لن تكون أعياد الميلاد في مهد المسيح عيسى عليه السلام هذا العام تقليدية، فانطلاقها سيرتبط بإجراءات صحية استثنائية، بعد أن فرضت جائحة كورونا نفسها عليها مثل بقية شؤون الحياة.
ومنذ أيام بدأت بلدية بيت لحم، جنوبي الضفة الغربية المحتلة، بتزين المدينة استعدادا للأعياد التي تنطلق في الأول من ديسمبر/كانون الأول المقبل بإنارة شجرة الميلاد.
هذه الاستعدادات بدأت بنصب الركائز الأساسية لشجرة الميلاد في ساحة كنيسة المهد، التي تبدو شبه خالية من المصلين والسياح بسبب تداعيات الجائحة.
وقبل الجائحة كانت كنيسة "المهد" أقدس مكان ديني مسيحي في العالم، تشهد حركة نشطة يوميا لمئات المسيحيين المحليين والأجانب.
وتتقيد احتفالات الميلاد هذا العام، بإجراءات صحية وقائية، تشمل تقليص أعداد المشاركين وإلزامهم بالتباعد الاجتماعي وارتداء الكمامات والقفازات، ومنع السياح الأجانب من زيارة المدينة.
وبحسب أصحاب متاجر سياحية، فإن أزمة كورونا ضربت السياحة في المدينة التي يعتمد نحو 80 بالمئة من سكانها على العمل في المنشآت السياحية
إجراءات استثنائية
ونقلاً عن رئيس بلدية بيت لحم، أنطوان سليمان، إن "الاحتفالات بأعياد الميلاد هذا العام تقام بترتيبات استثنائية بسبب كورونا".
ويضيف سليمان: "نعمل على التخفيف من أعداد المشاركين بالاحتفالات، لضمان عدم وجود اكتظاظ والحفاظ على السلامة العامة".
ويشير إلى أن نحو 17 ألف شخص حضروا حفل إنارة شجرة الميلاد العام الماضي، بينما هذا العام سيكون العدد قليل ووسط إجراءات تشمل التباعد الاجتماعي وارتداء الكمامات والقفازات.
ويوضح أن جزءا كبيرا من الاحتفالات وأسواق الأعياد ستنظم إلكترونيا عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ومواقع خاصة بالبث الحي.
ويؤكد سليمان، أن الإجراءات تمنع أي حاج أو سائح أجنبي من زيارة بيت لحم هذا العام، لافتا إلى أنه تم إلغاء نحو 3 آلاف حجز لحضور حفل إنارة شجرة الميلاد.
انهيار اقتصادي ومتاجر مغلقة
وعن أوضاع المدينة الاقتصادية جراء الجائحة، يقول المسؤول المحلي، إن "بيت لحم انهارت اقتصاديا إثر توقف السياحة الخارجية".
ويتابع سليمان: "67 فندقا سياحيا في بيت لحم، و170 متجرا للتحف الشرقية، وعشرات المطاعم والمنشآت أغلقت بسبب الجائحة".
وذكر صاحب متجر لبيع التحف الشرقية، سفيان صبح، إنه "منذ آذار الماضي، لم يدخل أي سائح للمدينة (الفلسطينية) الوضع محزن للغاية".
ويذكر صبح، أنه في مثل هذا الوقت من كل عام كانت بيت لحم تعج بالسياح، لكنها اليوم شبه خالية ولا يتجول في أسواقها سوى السكان المحليين.
ويشير إلى أن متاجر التحف الشرقية باتت لا تفتح أبوابها بسبب غياب السياحة.
وبينما يتفقد بعض مقتنيات متجره التي اكتست بالغبار، يضيف: "نفتح المتجر بين الفينة والأخرى لتبديل الهواء داخله ليس أكثر".
وفي شارع "مغارة الحليب"، الواقع خلف كنيسة المهد، كان نبيل كمال (35 عاما)، يتفقد مصنعه الخاص بالنحت على خشب الزيتون، لصناعة التحف الشرقية، ويقول: "بيت لحم اليوم مدينة أشباح، لا يوجد فيها حركة كأننا نعيش الحرب".
ويضيف كمال، إنه بسبب الأزمة وتوقف حركة السياحة، قلص عدد العمال في مصنعه ومتجره من 15 إلى 5 فقط.
وفي محاولة لتجنب الانهيار التام بدأ الفلسطيني كمال بتصدير تحفه لزبائن في أوروبا والولايات المتحدة عبر البيع الإلكتروني، لكنه يقول إن "هذا غير كاف".
وتبدأ الاحتفالات الرسمية بعيد الميلاد لهذا العام في الأول من ديسمبر المقبل بإنارة الشجرة، على أن تكون ذروة الأعياد ليلة 24 من الشهر نفسه، (حسب التقويم الغربي)؛ حيث يقام قداس منتصف الليل.
وعادة ما يحضر الرئيس الفلسطيني محمود عباس، وعدد من الوزراء من دول عربية وأجنبية مختلفة القداس، غير أن جائحة كورونا قد تمنعهم من المشاركة هذا العام.
وبيت لحم مدينة تاريخية، تقع في جنوبي الضفة، وتكتسب قدسيتها من وجود "كنيسة المهد" التي يعتقد المسيحيون أن المسيح عيسى بن مريم، ولد في الموقع الذي قامت عليه.
وحتى السبت، سجلت فلسطين 81.294 إصابة بفيروس كورونا منذ بدء الجائحة، تعافى منها 69.808، في حين سجلت 684 حالة وفاة.
اقرأ أيضاً: المسيحيون في قطاع غزة.. كيف تعايشوا مع الواقع؟