أيام قليلة تفصل بين الطفل السوري حسين بيسو (11 عاماً) وتمثيله المنتخب الألماني للشطرنج، ضمن بطولة كأس أوروبا الوسطى التي ستقام هذا الشهر، ليكون بذلك أصغر لاعب ألماني في تاريخ اتحاد الشطرنج بالبلاد.
ووفق تقرير أوردته وكالة رويترز أمس الأربعاء، فإن قصة حسين مع الشطرنج بدأت قبل نحو 7 سنوات، حين بدأ يطلب من والده أن يعلمه اللعبة وهو يحوم حول الرقعة التي كان يلعب عليها أبوه مع معارفه قبل لجوئهم إلى ألمانيا. وبعد إتقانه الحركات الأساسية وهو ابن 4 سنوات، فاجأ حسين الجميع بموهبته.
ونقلت الوكالة عن والده "مصطفى بيسو" (43 عاماً) قوله إن حسين "بدأ يصحح لنا ويخبرنا بما كان يجب فعله للفوز".
وفي وقت لاحق من شهر نيسان الجاري، سيلعب حسين مع المنتخب الألماني للشطرنج في كأس أوروبا الوسطى المعروفة باسم كأس (ميتروبا) التي ستُقام في كرواتيا، كأصغر لاعب في تاريخ اتحاد الشطرنج الألماني.
"لاعب استثنائي"
يقول مدرب منتخب الشباب القومي الألماني للشطرنج بيرند فولكر، إن بيسو "لاعب استثنائي"، مضيفاً أنه "سريع جداً في استيعاب مواقع أحجار الشطرنج. هذا استثنائي حقاً".
ووفق المصدر، فقد استقرت عائلة بيسو السورية في بلدة ليبشتات غربي ألمانيا عام 2016 كلاجئين، وكان أول ما فعله مصطفى هو شراء شطرنج والعثور على نادي شباب للشطرنج كي يلعب فيه ابنه حسين في البلدة الصغيرة.
وبسرعة، لاحظ مدربو النادي التقدّم الكبير لحسين على أنداده من الأطفال على الرغم من أنه لم يتعلم بعد ما يكفي من اللغة الألمانية لمساعدته من فهم التدريب. فأوصوا بذهاب الطفل البالغ من العمر حينذاك 6 سنوات إلى ناد على مستوى الولاية.
"رغبته في الفوز جزء من موهبته"
ونقل المصدر عن مدرّب حسين في الشطرنج، أندرياس كوهلر، قوله إن اهتمامه باللعبة ورغبته في الفوز جزء من موهبته. ثم تحدث المدرب عن تمرين طُلب فيه من اللاعبين تبديل الأماكن في منتصف اللعبة وتبني استراتيجية الخصم. وأضاف كوهلر: "رفض حسين بشدة أن تستدير اللوحة وفضل التوقف عن اللعب تماماً".
وعقب مشاركة حسين في البطولات، فاز بالمركز الأول في مسابقة ألمانيا لأقل من عشر سنوات عام 2020 ثم المركز الثالث في بطولة العالم تحت سن الـ12 سنة في العام الماضي (2022).
وبحسب التقرير، فإن تشابه اللعبة مع الرياضيات هو ما يجعلها ممتعة في نظر حسين، الذي أتقن اليوم الألمانية بطلاقة وتعلم من البطولات الكثيرة التي شارك فيها. وقال إن استمرار التركيز لعدة ساعات أحياناً في مباراة، هو التحدي الأكبر بالنسبة له.
"لو ظلّ حسين في سوريا لضاعت موهبته"
أما أسرة حسين، فقد دشنت حملة تمويل جماعي للمساعدة في تمويل كلفة السفر إلى البطولات والتدريب ويأملون أن يجد راعياً في نهاية المطاف. ويوضح والده بأن "الناس ينظرون إلى النجاح باعتباره سحراً فحسب، لكنه يحتاج إلى الكثير من العمل والكلفة".
إلا أن الوالد، عبّر عن امتنانه أيضاً للدعم الذي تلقاه ابنه في ألمانيا ويقول إن مواهب ابنه كانت ستذهب سدى لو ظل (هناك) في سوريا.
وقال: "لو ظل في سوريا بهذه الموهبة، ما كان ليتفوق إلا بدعم من شخص يتمتع بنفوذ، وحتى إذا حدث هذا، كان سيتوقف عند نقطة معينة".
وعلى الرغم من عدم حصوله على الجنسية الألمانية الكاملة بعد، سيلعب حسين مع الفريق الألماني كأصغر لاعب في تاريخه، حيث اختاره مدرّب المنتخب "فولكر" للمشاركة في البطولة، قائلاً إن "كل ما هو متوقع منه أن يكتسب خبرة في كرواتيا، نظراً لأنه سيلعب مع خصوم أكبر سناً".
من جهته، يعترف حسين نفسه بالتحدي المتمثل في كونه صغيراً جداً، لكنه يرى فيها فرصة لشحذ مهاراته. وقال: "إذ فزت، فالحمد لله على ذلك، وإذا خسرت سأحاول الفوز في المرة التالية"، وفق ما نقل المصدر.