يرسم سهف عبد الرحمن لوحاته التي تتحدى الموت والغياب والنسيان. يستحضر من ذكرياته الوجوه المألوفة لأشخاص من حياته ويلتقطها في لوحاته. غالباً ما تظهر صوره محاطة بالضباب ومجزأة وغير واضحة ومغطاة بالطلاء الأبيض، حيث لم يعد بإمكان ذاكرته أن تسترد جميع التفاصيل.
يرغب بفنّه أن يتذكر مراحل مفصلية من حياته وتجاربه، وفي الوقت نفسه يحاول الهروب من النسيان عبر إبداعاته الفنية، ويقترب قليلاً من مفهوم "الخلود" بقدر ما يستطيع، في هذا الكون الثابت في اضمحلاله وفي إعادة تكوينه على الدرجة نفسها.
عند سؤاله عن شخصه وعن ما يجول في خلده، يجيب ببساطة منقطعة النظير:
"الكون طفلٌ نعيش كلنا في جسده، لأننا خلاياه. الحب ثم الحب، حتى لو طحنت وجه الأرض الحرب". ويختم بلهجته الخاصة: "أنا شخص حبّاب كتير، ولذلك أنا أكره بيت الأسد منذ نعومة أظفاري".
فيينا تكرّم فنانها السوري و"مواطنها العالمي"
ولكل ما سبق، كرّمت فيينّا الفنان التشكيلي السوري سهف عبد الرحمن بمنحه الجائزة الأولى لـ "المواطن العالمي" لعام 2022، تقديراً لفنّه ولأعماله التي زيّن بها معالم عاصمة النمسا التاريخية والثقافية.
فخلال الأعوام التي قضاها فيها عقب مجيئه هارباً من الموت والقهر والحريق الأسدي؛ زيّنت لوحات عبد الرحمن معالم فيينا وقاعاتها ومعارضها التاريخية. ووصفت إحدى الصحف المحلية ما قدّمه هذا السوري بأنه منح المزيد من الإبداع إلى فيينا "من خلال أعماله الفنية التي زيّن بها قاعات المحكمة الإدارية في المدينة القديمة، والتي أضحت مهمتها عن حق كوسيط بين القضاء والشعب بشكل كبير، من حيث إنها باتت تخفف من التوترات النفسية الداخلية لدى الجمهور".
داخل تلك القاعات هناك، حيث يمكن أن تصبح الأشياء في بعض الأحيان شخصية للمتألمين والمظلومين، يتم التعامل مع موضوع الفن بحساسية. لقد احتلت نتاجات سهف مكانها هناك بحق، من أجل تحويل الحياة اليومية لأولئك الناس إلى حالة أشبه بالحوار الإبداعي.
وخلال وجود لوحاته على جدران معرض مشترك حمل اسم "لوحات مسرحية" داخل قاعة "المتحف الموسيقي" التاريخي في فيينا؛ كانت ممثلة برامج منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونيسكو) حاضرة هناك لتمنحه الجائزة الأولى لـ "المواطن العالمي/Global Citizen Award" عن لوحته التي عنونها بـ "وكانت/Sie war".
واللوحة من بين لوحات عديدة يعمل عليها سهف ضمن مجموعة: "ربما أحد ما هنا/ Vieleicht ist jemand da" التي تعدّ بمثابة "باقة ورود على قبور المنسيين.. أولئك الذين يحتمون بالهامش من غضب الحياة" بحسب وصف سهف في أثناء حديثه لـ موقع تلفزيون سوريا.
سهف عبد الرحمن
فنان تشكيلي سوري من مواليد مدينة حمص 1974. يقيم في النمسا- فيينا منذ عام 2015.
- 2016 معرض في فيينا بدعوة من منظمة الكتابة الآن. معرض في مرسم الفنان الإيطالي جوليو كماغاني. معرض في الكنيسة الكاثوليكية في فيينا الكارلس بلاس.
- 2017 معرض بعنوان طوابع البريد الحربي بدعوة من نادي feldversuchen الثقافي. معرض Art View Vianna الدولي مع سبعين فناناً من مختلف بلدان العالم.
- 2018 المشاركة بمعرض Face Art الدولي في إيطاليا مدينة سان ريمو. المشاركة بـ12 عملاً في معرض "فن للعدالة" الذي يقام في بناء المحاكم الإدارية في فيينا ويدوم على مدار السنة بمشاركة 100 فنان.
- 2019 معرض "شياطين سهف عبد الرحمن" بدعوة من غاليري Kunst quit.
- 2021 معرض في مدينة جنيف مع مجموعة من الفنانين وطبعت أعمال المعرض في كتاب. معرض بعنوان "ربما أحد ما هنا" بدعوة من غاليري فضاء الوقت فضاء الفن.
- وفي عام 2022 نال الجائزة الأولى "المواطن العالمي- اليونيسكو" في معرض لوحات مسرحية في متحف الموسيقا. له بعض الدراسات الاجتماعية والنقد التشكيلي، والعديد من المقالات المنشورة في المواقع والدوريات العربية والعالمية.