات الوجه" ستسخدم "لتدريب خوارزمياتنا على الخروج بأداء أفضل وعرض نتائج أفضل أمامكم" بحسب ما ورد في سياسة الخصوصية لهذا التطبيق
جربنا التطبيق لنفهم ماهيّته
حتى أجرب هذا التطبيق، اخترت 20 صورة سيلفي تظهر تعابير وزوايا مختلفة، ثم طلبت خيار 100 صورة رمزية (أفاتار)، فاحتاج لينسا لنحو 20 دقيقة حتى يعيد لي صوري الرمزية والتي صنفت ضمن 10 فئات، وهي: صور لشخصيات خيالية، صور لأميرات من القصص، صور مركزة، صور صاخبة، صور منمقة، صور رسوم متحركة، صور ضوئية، صور شبيهة بصور الوحوش، صور متعددة الألوان، وصور ضخمة.
عموماً شعرت بأن التطبيق قد أبلى بلاء حسناً عبر إنتاجه لصور فنية تعتمد على صوري الشخصية. إلا أني لم أستطع التعرف إلى نفسي في معظم تلك الصور، على الرغم من أني أعرف مصدرها.
تبين لي بأن هذا التطبيق يعتمد على تكرار سمات معينة، مثل تفتيح لون بشرتي وجعل أنفي مدوراً، أكثر من بقية السمات، وبعض تلك السمات كانت شبيهة بالواقع وقريبة منه لدرجة دفعتني للاعتقاد بأن تلك الصور ما هي إلا صوري الحقيقية وذلك عند رؤيتها من بعيد. في حين كانت بقية الصور منمقة وفنية إلى حد كبير ، ولهذا بدت بعيدة عني.
تطبيق ينتج صوراً جنسية لبعض النساء
وصفت لي إحداهن تحدياً من بين التحديات التي صادفتها على هذا التطبيق، إذ على الرغم من أن كل الصور التي رفعتها عليه ظهرت فيها وأنا أرتدي ملابسي كاملة كما كانت جميعها قريبة من وجهي، إلا أن التطبيق أعاد بعض الصور مع إيحاءات بالعري أو قام بتعريتها فعلياً.
إذ كانت أشد صورة إرباكاً بالنسبة لي تلك التي ظهرت فيها صورة شبيهة لوجهي وقد ركبت على جسد عار. كما أني ظهرت في العديد من الصور شبه عارية، إلا من دثار يغطي بعض الأماكن بذكاء، وفي بعض الأحيان يتم اقتطاع الصورة لتغطية أي شيء فاضح. ثم إن العديد من الصور التي كنت أرتدي فيها ملابسي كاملة، أبدت تعابير شهوانية على وجهي، أو كشفت عن بداية صدري، أو أظهرتني بملابس ضيقة للغاية لم أكن أرتديها في الصور التي رفعتها على التطبيق.
الفنانة السورية شكران مرتجى بعد استخدام تطبيق لينسا - المصدر: صفحتها الرسمية على إنستغرام
كانت تلك مفاجأة بالنسبة لي، لكني لست المرأة الوحيدة التي جربت التطبيق، إذ ذكرت أوليفيا سنو وهي باحثة عضو لدى مركز UCLA لأبحاث الإنترنت النقدية والتسلط الاحترافي، بأن التطبيق أعاد لها صوراً تشبهها لكنها كانت عارية بعدما رفعت عليه صورها وهي طفلة.
وأكدت سنو أن تقنية الذكاء الصناعي التي يعتمدها تطبيق مثل لينسا يمكن أن تستخدم لإنتاج محتوى جنسي انتقامي أي إنتاج تلك الصور العارية التي يظهر فيها شخص دون موافقته.
وترى سنو أن النتيجة ما هي إلا إشارة تدل على: "اختفاء تام لإدارة المحتوى" ضمن هذا التطبيق، ولهذا طالبت بضبط تطبيق لينسا وغيره من تطبيقات الذكاء الصناعي بصورة أكبر.
بيد أن تطبيق لينسا لم يرد على السؤال الذي طرحته عليه شبكة سي إن إن ليعلق حول السبب الذي يدفع التطبيق لإنتاج صور جنسية أو عارية.
يذكر أن مستخدمين آخرين قد وثقوا أشكالاً مختلفة من التمييز والتحيز ظهرت عبر الصور التي أنتجها لينسا، حيث تم تبييض المستخدمين السود وإظهارهم ببشرة أفتح بكثير من لون بشرتهم الحقيقية. وعلى المنوال ذاته، كتبت أوبري غوردون وهي كاتبة وناشطة حقوقية عبر صفحتها الموثقة على إنستغرام عن هذا التطبيق الذي ينتج صوراً جعلتها تبدو أنحف بكثير مما هي عليه، حيث ورد في العنوان الذي رافق صورتها ما يلي: "لا بد أن لينسا قد زاد من ساعات عمله حتى ينتج نسخة عني بالذكاء الصناعي أبدو فيها نحيلة".
فنانون رقميون يتهمون التطبيق بسرقة أعمالهم
تعتمد تقنية لينسا على نمط التعلم العميق الذي يعرف باسم الانتشار المستقر وذلك بحسب ما ورد في سياسة الخصوصية الخاصة به، ويعتمد الانتشار المستقر على شبكة من الفنون الرقمية المأخوذة من الإنترنت ومن قاعدة بيانات تعرف باسم LAION-5B والهدف من ذلك تدريب الذكاء الصناعي لدى هذا التطبيق. إلا أنه لم يعد بوسع الفنانين في الوقت الراهن تسجيل دخولهم أو خروجهم حتى يقوموا بتضمين أعمالهم الفنية داخل مجموعة البيانات تلك، ما يعني أنها أصبحت تستخدم لتدريب الخوارزميات.
وهذا ما أثار حفيظة بعض الفنانين الذين يرون أن الانتشار المستقر يعتمد على أعمالهم الفنية في تصنيع صورهم وإنتاجها، دون أن تُذكر أسماؤهم أو ينسب الفضل لهم أو حتى دون أن يتم تعويضهم مادياً عن العمل الذي قدموه. فقد نشرت سي إن إن في مطلع هذا العام تقريراً حول عدد من الفنانين الذين عبروا عن استيائهم عندما اكتشفوا بأن أعمالهم استخدمت دون إذنهم ودون تعويضهم مادياً لتدريب الشبكة المحايدة للانتشار المستقر.
كما عبر العديد من الفنانين عن قلقهم من احتمال قيام تلك التطبيقات بقطع أرزاقهم وتهديدها، وذلك لأن الفنان الرقمي لا يمكنه أن يتنافس مع ما يقدمه الذكاء الصناعي بسرعة وبكلفة زهيدة من صور رقمية.
ولذلك حاولت شركة بريزما التي تمتلك تطبيق لينسا التخفيف من روع هؤلاء الناس الذين هالهم ظهور تلك التقنية التي أجهزت على أعمال الفنانين الرقميين، حيث أعلنت في تغريدة لها عبر تويتر نشرت في 6 كانون الأول ما يلي: "في الوقت الذي يحاول فيه كل من البشر والذكاء الصناعي أن يتعلما الأساليب الفنية بطرق متشابهة إلى حد ما، تظهر اختلافات أساسية بينهما: أولها قدرة الذكاء الصناعي على تحليل مجموعات كبيرة من البيانات والتعلم منها بشكل سريع، لكنه لا يمتلك المستوى نفسه من الانتباه والتقدير للفن الذي يبديه بنو البشر... ولذلك لا يمكن وصف المخرجات بأنها صور طبق الأصل عن أي عمل فني بعينه".
المصدر: CNN