كشفت ثلاثة مصادر مطلعة أن إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن رفعت القيود التي كانت تمنع أوكرانيا من استخدام الأسلحة التي تزودها بها الولايات المتحدة لضرب عمق الأراضي الروسية، بما في ذلك صواريخ بعيدة المدى، في تغيير كبير في السياسة الأميركية في الصراع بين أوكرانيا وروسيا.
وفي سياق ذلك، قال مسؤول أميركي لوكالة الأنباء الفرنسية، طلب عدم كشف هويته، إن الولايات المتحدة "أعطت الضوء الأخضر لاستخدام صواريخ بعيدة المدى".
من جهته، قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إن الضربات الجوية الروسية الكبرى على أوكرانيا الأحد أظهرت أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لا يسعى إلى السلام.
وأضاف ماكرون قبيل مغادرته الأرجنتين لحضور قمة مجموعة العشرين في البرازيل أن الأولوية بالنسبة لفرنسا هي مواصلة مساعدة أوكرانيا للدفاع عن نفسها ضد روسيا.
ستتحدث عن نفسها
أما الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي فرحب بحذر بالتقارير التي تفيد بأن واشنطن أجازت لكييف ضرب الأراضي الروسية بصواريخ بعيدة المدى تزودها بها، مكتفيا بالإشارة إلى أن هذه الأسلحة "ستتحدث عن نفسها".
وتأتي الخطوة الأميركية بعد أشهر من طلب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي السماح لجيش بلاده باستخدام الأسلحة الأميركية لضرب أهداف عسكرية روسية بعيدة عن الحدود.
ويأتي هذا التغيير في أعقاب نشر موسكو قوات برية من كوريا الشمالية لمساندة القوات الروسية، وهو التطور الذي أثار قلق واشنطن وكييف. ورجحت المصادر أن تستخدم أوكرانيا في هجومها الأول صواريخ أتاكمز التي يصل مداها إلى 306 كيلومترات.
ولم يتضح حتى الآن ما إذا كان الرئيس المنتخب دونالد ترمب سيتراجع عن قرار بايدن عندما يتولى مهام منصبه في يناير/كانون الثاني.
وينتقد ترمب دائماً حجم المساعدات المالية والعسكرية الأميركية لأوكرانيا، وتعهد بإنهاء الحرب بسرعة من دون أن يوضح كيفية القيام بذلك.
وانتقد ريتشارد غرينيل، أحد أقرب مستشاري ترمب في مجال السياسة الخارجية القرار. وقال في منشور على منصة إكس "(إنه) يصعد الحروب قبل أن يترك منصبه".
ومع ذلك، طالب بعض الجمهوريين في الكونغرس بايدن بتخفيف القواعد المتعلقة بكيفية استخدام أوكرانيا للأسلحة التي تقدمها لها الولايات المتحدة.
ما موقف ترمب؟
ومنذ فوز ترمب بالانتخابات الرئاسية في الخامس من نوفمبر/تشرين الثاني، يقول مسؤولون كبار في إدارة بايدن إنهم سيستغلون الوقت المتبقي في فترته الرئاسية لضمان قدرة أوكرانيا على القتال بفعالية العام المقبل أو التفاوض على السلام مع روسيا من "موقع قوة".
وتعتقد الولايات المتحدة أن كوريا الشمالية أرسلت أكثر من 10 آلاف جندي إلى شرقي روسيا وأن معظمهم انتقلوا إلى منطقة كورسك وبدؤوا المشاركة في العمليات القتالية. وتتقدم روسيا بأسرع وتيرة لها منذ 2022 على الرغم من تكبدها خسائر فادحة.
وقالت أوكرانيا إنها اشتبكت مع بعض القوات الكورية الشمالية المتمركزة في كورسك. وفقدت القوات الأوكرانية بعض الأراضي التي استولت عليها خلال توغلها في كورسك في أغسطس آب، وهو التوغل الذي قال زيلينسكي إنه قد يكون ورقة مساومة.
وقال أليكس بليتساس، الزميل غير المقيم في المجلس الأطلسي، "رفع القيود سيسمح للأوكرانيين بمواصلة القتال من دون عوائق".
وأضاف "ومع ذلك، مثل كل شيء آخر، أعتقد أن التاريخ سيقول إن القرار جاء متأخرا جدا. تماما مثل أنظمة أتاكمز وهيمارس ومركبات برادلي القتالية ودبابات أبرامز وطائرات إف-16. كانت هناك حاجة إليها جميعا في وقت أبكر بكثير".
ووصف وزير الخارجية البولندي رادوسلاف سيكورسكي هذه الخطوة بأنها رد على مشاركة كوريا الشمالية في الحرب.
وقال سيكورسكي على منصة إكس "رد الرئيس بايدن على دخول القوات الكورية الشمالية في الحرب والضربة الصاروخية الروسية الهائلة بلغة يفهمها بوتين من خلال إزالة القيود المفروضة على استخدام أوكرانيا للصواريخ الغربية"
وأعرب بعض المسؤولين الأميركيين عن شكوكهم في أن تسهم هذه الضربات بعيدة المدى في تغيير مسار الحرب، لكن القرار يمكن أن يساعد أوكرانيا في وقت تحقق فيه القوات الروسية مكاسب. وربما يجعل هذا القرار أيضا كييف في وضع أفضل إذا ما أجرت مفاوضات على وقف إطلاق النار.