أفرج النظام السوري عن 476 شخصاً وفقاً لمرسوم العفو الأخير الصادر في الـ30 من نيسان الماضي، في حين ما يزال نحو 132 ألف معتقل داخل السجون والمعتقلات منذ منتصف آذار 2011.
وأصدرت الشبكة السورية لحقوق الإنسان اليوم الجمعة تقريراً قالت فيه إن نحو 87 ألفاً ما يزالون مختفين قسرياً لدى النظام السوري، مشيرة إلى أن النظام لم يتوقف عن عمليات الاعتقال التعسفي بعد مرسوم العفو الأخير (رقم 7 لعام 2022) الذي يعدّ الـ19 منذ آذار 2011.
واعتبر التقرير الذي جاء في 18 صفحة، أن تلك المراسيم (العفو) هي عبارة عن تكريس للحكم المطلق الذي يستطيع تجاوز الدستور والقانون الدستوري وروح القوانين وفعل ما يحلو له.
واستعرض حصيلة حالات الإفراج التي تم تسجيلها من قبل فريق الشبكة السورية لحقوق الإنسان منذ صدور المرسوم وحتى الـ11 من أيار الجاري، لمن اعتقلوا على خلفية الحراك الشعبي ووجهت إليهم تهمة الإرهاب، وميَّز التقرير ما بين حصيلة عمليات الإفراج المرتبطة بالعفو وغير المرتبطة به والتي كانت ضمن سياق انتهاء مدة الأحكام، وأكَّد التقرير أنه يتناول حالات الإفراج للمعتقلين على خلفية سياسية، ولا يستعرض حالات الإفراج عن المحتجزين الجنائيين المتهمين بالسرقة أو التزوير وما يُشابهها. كما عرض نتائج عمليات التحليل والمقاطعة الأولية التي أجراها لحالات الإفراج الناجمة عن المرسوم مع أرشيف الشبكة السورية لحقوق الإنسان.
ورأى التقرير أن هذا العفو وعلى اعتبار أنَّ نصوصه نظرياً أوسع قليلاً من سابقيه إلا أنه لم يختلف عنها من ناحية التطبيق، وفي هذا السياق أوردَ التقرير سبع نقاط أساسية تجعل من المرسوم الأخير شكلياً ولا يختلف عن مراسيم العفو الثمانية عشر التي أصدرها النظام السوري منذ عام 2011، والتي لم تفلح في إطلاق سراح المعتقلين على خلفية الحراك الشعبي.
وأكّد أن نظام الأسد ما زال يعتقل/ يخفي قسرياً قرابة 132 ألف مواطن سوري منذ آذار 2011 حتى أيار الجاري، وقد سجل التقرير في غضون الأيام العشر الأولى من صدور مرسوم العفو الإفراج عن قرابة 476 شخصاً من مُختلف السجون المدنية والعسكرية والفروع الأمنية في المحافظات السورية، بينهم 55 سيدة، و13 شخصاً كانوا أطفالاً حين اعتقالهم، وذلك منذ 1 حتى 11 من أيار الحالي.
ومن بين الـ 476 المفرج عنهم ما لا يقل عن 98 شخصاً كانوا قد أجروا تسويات لأوضاعهم الأمنية قبيل اعتقالهم ومُنحوا تعهداً بموجب التسوية بعدم التعرض لهم من قبل الأفرع الأمنية، و18 شخصاً اعتقلوا بعد عودتهم إلى سوريا من اللاجئين والمقيمين خارجها بينهم 2 سيدة. وما لا يقل عن 12 شخصاً من اللاجئين الفلسطينيين بينهم 3 سيدات، وفق التقرير.
وقدَّم التقرير تحليل بيانات أولي لعمليات الإفراج المرتبطة بالمرسوم 7/2022 في المدة ذاتها، وأشار إلى أنَّ المعتقلين قد أفرج عنهم على دفعات، وعرض رسماً بيانياً يوضِّح توزع الـ 476 المفرج عنهم وفقاً لتاريخ الإفراج.
كما عقد مقارنة بين حصيلة المفرج عنهم وحصيلة المختفين قسرياً في كل محافظة تبعاً لمكان وقوع حادثة الاعتقال، مذكراً بأن ما لا يقل عن 89 ألفاً و792 شخصاً لا يزالون قيد الاختفاء القسري لدى قوات النظام منذ آذار 2011 وحتى آب 2021، ووفقاً للتقرير أظهرت المقارنة أن حصيلة المفرج عنهم تشكل قرابة 0.10 بالمئة من حصيلة المختفين قسرياً، وذلك كمعدل وسطي بين جميع المحافظات التي تمت المقارنة فيها، وهي نسبة تثبت أن النظام السوري بحاجة إلى مئات السنين للإفراج عن المعتقلين والمختفين قسرياً لديه، وأنَّ مراسيم العفو التي يصدرها وهمية وغير ذات جدوى حقيقي.
واستعرض التقرير رسوماً بيانية لتوزع حصيلة المفرج عنهم تبعاً لأنواع مراكز الاحتجاز، وبحسب المحاكم الاستثنائية التي خضعوا لها أيضاً.
وطبقاً للتقرير فإنَّ النظام السوري تعمَّد عبر المرسوم وإجراءات تطبيقه إلحاقَ الأذى المعنوي والمادي بذوي المعتقلين ومسَّ كرامة المعتقلين المطلق سراحهم، فقد تعمَّد إطلاق سراح أعداد قليلة من المعتقلين عبر دفعات عدة من مراكز الاحتجاز، ورميهم في ساحات عامة، دون تسليمهم إلى ذويهم، أو الاتصال بهم؛ مما تسبب في حالة من الذعر لدى المفرج عنهم، ولدى ذويهم، وأدى إلى تجمهر آلاف الأشخاص من ذوي المعتقلين والمختفين قسرياً للبحث عن أبنائهم المختفين، بين صفوف المفرج عنهم، وحمل صور أبنائهم من أجل السؤال عنهم؛ وذلك لأن النظام السوري وعلى مدى سنوات لم يُتِح أي آلية حقيقية تمُكن العائلات من معرفة مصير أبنائها، وكما لم يسبق للقضاء السوري الإعلان عن أسماء المستفيدين من العفو، ورأى التقرير أن هذا هو السبب الرئيس وراء تعرض أهالي المعتقلين والمختفين قسرياً لعمليات نصب واحتيال من قبل شبكات ينضوي فيها قضاة ومحامون وضباط ومتنفذون بذريعة تشميل أبنائهم بمرسوم العفو مقابل دفع مبالغ مالية طائلة.