icon
التغطية الحية

بحرات دمشقية ولوحات ملونة.. سوريون يدخلون عالم تصنيع الرخام في مصر

2024.06.27 | 05:47 دمشق

آخر تحديث: 27.06.2024 | 05:47 دمشق

432
فنّ صناعة البحرات واللوحات الرخامية (صورة أرشيفية/تلفزيون سوريا)
القاهرة - لجين عبد الرزاق دياب
+A
حجم الخط
-A

على جدران المطاعم ومداخل الفيلات والمحال السورية في مصر، تنتشر لوحات رخامية ملونة تصف شارعا دمشقيا، أو تفاصيل البيوت القديمة، لتشير إلى هوية أصحابها، وتشعرهم بالقرب من بلادهم التي تركوها مجبرين.

يعمل عدد من السوريين بمجال تصنيع الرخام في مصر، وتتنوع الخدمات التي يقدمونها بين اللوحات الملونة، والمطابخ والحمامات المصنوعة من الرخام وغيرها من الأعمال الفنية المصنوعة من الرخام.

أُبيّ محمد علي (32 عاما) سوري نقل فن صناعة البحرات الدمشقية واللوحات الرخامية إلى مصر، واليوم لديه زبائن كثر من المصريين والسوريين.

اللوحات المحفورة على الجدران

في كل مطعم أو محل سوري لابد من وجود رمز يدل على هوية صاحبه، سواء لوحة لشوارع دمشق القديمة، أو صورة لنواعير حماة وقلعة حلب، وإن لم يكن معلم من إحدى مدن سوريا، فسنرى بحرة في منتصف المكان.

بالإضافة إلى أن هذه القطع الفنية تعبّر على هوية المكان، لكنها أيضاً تجذب الزبائن الذين يشعرون بالانتماء إلى الأماكن التي تصورها، وتعرّف المصريين على مهنة فنية أبدع فيها السوريون.

نوار الهاني، سوري وصاحب مطعم في حي مدينة نصر يقول لموقع تلفزيون سوريا: "عندما يأتي سوريون للمطعم، يحبون أن يلتقطوا الصور مع هذه اللوحات بسبب حنينهم لهذه الأماكن، بينما يسألنا كثير من المصريين عن ما يوجد داخل اللوحة ونوضح لهم ذلك ليتعرفوا أيضا إلى بلادنا".

مداخل الفلل والبيوت أيضا 

في مدخل بيته الكائن بحي الرحاب، طلب عمر السعيد حفر لوحة رخامية على الجدار لتفاصيل بيت جده الكائن في حي القيمرية في دمشق القديمة، شرحت اللوحة "أرض الديار" التي تزينها بحرة في المنتصف وأنواع متعددة من الأشجار والزهور.

ويقول عمر لموقع تلفزيون سوريا: "طلبت من شاب سوري تصميم اللوحة الرخامية لي، بحسب الصورة التي أرسلتها إليه، وكنت أريد تخليد هذه الذكرى في منزلي هنا أيضا كي لاينسى أولادي تاريخهم وأصولهم".

البحرات الدمشقية تزيّن البيوت والمطاعم

أبيّ محمد علي، نقل مهنة صناعة البحرات الدمشقية معه إلى مصر بعد أن تعلمها منذ صغره وكان يعمل بها في بلاده، وبعد 8 سنوات من هجرته أصبح لديه العديد من الزبائن.

ويعود منشأ البحرة إلى دمشق، حيث كانت تعمل على ترطيب الهواء الجاف وتحويله إلى بارد إذ تعمل كمكيف طبيعي داخل البيوت.

يقول أبي في حديث لموقع تلفزيون سوريا: "وصلت إلى مصر منذ 8 سنوات، وبدأت أعمل بتصنيع الرخام بشكل عام، ثم تخصصت بصناعة البحرات الدمشقية والتي توضع بشكل كبير في المطاعم السورية والفيلات الكبيرة، كما زينت البحرات أيضا بيوت المصريين ومزارعهم".

عندما يأتيني طلب، أقوم برسم البحرة وزخرفتها وكل مايخصها ليراها الزبون قبل بدء التنفيذ وعندما أحصل منه على الموافقة النهائية، نبدأ العمل على التنفيذ، حيث لا يمكن التغيير أو التعديل بالزخرفات والرسوم والحجم بعد بدء مرحلة التنفيذ.

