أحصت الشبكة السورية لحقوق الإنسان في تقريرها الصادر، يوم السبت، مقتل 96 مدنياً في سوريا خلال آذار الفائت بينهم 15 طفلاً و6 سيدات، و7 ضحايا بسبب التعذيب.
وقال التقرير، الذي جاء في 17 صفحة، إنه اعتمدَ على عمليات المراقبة المستمرة للحوادث والأخبار وعلى شبكة علاقات واسعة مع عشرات المصادر المتنوِّعة، إضافةً إلى تحليل عدد كبير من الصور والمقاطع المصورة.
وأشار التقرير إلى أن "96 مدنياً بينهم 15 طفلاً و6 سيدات (أنثى بالغة) قتلوا على يد أطراف النزاع والقوى المسيطرة في سوريا في آذار 2023، قتل منهم النظام السوري 5 مدنيين، في حين قتلت "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) 5 مدنيين بينهم 3 أطفال، وقتلت هيئة "تحرير الشام" 3 مدنيين وقتلت جميع فصائل المعارضة المسلحة 4 مدنيين بينهم طفل.
وأشار التقرير إلى وقوع 4 مجازر، ومقتل 1 من كوادر الدفاع المدني على يد جهات أخرى، خلال آذار الماضي.
وبحسب التقرير فإنَّ تحليل البيانات أظهر أنَّ محافظة دير الزور تصدرت بقية المحافظات بنسبة 32 في المئة من حصيلة الضحايا الموثقة في آذار جلّهم قضوا على يد جهات أخرى تلتها محافظة حماة بقرابة 27 في المئة، ثم محافظة حلب بنسبة 12 في المئة من حصيلة الضحايا في آذار.
وأكد أن فريق العمل في الشبكة السورية لحقوق الإنسان وثَّق في شباط مقتل 7 أشخاص بسبب التعذيب على يد أطراف النزاع والقوى المسيطرة، وبلغت نسبة الضحايا بسبب التعذيب على يد قوات النظام السوري ما يقارب 34 في المئة مقارنةً بالمجموع الكلي لضحايا التعذيب على يد جميع أطراف النزاع والقوى المسيطرة في عام 2023 وكان شهر آذار قد شهد الحصيلة الأعلى للضحايا بسبب التعذيب خلال عام 2023 حيث بلغت نسبة ضحاياه 47 في المئة أي أنَّ ما يعادل نصف الضحايا بسبب التعذيب قد قضوا في آذار المنصرم.
ولفت التقرير إلى أنّ الأدلة التي جمعها تشير إلى أنَّ بعض الهجمات وُجّهت ضدَّ المدنيين وأعيان مدنية، كما تسبَّبت عمليات القصف العشوائي في تدمير المنشآت والأبنية، مشيراً إلى أنَّ هناك أسباباً معقولة تحمل على الاعتقاد بأنَّه تم ارتكاب جريمة الحرب المتمثلة في الهجوم على المدنيين في كثير من الحالات.
وأكد تقرير الشبكة السورية لحقوق الإنسان أن استخدام التفجيرات عن بعد لاستهداف مناطق سكانية مكتظة يعبر عن عقلية إجرامية ونية مبيتة بهدف إيقاع أكبر قدر ممكن من القتلى، وهذا يخالف بشكل واضح القانون الدولي لحقوق الإنسان، وخرق صارخ لاتفاقية جنيف 4 المواد (27، 31، 32).
وأضاف أن النظام السوري لم يسجل مئات آلاف المواطنين الذين قتلهم منذ آذار 2011 ضمن سجلات الوفيات في السجل المدني وأنه تحكم بشكل متوحش بإصدار شهادات الوفاة، ولم تتَح لجميع أهالي الضحايا الذين قتلوا سواء على يد النظام السوري أو على يد بقية الأطراف، ولا لأهالي المفقودين والمختفين قسرياً، واكتفى بإعطاء شهادات وفاة لمن تنطبق عليه معايير يحددها النظام السوري وأجهزته الأمنية.
وأشار إلى أن الغالبية العظمى من الأهالي غير قادرين على الحصول على شهادات وفيات، خوفاً من ربط اسمهم باسم شخص كان معتقلاً لدى النظام السوري وقتل تحت التعذيب، وهذا يعني أنه معارض للنظام السوري، أو تسجيل الضحية على أنه "إرهابي" إذا كان من المطلوبين للأجهزة الأمنية، كما أن قسماً كبيراً من ذوي الضحايا تشردوا قسرياً خارج مناطق سيطرة النظام السوري.
توصيات لحماية المدنيين
طالب التَّقرير مجلس الأمن باتخاذ إجراءات إضافية بعد صدور القرار رقم 2254، وشدَّد على ضرورة إحالة الملف السوري إلى المحكمة الجنائية الدولية ومحاسبة جميع المتورطين في الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب.
كما ناشد كل وكالات الأمم المتحدة المختصَّة ببذل مزيد من الجهود على صعيد المساعدات الإنسانية الغذائية والطبية في المناطق التي توقَّفت فيها المعارك، وفي مخيمات المشردين داخلياً ومتابعة الدول التي تعهدت بالتَّبرعات اللازمة.
وطالب التَّقرير أيضاً بتطبيق مبدأ مسؤولية الحماية (R2P)، خاصةً بعد أن تم استنفاد الخطوات السياسية عبر جميع الاتفاقات وبيانات وقف الأعمال العدائية واتفاقات أستانا، مؤكداً على ضرورة اللجوء إلى الفصل السابع وتطبيق مبدأ مسؤولية الحماية، الذي أقرَّته الجمعية العامة للأمم المتحدة.
وأوصى المجتمع الدولي بالعمل على إعداد مشاريع تهدف لإعداد خرائط تكشف عن مواقع الألغام والذخائر العنقودية في كل المحافظات السورية؛ مما يسهل عملية إزالتها وتوعية السكان بأماكنها.
وطالب لجنة التَّحقيق الدولية المستقلة (COI) بفتح تحقيقات موسعة في الحالات الواردة فيه وما سبقه من تقارير، وأكَّد على استعداد الشبكة السورية لحقوق الإنسان للتَّعاون والتزويد بمزيد من الأدلة والتَّفاصيل. ودعا إلى التركيز على قضية الألغام والذخائر العنقودية ضمن التقرير القادم.
وأكَّد التقرير على ضرورة توقف النظام السوري عن عمليات القصف العشوائي واستهداف المناطق السكنية والمستشفيات والمدارس والأسواق وإيقاف عمليات التَّعذيب التي تسبَّبت في موت آلاف المواطنين السوريين داخل مراكز الاحتجاز والامتثال لقرارات مجلس الأمن الدولي والقانون العرفي الإنساني.
كما أوصى التقرير جميع أطراف النزاع بتقديم خرائط تفصيلية بالمواقع التي قامت بزراعة الألغام فيها، وبشكل خاص المواقع المدنية أو القريبة من التجمعات السكنية.