لعبت أجهزة أمن النظام السوري والميليشيات الإيرانية وتنظيم "الدولة" (داعش) دوراً كبيراً في استمرار آلة القتل في محافظة درعا خلال العام المنصرم (2023)، من خلال عمليات الاغتيال الممنهجة وأساليب أخرى مختلفة.
كما خرقت أجهزة أمن النظام وقواته العسكرية اتفاقات التسوية بشكل واضح، من خلال عمليات الحصار التي أطبقتها على بعض مدن وبلدات المحافظة، والاعتقالات العشوائية والتعسفية بحق العديد من أبنائها.
بهذا الخصوص، أعدّ "تجمع أحرار حوران" تقريره الحقوقي السنوي عن محافظة درعا لعام 2023، تحت عنوان "النزيف المستمر"، أوضح فيه إن محافظة درعا ما زالت تواجه إرهاب النظام السوري والميليشيات المتحالفة معه من جهة، وإرهاب تنظيم "داعش" من جهة أخرى، إضافة إلى المجموعات المحلية من بقايا المعارضة المسلحة والتي أصبحت من قوى الأمر الواقع بموجب عمليات التسوية، ويتحدث فيه بشكل تفصيلي عن الضحايا من القتلى والمعتقلين والمخطوفين.
توثيق جرائم القتل والاغتيالات والمخدرات
وأوضح التقرير بشكل تفصيلي عمليات القتل خارج نطاق القانون والتي تتضمن عمليات اغتيال، وعمليات قتل ناتجة عن اشتباكات، إضافة لعمليات الاعتقال التعسفي والاختفاء القسري، وتتضمن جميع الأطراف، بشكل شهري ومفصل حسب عدد القتلى مع مراعاة العمر والجنس.
كما خصّص تقرير التجمع قسماً لتوثيق الجرائم الناتجة عن الإدمان على المخدرات، وترويجها وتجارتها، إضافة للجرائم الجنائية العادية كالقتل العادي، والقتل بدافع السرقة أو السلب، والقتل نتيجة الخلافات العشائرية والشخصية، بسبب زيادتها بشكل لافت خلال العام 2023، ومن أجل عدم خلطها في المستقبل مع الجرائم التي تعتبر انتهاكات لحقوق الإنسان.
فقد تسبب إدمان المخدرات بوقوع العديد من جرائم القتل والإيذاء والانتحار، كما تسببت عمليات ترويج المخدرات بجرائم قتل سواء بحق المدنيين، أو مروجي المخدرات أنفسهم في الوقت الذي يجب أن يخضعوا فيه لمحاكمات أمام القضاء.
وبحسب المصدر، فقد لوحظ وجود زيادة متنامية في الجرائم المتعلقة بالسرقة والسلب، والتي كانت في معظمها جرائم قتل بدافع السرقة والسلب، ويعود سبب انتشار هذه الجرائم إلى عدم وجود أجهزة شرطية وقضائية قادرة على وضع حد لها، إضافة للأوضاع الاقتصادية السيئة.
التسوية والفوضى الأمنية في درعا
ويرى التقرير أن النتائج السلبية للتسويات في محافظة درعا مستمرة في الظهور، مشكّلة الأبواب الرئيسية للفوضى المنظّمة في المحافظة، إذ كانت التسوية الأولى في تموز 2018، والتسوية الثانية في أيلول 2021 مدخلاً واسعاً لعمليات الاغتيال التي بدأها النظام السوري عبر أجهزته الأمنية، ثم من خلال توظيف تنظيم الدولة الذي عاود الظهور مرة أخرى في مناطق مختلفة من المحافظة ونفذ عدداً كبيراً من عمليات الاغتيال بتوجيهات من أجهزة النظام الأمنية والميليشيات الإيرانية.
استغل النظام السوري ذريعة وجود التنظيم بشكل متكرر خلال عام 2023 ليقوم بحصار عدد من المناطق في المحافظة، بدءاً من مدينة طفس في ريف درعا الغربي، ومدينة جاسم في الريف الشمالي.
واستمرت عمليات الاغتيال خلال العام 2023 بوتيرة مرتفعة وفي مختلف مناطق المحافظة، طالت هذه العمليات أشخاصاً ينتمون إلى خلفيات متعددة، سواء من المعارضة أو المحسوبين على النظام أو التنظيمات المتطرفة، وحتى من المدنيين، كما استمر سقوط ضحايا في مختلف المناطق نتيجة وجود الألغام والمخلفات الحربية غير المنفجرة، وعدم قيام النظام على إزالتها بوصفه الجهة المسيطرة.
الاعتقالات التعسفية والموت تحت التعذيب
واستمرت سياسة الاعتقالات الممنهجة التي مارسها النظام منذ آذار 2011 خلال العام 2023، وخاصة على الحواجز الأمنية، مقابل ذلك وعلى الرغم من العفو الذي أصدره رأس النظام السوري عن ما يسمى بـ "الجرائم الإرهابية" إلا أن عدد المعتقلين الذين أُفرج عنهم لا يرقى لعدد المعتقلين المحتجزين في مراكز الاحتجاز التابعة للنظام، كما أن معظم المعتقلين الذين تم الإفراج عنهم كانوا قد اعتقلوا على خلفية جرائم جنائية، أو تم اعتقالهم قبل إصدار مرسوم العفو بمدة قريبة ليتم الإفراج عنهم، فيما كانت نسبة المفرج عنهم على خلفية الأحداث محدودة للغاية.
كذلك سجّل مكتب توثيق الانتهاكات في تجمع أحرار حوران مقتل عدد من المعتقلين نتيجة التعذيب في سجون النظام، من بينهم مدنيين جرى إعدامهم ميدانياً خاصة بعد إصدار النظام السوري قراراً يقضي بإنهاء عمل المحاكم الميدانية العسكرية، في الـ3 من أيلول 2023، بحسب ما ورد في التقرير.