تختلف أسعار البحرات على حسب الحجم، وخامة الرخام المستخدم سواء مستورد أو محلي، ويتراوح سعر البحرة الواحدة بين 30 إلى 60 ألف جنيه (1200 دولار) 

يضيف أبي، بأن العمل باللوحات الرخامية والبحرات لا يوفر وحده مردودا ماديا جيدا، لأن زبائنه محدودين، على عكس العمل في المطابخ والحمامات فهي أعمال لا تتوقف.

يعمل عدد من السوريين بتصنيع الرخام في المطابخ والحمامات الخاصة بالبيوت والمطاعم وغيرها، ويعتبرونها مهنة أساسية ذات مردود مادي جيد، كما يوجد لها زبائن بشكل دائم وخصوصا من المصريين.

مهند حسن، سوري يقول لموقع تلفزيون سوريا: "أعمل في مجال تصنيع الرخام منذ 10 سنوات، وأغلب زبائني من المصريين، أحاول أن أتقن عملي وأن تكون أجرتي مناسبة كي لا أفقد ثقة الزبائن".

يضيف مهند، نشتري الرخام من مصانع مصرية نتعاون معها، ونتفق مع الزبون على الخامة حيث تختلف الأسعار باختلاف الخامات.

يتراوح سعر الرخام المصري بين 200 إلى 600 جنيه للمتر الواحد وتختلف أنواعه، بينما يتراوح سعر متر الرخام المستورد بين 900 إلى 1600 جنيه.

"عمل متقن"

ويحظى فنيو الرخام السوريون بسمعة متميزة جعلتهم مرغوبين بشدة في سوق العمل المحلي. يعود ذلك إلى إتقانهم الفائق للأعمال الرخامية بأدق تفاصيلها، بالإضافة إلى سرعتهم الملحوظة في إنجاز المشاريع والتزامهم الصارم بالمواعيد المتفق عليها. هذه الميزات تجعل الزبائن لا يترددون في طلب اللوحات الرخامية والأعمال الفنية الأخرى المصنوعة من الرخام من هؤلاء الفنيين، معتمدين على مهاراتهم العالية وجودة أعمالهم. 

تقول السيدة سحر محمود وهي مصرية الجنسية: "عندما كنت أجهز رخام مطبخي تعاملت مع أحد السوريين، وكان يعمل بإتقان كأنه يجهز مطبخه الشخصي، كما كانت مواعيد التسليم دقيقة جدا والأسعار مناسبة".

القدرة على التعلم والتطور

دخل السوريون مجال تصنيع الرخام ولم يكتفوا بما تعلموه سابقا، بل دخلوا بتحديات لتعلم الموديلات الجديدة خصوصا تلك الخاصة بالمطابخ وأحواض الحمامات، وأتقنوا الرسومات العصرية على الرخام وطوروا من مهاراتهم حتى وصلوا إلى جميع فئات المصريين.

وكان من أبرز ما أضافوه إلى خبرتهم، النحت على الأرضيات والأسقف داخل الفيلات والبيوت الكبيرة من رسومات متنوعة ونقشات مختلفة.

يقول سراج خالد، سوري يعمل بتصنيع الرخام، في البداية كنت أصنع الأحواض الرخامية والمطابخ، ولكن منذ ثلاث سنوات، علمني أحد أصدقائي المصريين طريقة الرسم والنحت على الرخام ودخلت هذا المجال الذي زاد من خبرتي.

السوريون في مصر: إتقان وفن راقٍ في تصنيع الرخام

بات السوريون الذين دخلوا عالم تصنيع الرخام في مصر مثالاً حيّا على التفاني والإبداع في العمل. من خلال مهاراتهم الفائقة وإتقانهم للأدق التفاصيل، استطاعوا أن يتركوا بصمة واضحة في السوق المصري.

اللوحات الرخامية الملونة والبحرات الدمشقية التي تزين المطاعم والمنازل لم تعد مجرد عناصر تزيينية بل أصبحت رمزاً للهوية والتراث السوري. كما أن الإقبال الكبير من المصريين على هذه الأعمال يؤكد على نجاح السوريين في دمج ثقافتهم الفنية مع متطلبات السوق المحلية. ومع استمرارهم في التعلم والتطوير، يبقى المستقبل مفتوحاً أمام هؤلاء الحرفيين لإبراز مزيد من إبداعاتهم وإثراء الفنون الرخامية في مصر.