أعلن السير كير ستارمر رئيس وزراء بريطانيا عن رغبته بإحياء ترتيبات تعود لما قبل انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي وتقوم على مشاركة المعلومات الاستخباراتية مع الاتحاد بما يتيح للمملكة المتحدة تولي زمام الرد الأوروبي على عمليات تهريب البشر.
بيد أن قدرة بريطانيا على الوصول إلى قواعد البيانات الموجودة لدى الاتحاد الأوروبي تراجعت بعد خروجها من هذا الاتحاد، ما يعني بأن وكالات حفظ النظام والقانون في البلد لم يعد بوسعها تنفيذ عمليات عبر الحدود.
في خطابه الذي ألقاه بغلاسكو خلال الاجتماع السنوي للإنتربول، الذي حضره مسؤولون في جهاز الشرطة ووزراء من 196 دولة، قال رئيس الوزراء البريطاني بأن لديه رسالة على الصعيد الشخصي وتتمثل بسحق عصابات تهريب البشر.
وذكر بأن الاتفاقية التي أبرمتها بريطانيا مع الاتحاد الأوروبي قبل انسحابها من هذه الكتلة، أضرت بقدرة بريطانيا على مكافحة عمليات العبور بقوارب صغيرة، وهكذا ارتفع عدد المهاجرين الذين حاولوا العبور بشكل كبير ليصل إلى أكثر من 31 ألفاً خلال هذا العام، كما أن ما لا يقل عن 60 شخصاً غرقوا في أثناء محاولتهم خوض هذه الرحلة.
وأضاف ستارمر: "إن أنجع طريقة لسحق العصابات التي تمارس تلك الأمور هي مشاركة أكبر قدر من المعلومات إلى جانب تنسيق الأمور التي نقوم بها في هذا المضمار".
كما أعلن عن رغبته بالمضي بالمملكة المتحدة إلى مركز الصدارة والقيادة فيما يتصل بتنفيذ عمليات فعلية في هذا المجال.
يذكر أن المملكة المتحدة استثنيت من عدد من قواعد البيانات الأوروبية ومنها قاعدة بيانات مذكرات الاعتقال الأوروبية، ومنظومة شنغن للمعلومات، كما خسرت عضويتها في اليوروبول ( وكالة الاتحاد الأوروبي للتعاون في مجال إنفاذ القانون) واليوروداك (قاعدة بيانات تابعة للاتحاد الأوروبي تخزن بصمات أصحاب طلبات الحماية الدولية أو الأشخاص الذين عبروا الحدود بشكل غير قانوني) ونظام البصمات الأوروبي.
ميثاق جديد
هذا وسيقوم رئيس الوزراء البريطاني بتوقيع ميثاق أمني جديد مع الاتحاد الأوروبي بما أن ذلك يحتل مركز الصدارة على جدول أعماله عند لقائه بزملائه من الرؤساء والقادة في قمة المجتمع السياسي الأوروبي التي ستعقد في هنغاريا يوم الخميس القادم.
وفي مؤتمر صحفي، رفض ستارمر أن يحدد التاريخ الذي من المتوقع للشارع البريطاني أن يشهد تراجعاً في عدد حالات العبور بواسطة قوارب صغيرة، واكتفى بالقول: "لن أحدد موعداً اعتباطياً أو رقماً عشوائياً، لكننا ملتزمون بهذا الأمر غاية الالتزام".
