وصفت شبكة " هافينغتون بوست" Huff Post الإخبارية منسق البيت الأبيض لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بريت ماكجورك، بأنه أحد أقوى الأشخاص في الأمن القومي الأميركي إلى جانب 3 شخصيات أخرى.
وأفاد تقرير نشرته الشبكة الأميركية، بأن أربعة أشخاص في واشنطن يشكّلون سياسة أميركا في الشرق الأوسط. ثلاثة منهم واضحون: الرئيس جو بايدن، ووزير الخارجية أنتوني بلينكن، ومستشار الأمن القومي جيك سوليفان. الرابع هو بريت ماكغورك، الأقل شهرة من الثلاثة السابقين، على الرغم من نفوذه الهائل عليهم، وتصميمه على الاستمرار في مناصرة السياسات التي يرى كثيرون أنها تغذي سفك الدماء في غزة وخارجها.
وبحسب التقرير، فإن ماكغورك يشرف على صياغة الخيارات التي يدرسها بايدن بشأن قضايا تتراوح من المفاوضات مع إسرائيل إلى مبيعات الأسلحة للمملكة العربية السعودية. فهو يتحكم في ما إذا كان خبراء الشؤون العالمية داخل الحكومة -بما في ذلك الموظفون الأكثر خبرة في البنتاغون ووزارة الخارجية- يمكن أن يكون لهم أي تأثير، ويقرر أي الأصوات الخارجية يمكنها الوصول إلى محادثات صنع القرار في البيت الأبيض.
موهبة ماكغورك في زيادة نفوذه، تثير حسد مشغلي "بيلتواي" (عالم واشنطن الاجتماعي والسياسي) الآخرين. ولديه رؤية واضحة حول الكيفية التي يعتقد بها أنه ينبغي تعزيز المصالح الأميركية، فيما يتعلق بالمخاوف المتعلقة بحقوق الإنسان باعتبارها ثانوية في أحسن الأحوال، وفقاً لزملائه الحاليين والسابقين والمراقبين المقربين.
ونقل التقرير عن مسؤول أميركي سابق قوله: "إنها قوة هائلة غامضة تماماً وغير شفافة وغير خاضعة للمساءلة".
وبمقارنة نهج ماكغورك المركزي للغاية في عهد بايدن بالطريقة الأكثر استشارية التي اتخذت بها الإدارات السابقة القرارات، قال ممثل إحدى مجموعات المجتمع المدني إن ماكغورك "قادر على قيادة الأمور مع (سوليفان) والرئيس في خطط ليست عملية"
إنها درجة مذهلة من السلطة لعميل يبلغ من العمر 50 عاماً وله مهنة مثيرة للجدل للغاية. وقال أحد المسؤولين الأميركيين الحاليين إن هيمنة ماكغورك جعلت من أعلى مسؤول في الشرق الأوسط في وزارة الخارجية -السفيرة السابقة التي، على عكس ماكغورك، تم تثبيت منصبها من قبل مجلس الشيوخ- مجرد "ورقة توت"، وفق وصفه.
وأضاف المسؤول: "ليس لدى وزارة الخارجية أي اهتمام بشأن الصراع بين إسرائيل وفلسطين لأن بريت هو في مركزها". في الوقت نفسه، أصبح التركيز الأساسي لماكغورك، المتمثّل بالتوصل إلى اتفاق بين إسرائيل والمملكة العربية السعودية، يهيمن على الدبلوماسية الأميركية في المنطقة، بحسب المسؤول الذي أردف: "لقد دفع ماكغورك باستمرار من أجل التواصل مع السعوديين وسعى إلى وضع تلك العلاقة في مقدمة ما نحاول القيام به في الشرق الأوسط".
ماكغورك والحرب على غزة
شهدت الخارجية الأميركية ضجة داخلية في الأسابيع الأخيرة. ويوم الخميس الفائت، قال مسؤول بوزارة الخارجية لـ HuffPost إن الموظفين قدموا ما لا يقل عن 6 خطابات معارضة رسمية بشأن سياسة بايدن في غزة إلى بلينكن من خلال قناة محمية.
