أعرب رئيس النظام السوري بشار الأسد عن شكره وامتنانه للدول "الشقيقة والصديقة" التي قدّمت المساعدات الإغاثية إثر الزلزال المدمّر الذي ضرب سوريا وتركيا في الـ6 من شباط الجاري، مشيراً إلى أن الإمكانات المتوفرة لتجاوز مخلفات الزلزال ما تزال محدودة.
وقال بشار الأسد اليوم الخميس في أول كلمة متلفزة له بعد الزلزال: "نحن لا نوجه الشكر لكل من عمل من المواطنين على تخفيف المُصاب الأليم بما يستطيع مادياً ومعنوياً؛ لأن محبة الوطن وخدمته والدفاع عنه من قبل أي منا هو واجب لا يستدعي الشكر، بل نقول لهم، نفخر بكم ويفخر بكم الوطن".
وأضاف: "لا يفوتنا تقديم الشكر لكل الدول التي وقفت معنا منذ الساعات الأولى للكارثة، من أشقاء عرب ومن أصدقاء، وكان لمساعداتهم العينية والميدانية الأثر الكبير في تعزيز قدراتنا لمواجهة الظروف الصعبة في الساعات الحرجة.. وأخص بالذكر فرق الإنقاذ من مختلف الدول التي شاركت بفعالية".
الزلزال و"المؤامرة على سوريا"
وكما جرت العادة في كل كلمة تعقب حدثاً طارئاً، ربط بشار الأسد "الأزمة" المستجدة المرتبطة بالزلزال المدمّر، بمختلف الأزمات الأخرى التي تشهدها المناطق الواقعة تحت سيطرة نظامه، وبـ "المؤامرة والحرب على سوريا والحصار..."، وبأن الشعب السوري هو المعني بمواجهة هذه الأزمة أيضاً على غرار سابقاتها.
وقال: "الوطن هو المنزل، وحمايته واجبٌ بغض النظر عن نوع وحجم التحدي، وبغض النظر عن الإمكانيات زادت أو نقصت، هذا ما كان منذ اللحظات الأولى للزلزال... هذا الشعور العميق والشامل تجاه الوطن البيت سوريا، من قبل أبناء عائلته الواحدة أفراداً ومؤسسات.. وهذه الهبةُ الهائلة لحماية وإنقاذ ومساعدة إخوتهم المكلومين في حلب واللاذقية وحماة لم يكن المشهد الوطني والإنساني غريباً عن أي منا وقد لمسناه بمفاصل متعددة خلال 12 عاماً من الحرب على سوريا والحصار مع ما رافقهما من موت وتخريب وقلة موارد".
وحمّل رئيس النظام مسؤولية تبعات الزلزال ونتائجه على "الحصار والحرب والإرهاب". وقال: "للزلازل تداعيات عاجلة وآجلة.. وما سنواجهه على مدى أشهر وسنوات من تحديات خدمية واقتصادية واجتماعية، لا يقل أهمية عما واجهناه خلال الأيام الأولى. ومن الضروري ألا ننظر إلى تلك التداعيات كحالة منعزلة مرتبطة بالزلزال حصراً، بل كحالة تراكمية للحرب والتخريب الإرهابي، وللحصار بتأثيراته، وللزلزال مؤخراً.. يُضاف إليها عوامل خلل تراكمت عبر عقود سابقة للحرب في القطاعات المختلفة".
"إمكانات محدودة": دعوة مبطّنة للاستمرار بإرسال المساعدات
وبرّر بشار الأسد تقاعس نظامه في الاستجابة لإنقاذ المنكوبين وتقديم العون لهم بالقول إن "حجم الكارثة (الزلزال) والمهام المناطة بنا جميعاً أكبر بكثير من الإمكانات المتاحة... ليس بسبب الحرب والحصار فقط، وإنما لأن سوريا لم تكن منطقة زلازل مدمرة على امتداد قرنين ونصف. فلا المنشآت والأبنية، ولا المؤسسات والمعدات محضرةٌ للكوارث الطبيعية بأنواعها" على حد زعمه.
واعتبر أن "الاستجابة السريعة من قبل المؤسسات الحكومية ومؤسسات المجتمع المدني والأفراد.. متطوعين بأعمال الإنقاذ، أو متبرعين بمساعدات عينية أو مالية، مقيمين أو مغتربين، بالإضافة إلى المساعدات العاجلة التي وصلت من الدول الشقيقة والصديقة" هي التي أسهمت في تخفيف آثار الزلزال وإنقاذ الكثير من المصابين.
وألمح بشار الأسد إلى أن العمل على معالجة آثار الزلزال سيأخذ وقتاً طويلاً وغير محدّد، قائلاً بأن "المشهد قد يبدو معقّداً، وقد يكون من الصعب الفرز بين الأسباب المؤدية لكل مشكلة من المشكلات على حدة... وهذا يعني أن ننتقل من معالجة سلبيات الظروف الطارئة، إلى إضافة إيجابيات المعالجة الشاملة".
وتابع: "هذا لا يمكنُ أن يحصلَ دفعة واحدة، بل كأولوياتٍ بحسب توفر الإمكانيات وعلى مراحلَ زمنية.. لكن المهمَ هو امتلاكُ الرؤية، المبنية على توافق وطني منطلق من حوار واسع"، على حد تعبيره.
"زلازل جيولوجية وسياسية وعسكرية"!
وبحسب بشار الأسد، فإن الزلازل لها أنواع عديدة، منها ما هو جيولوجي ومنها "السياسي والعسكري والثقافي الاجتماعي"، على حدّ زعمه. وقال: "عندما تتعرض المجتمعاتُ للزلازل بأنواعها، جيولوجيةً كانت، سياسية، عسكرية، ثقافيةً اجتماعية، أم غيرها من الهزات العنيفة، فلا بد لها أن تفقد شيئاً من استقرارها، لاهتزاز ضوابطها المؤسسية والاجتماعية، من قوانين وأنظمة، ومن مفاهيمَ وأعرافٍ وأخلاقيات".
ورأى أن ذلك "يؤدي بدوره لظهور السلبيات الموجودة أساساً، لكنها كامنة أو محدودة بفعل تلك الضوابط. والحماس والاندفاع لمعالجة تلك المظاهر التي تطفو على السطح في الأزمات ضروريٌ، شرط أن يرتكز على الحكمة والوعي، وعلى الحقائق لا على المبالغات أو الأوهام فلنبحث عن الحقيقة بدلاً من تسويق الشائعة، التي إن طغت على مشاهد البطولة والتضحية والتفاني والتعاضد والاندفاع اللامحدود الذي شهدناه خلال الساعات والأيام التي تلت الزلزال"، بحسب وصفه.