وانتقد ستارمر الترتيبات الأمنية التي وافق عليها بوريس جونسون في عام 2020 عقب انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وذلك عندما قال: "عندما يتعلق الأمر بالأمن، فبوسعنا أن نقدم أداء أفضل من الاتفاقية التي وقعنا عليها، وهذا ما نسعى إليه فعلاً، ولهذا لا أعتقد بأن الاتفاقية التي وقعنا عليها كانت اتفاقية جيدة، ولا أعتقد بأننا فعلنا ما يتوجب علينا فعله فيما يتصل بموضوع عبور الحدود، والجريمة والأمن، ولهذا نرغب بتحسين الوضع في تلك الأمور، ويمكن القيام بذلك على مستوى الاتحاد الأوروبي"، وأضاف: "عندما تترأس المملكة المتحدة جانباً معيناً، فإنها ستبلي فيه بلاء حسناً، وهذا ما أقوله من خلال خبرتي وما فعلته طوال خمس سنوات، ومازلت أسعى حتى تصل المملكة المتحدة لموقع الصدارة والقيادة فيما يتصل بتنفيذ عمليات واقعية فعلية، لاسيما عندما يتعلق الأمر بالتهريب ونقل البشر بقوارب صغيرة لقطع بحر المانش".
تسريع معالجة طلبات اللجوء
أما وزيرة الداخلية البريطانية إيفيت كوبر التي حضرت اجتماع الإنتربول، فقد ذكرت بأن وزارة الداخلية البريطانية وضعت مخططات لتسريع معالجة طلبات اللجوء التي تقدم بها مهاجرون وصلوا إلى المملكة المتحدة قادمين من دول تشهد نزاعات مثل أفغانستان وأريتريا وسوريا، ومعظم المتقدمين من تلك الدول يحصلون على حق اللجوء في معظم الأحيان.
وأضافت الوزيرة: "إننا ندرس طرقاً وأساليب بوسعنا من خلالها أن نخرج بنهج يعمل على تسريع معالجة طلبات اللجوء التي تقدم بها أشخاص أتوا من دولة آمنة في أغلبها، وذلك لأن الأمر يرتبط بشكل وثيق بتسريع عمليات الترحيل أيضاً، ولأنه بات من الواضح أنه كلما طال وقت مكوث الطلبات في تلك المنظومة، التي ورثناها عن سلفنا، زاد الضرر والتكلفة المترتبة على تلك المنظومة".
خطوط ستارمر الحمر
بالعودة إلى ستارمر، ذكر هذا الرجل بأنه ملتزم بخطوطه الحمر فيما يتصل بالعضوية في السوق الأوروبية الموحدة، وحرية التنقل، والاتحاد الجمركي، لكنه كشف عن سعيه إلى إحياء أكبر عدد ممكن من الترتيبات الأمنية التي أبرمتها بريطانيا مع الاتحاد الأوروبي قبل انسحابها منه، وقال: "أوضحت وبشكل كامل فيما يتعلق بجريمة عبور الحدود، وخاصة بالنسبة لجريمة تهريب البشر، فإنه كلما زادت نسبة المعلومات التي نشاركها، صارت الأمور أفضل، وكلما زادت نسبة تعاوننا، صارت الأمور أحسن. وكلما زادت معرفتنا حول حالة معينة وهل تقدم الأشخاص فيها بطلب لجوء في دولة أخرى في السابق أم لا، وهل بوسعنا فعل شيء حيال ذلك أم لا، صارت الأمور أفضل، لأن النموذج الذي أرغب بتطبيقه هو النموذج الذي عرفته منذ أن شغلت منصب النائب العام، وذلك عندما كنا نجمع معلوماتنا الاستخباراتية وبياناتنا، بل كنا نفعل ما هو أكثر من ذلك، وهو أن نضع استراتيجيتنا موضع التنفيذ الفعلي، وهذا يعني وضع اتفاق مشترك بخصوص المكان الذي ستتم فيه عمليات الاعتقال مثلاً، والمكان الذي ستجري فيه الملاحقة القضائية ومن أين ستجمع الأدلة، وما القواعد التي يبنى رفض [طلب اللجوء] على أساسها".
وأضاف رئيس الوزراء بأن بريطانيا في ظل حكم حزب العمال لن تنسحب من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، لكنه قال بأنه لابد من تحديث هذه الاتفاقية، وذكر في مؤتمر صحفي بأن الاتفاقية بحاجة دوماً لمواكبة سرعة الظروف المتغيرة، وهذا ما حظيت به على الدوام، وما يوافق عليه ويؤيده هذا الرجل.
المصدر: The Times