بدأت "كومينات" (لجان الأحياء) التابعة "لقوات سوريا الديمقراطية" (قسد)، الثلاثاء، بإجبار سكان مناطق شمال شرق سوريا على تسلّم البطاقات الانتخابية، وذلك لجميع السكان ومن دون طلبها.
جاء ذلك بعد تسريب تسجيلات صوتية لمسؤولي الكومينات يهددون فيها الأهالي بحرمانهم من الخبز والغاز والمازوت والخدمات في حال عدم مشاركتهم بالانتخابات البلدية المزمع إجراؤها الشهر الجاري.
وحددت "الإدارة الذاتية" موعد إجراء انتخابات محلية في مناطق نفوذها بتاريخ 11 يونيو/ حزيران الجاري لاختيار رؤساء البلديات.
وقال "سلوم الدهام" (اسم مستعار) من مدينة الحسكة لموقع تلفزيون سوريا إن "رئيس الكومين طلب منه جلب دفتر العائلة بذريعة تجديد بطاقة مازوت التدفئة والغاز للعام الجديد ليتفاجأ في اليوم الثاني بتسلميه خمس بطاقات انتخابية باسمه واسم زوجته وثلاثة من أبنائه ممن أتموا 18 عاماً من العمر".
وأوضح الدهام أن "رئيس الكومين وهو من سكان الحي أخبرني أن البطاقة سوف تفيد عائلتك في المستقبل ومن أجل مصلحتك قمت بإصدارها وتجهيزها لك".
وأفاد بأن "الكومين أصدر عشرات البطاقات لسكان الحي ذاته بنفس الطريقة ما اضطر المواطنين إلى استلامها بدون أي اعتراض خشية انقطاع الخبز والخدمات عنهم".
تعميم لـ "الكومينات" بعدم مشاركة تسجيلات صوتية
وقال مسؤول كومين في الحسكة لموقع تلفزيون سوريا اشترط عدم الكشف عن اسمه لدواع أمنية أنهم تلقوا تعليمات صارمة بعدم مشاركة أي تسجيلات صوتية حول الانتخابات وعن حث السكان على المشاركة وربطها بالخبز والغاز والخدمات.
وأشار المسؤول إلى أن "التوجيهات نصت على الطلب من المواطنين جلب دفتر العائلة بهدف تجديد بطاقة المحروقات للعام الجديد وعلى أساس الدفتر يتم إصدار بطاقات انتخابية بعد إقناع الأهالي بضرورة الحصول عليها بشكل شفهي لاستمرار حصولهم على الخدمات".
وأوضح أن "تسريب عشرات الأصوات وضع الإدارة الذاتية في موقف محرج وكذلك خلق حالة من الامتعاض الشعبي لدى سكان المنطقة من جراء ربط موضوع خدمي مثل الحصول على الخبز بالمشاركة في الانتخابات".
توقعات بمشاركة ضعيفة في الانتخابات
ويرى "أحمد السلوم" وهو ناشط إعلامي من مدينة الحسكة أن الإدارة الذاتية تتوقع مشاركة وإقبالا ضعيفين على الانتخابات البلدية لذلك لجأت إلى أسلوب التهديد والوعيد بداية عبر تخيير سكان المنطقة بين حرمانهم من الخبز والخدمات أو المشاركة في الانتخابات، ولاحقا منحهم البطاقات من دون طلبها.
وأوضح السلوم أن "المشكلة التي تلازم تجربة الإدارة الذاتية هي عدم حصولها على الشرعية على المستوى المحلي أو السوري والإقليمي ولذلك تسعى جاهدة لإجراء انتخابات جديدة بهدف إضفاء صبغة من الشرعية على سلطتها ومؤسساتها".
واستبعد السلوم أن تساهم الانتخابات في أي تغييرات حقيقية في الواقع الخدمي في مناطق شمال شرق سوريا لكون "كافة المسؤولين ما هم إلا عبارة عن واجهة وأشخاص بلا صلاحيات وسلطة، إذ يقف خلف كل دائرة ومؤسسة في الإدارة الذاتية، عضو في حزب العمال الكردستاني (كادر) يملك القرار الأول والأخير ويتحكم بكل شيء".
وتابع "السلوم" أن الغاية من تسليم "قسد" عددا كبيرا من البطاقات الانتخابية لسكان المنطقة بدون أخذ موافقتهم يهدف إلى محاولة الادعاء لاحقا أمام الإعلام وحلفاء قسد كالولايات المتحدة وفرنسا ودول غربية أخرى بأن نسبة كبيرة من سكان المنطقة شاركوا في الانتخابات على أساس عدد البطاقات الصادرة التي تم تسليمها لأهالي المنطقة.
واشنطن لا تدعم الانتخابات
قال نائب المتحدث باسم الخارجية الأميركية، فيدانت باتيل، إن "أي انتخابات تجري في سوريا يجب أن تكون حرة ونزيهة وشفافة وشاملة، كما يدعو قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254"، مضيفاً أن الولايات المتحدة "لا تعتقد أن هذه الشروط متوفرة بالانتخابات في شمال شرقي سوريا".
وأشار المسؤول الأميركي إلى أن وزارة الخارجية الأميركية "نقلت ذلك إلى مجموعة من الجهات الفاعلة في شمال شرقي سوريا".
المجلس الكردي: انتخابات الإدارة الذاتية غير شرعية
من جانبه، أكد "المجلس الوطني الكردي" أن الانتخابات التي تستعد "الإدارة الذاتية" للقيام بها في مناطق سيطرتها شرقي الفرات "تتم في بيئة غير محايدة ومحسومة النتائج بشكل يرسخ سلطة وهيمنة حزب الاتحاد الديمقراطي، التي تستند إلى عقد اجتماعي مؤدلج".
وفي بيان عقب اجتماعه في مدينة القامشلي نقلته منصة "الائتلاف الوطني السوري"، شدد "المجلس الوطني الكردي" على أن هذه الانتخابات "تفتقر إلى الشرعية".
انتخابات "الإدارة الذاتية" شمال شرقي سوريا
والسبت الماضي، أعلنت "الإدارة الذاتية" أن عدد المرشحين في الانتخابات البلدية المزمع إجراؤها في 11 حزيران الجاري بلغ 5336 مرشحاً، استُلمت طلباتهم وتمت الموافقة عليها.
وقالت المفوضية العليا للانتخابات في الإدارة الذاتية إن عدد مراكز الاقتراع في شمال وشرق سوريا بلغ 1792 مركزاً إلى جانب 2113 صندوقاً.
وتعتزم "الإدارة الذاتية" تنظيم الانتخابات على أساس ما تصفه بـ "العقد الاجتماعي للإدارة الذاتية الديمقراطية لإقليم شمال وشرق سوريا"، الذي أعلنته في 13 كانون الأول 2023، في خطوة نحو سعيها لتعزيز سيطرتها على مناطق شمال شرقي سوريا.