يعتقد كثير من الطلاب الجامعيين أن تحقيق أحلامهم سيبدأ عند تسلّمهم شهادة تخرجهم من الجامعة؛ لأنهم رسموا تصوّرات مسبقة كثيرة لمستقبلهم، لكن الصعوبات تبدأ من جديد في رحلة بحث عن العمل.
يسلط هذه التقرير الضوء على واقع سوق العمل في تركيا للخريجات السوريات من الجامعات التركية، مع ازدياد أعدادهن لا سيما في بلد اللجوء وفي ظل ظروف اقتصادية واجتماعية جديدة.
تواجه كثير من الشابات السوريات، اللواتي سَعينَ ليحصلن على القبول الجامعي في تركيا، صعوبات ما بعد التخرج ويلجأ معظمهن للعمل بوظائف بعيدة عن اختصاصهن.
ولا يعد سوق العمل في تركيا سوقاً جاذباً للخريجين الجامعيين، في ظل بلوغ نسبة البطالة 9.6% خلال شهر آب/أغسطس الماضي، وتعد هذه النسبة منخفضة مقارنة بنهاية العام الماضي حيث وصلت إلى 11.2%.
وفي ظل هذه الظروف الاقتصادية التي يواجهها الخريجون الأتراك يجد الخريجون السوريون من الجامعات التركية ولا سيما الخريجات صعوبات تتمثل بندرة المؤسسات وفرص العمل والفساد وعدم وجود خبرة.
خريجة مع وقف التنفيذ!
غالية بحرو، شابة سورية تخرجت منذ سنة ونصف من الجامعة بتخصص إدارة أعمال، وإلى الآن لم تجد فرصة عمل تمارس من خلالها ما درسته في الجامعة.
تقول غالية في حديثها لموقع "تلفزيون سوريا"، اضطررت للعمل معلمة للغة التركية ومادة الرياضيات، لأنني بحثت كثيراً عن عمل يناسب تخصصي في إدارة الأعمال والعلاقات، ولكن من دون جدوى.
وتشير غالية خلال محاولاتها للتقدم إلى فرض العمل المعلنة، ظاهرة تكررت معها، وتقول في معظم المسابقات وحالات التقديم أحصل على القبول المبدئي، ولكن بعدها يأتيني الرفض، وكأن عرض العمل أمر شكلي، فالنتيجة معروفة مسبقاً لمن سيحصل على الوظيفة".
لم تكن غالية الخريجة الوحيدة التي تُعاني من قلّة فرص العمل في اختصاصها بعد التّخرج، هناك العديد من الحالات التي اطلع عليها موقع "تلفزيون سوريا".
بدورها، هبة عيروط، شابة سورية خريجة من كلية الإعلام فرع الصحافة، وهي أيضاً دفعتها قلّة فرص العمل للعمل في غير اختصاصها.
تقول هبة، تخرجتُ العام الماضي من جامعة سلجوق في قونية، وبحثتُ عن فرصة عمل بعد تخرجي، ولكن لأنّني لا أحمل الجنسية أواجه صعوبةً في إيجاد فرصة عمل، وتكادُ تكونُ الفرص شبه معدومة في أنطاكيا جنوبي تركيا.
وتتابع هبة حديثها، وجدت فرصة في مكتب إعلامي مهتم بالبث المباشر والأداء الصوتي، ولم أُكمل لأن المكتب لم يكن مؤهلاً للتدريب، لذا اتجهت للتعليم.
وتشتكي خريجة الإعلام من ندرة وجود منظمات ومؤسسات إعلامية سورية في تركيا تساعد الخريجين وتساعدهم في تأمين فرص العمل الإعلامي.
وتشير هبة إلى أن بعض المؤسسات والمنظمات يوظفن فتيات لا يحملنَ شهادة علمية، ويعملنَ في مكاتب منظمات معروفة وتتلقى دعما من منظمات دولية.
ما هي الأسباب؟
تقول الدكتورة هلا الملاح، وهي أول خريجة دكتوراه سورية بقسم الإعلام من تركيا، في حديثها لموقع "تلفزيون سوريا"، بعد التخرج كان لدي العديد من الخيارات، ولكن لم تكن مناسبة بالقدر الكافي.
وتضيف الدكتورة هلا الملاح، نشهد حالات توظيف كثيرة قائمة على عدم التكافؤ، نجد شخصاً ليس خريج صحافة وحتى لا يملك شهادة جامعية، وليس لديه أدنى الكفاءات بالعمل الصّحفي، وعلى الرغم من ذلك فهو موجودٌ في مؤسّسات إعلامية.
وتشير إلى أنه في السنوات الأخيرة باتت تتقلص فرص خريجي الإعلام في تركيا بالحصول على عمل ضمن اختصاصهم، أولاً لازدياد عددهم وثانياً لندرة وسائل الإعلام الناطقة باللغة العربية.
العمل في تركيا بعد التخرج
هناك العديد من الجامعات التركية توجه طلابها نحو ما يسمى "خبرة العمل" (Work Experience) للتدريب في مؤسسّات وشركات مجاناً، أو بأجور رمزية.
وتعرض الجامعات فرص تدريبية للطلاب، تسمى بـ "الستاج"، تُتيح للطلاب التدرُّب ضمن مجال الدراسة.
كما تنظم العديد من الشركات معارض الوظائف من أجل اجتذاب الخريجين.
ولكن يبقى شرط الخبرة من أهم المعوقات أمام الخريجات في الحصول على فرصة عمل مناسبة.
ويبلغ عدد الطلاب السوريين الذين يدرسون في الجامعات التركية أكثر من 37 ألف طالب وطالبة في العام الدراسي لعام 2021، وفقاً لتجمع الطلبة الأجانب في تركيا.
ومع ارتفاع عدد الخريجين السوريين في تركيا، لا سيما في السنوات الأخيرة، وندرة المؤسسات، الأمر الذي يشكل عائقا أمام الخريجات اللواتي لا يجد بداً من البحث عن عمل بعيداً عما درسنهن في مقاعد الجامعة.
في حين يقترب عدد اللاجئين السوريين في تركيا من أربعة ملايين نسمة، وفقاً للإحصائية الرسمية الحديثة.
وبحسب إدارة الهجرة التركية، فقد ارتفع عدد السوريين المقيمين في تركيا من 14 ألفاً و234 شخصاً عام 2012، إلى 3 ملايين و762 ألفاً و686 سورياً لغاية تاريخ الـ 28 من نيسان، أبريل الماضي.