ووسط الأزمة التي اندلعت في السابع من تشرين الأول الماضي، عندما شنت إسرائيل هجوماً مستمراً أدى إلى مقتل أكثر من 14 ألف فلسطيني حتى الآن، حافظ ماكغورك على أهميته. وهو منخرط بعمق في المفاوضات بين إسرائيل وحماس والحكومات الإقليمية التي سمحت لأكثر من 100 رهينة إسرائيلية بالعودة إلى ديارهم وزادت من حجم المساعدات الإنسانية المتدفقة إلى غزة. ويدير فريقه بإحكام ما يقوله المسؤولون الأميركيون بشأن الصراع، وهو على اتصال منتظم مع المسؤولين الأجانب الذين يقولون إن الدعم الأميركي غير المقيد إلى حد كبير لإسرائيل يثير استياءً كبيراً في جميع أنحاء العالم.
والآن هناك قلق متزايد من أنه على الرغم من صدمة هجوم حماس ورد الفعل الإسرائيلي الكاسح، فإن ماكغورك سيقف إلى جانب الأولويات والتكتيكات التي يرى العديد من المسؤولين والمحللين أنها غير مفيدة على الإطلاق، بحسب التقرير.
ماكغورك وملف التطبيع الإسرائيلي- السعودي
المسؤول الأميركي السابق علّق بالقول: "نظرية بريت حول المنطقة هي أنها مصدر لعدم الاستقرار ولكنها أيضاً مصدر للموارد... إنها عقلية استعمارية قديمة للغاية: يحتاج الناس إلى حكام أقوياء للسيطرة عليهم، ونحن بحاجة إلى استخراج ما نحتاج إليه لمصلحتنا مع تقليل التكلفة التي نتحملها على أنفسنا والآخرين الذين نراهم مثلنا، وفي هذه الحالة الإسرائيليين".
وقال: "هذا النهج يفشل دائماً"، واصفاً بريت بأنه "قصير نظر" ويجبر الولايات المتحدة على إعادة الاستثمار في الشرق الأوسط كل بضع سنوات. وأردف: "هذا مثال واضح أمامكم: لقد أرادوا تجاوز الفلسطينيين" في التطبيع السعودي الإسرائيلي.
مسؤول آخر في البيت الأبيض قال للمصدر إن ماكغورك وإدارة بايدن يعطون الأولوية للحقوق الفلسطينية، بما في ذلك خلال المحادثات حول التطبيع السعودي الإسرائيلي. وفي تلك المحادثات، قال المسؤول: "كان الفلسطينيون في المركز". إلا أن المتشككين يخشون أن تركيز ماكغورك على ما يسمى "التطبيع" السعودي الإسرائيلي سيعني تركيز استراتيجية أميركا في الشرق الأوسط على صفقة سعودية إسرائيلية تفتقر إلى تسوية ترضي الفلسطينيين، ما يزرع بذور الخلاف في المستقبل.
إنه يفكر بعقلية تشبه إلى حد كبير عقلية إدارة بوش. يقول المسؤول الأميركي ويضيف: "إنها عقلية لم تتغير على مدار الأعوام الخمسة والعشرين الماضية". اكتسب ماكغورك مكانة بارزة لأول مرة في سلطة الاحتلال الأميركية في العراق بعد غزو عام 2003.
وناقشت "هافينغتون بوست" موضوع ماكغورك مع 23 مسؤولاً أميركياً حالياً وسابقاً وأشخاصاً على اتصال منتظم مع إدارة بايدن بشأن سياسة الشرق الأوسط. معظمهم لم يتحدثوا إلا دون الكشف عن هويتهم خوفاً من الانتقام بعد انتقادهم ماكغورك. بينما رفض التحدث بشكل رسمي، وفق ما أشار تقرير الشبكة.