icon
التغطية الحية

الريلز.. لغة حب جديدة بين السوريين أم وسيلة تواصل سطحية؟

2024.10.23 | 13:21 دمشق

آخر تحديث: 23.10.2024 | 17:25 دمشق

تأثير محتوى "ريلز" إنستغرام على تواصلنا الاجتماعي (انترنت)
تأثير محتوى "ريلز" إنستغرام على تواصلنا الاجتماعي (إنترنت)
تلفزيون سوريا ـ ولاء عواد
+A
حجم الخط
-A

ملخص:

  • مقاطع "الريلز" أصبحت وسيلة جديدة للتواصل الاجتماعي، تسهّل مشاركة المحتوى الاجتماعي والسياسي والثقافي بسرعة وفعالية.
  • يرى البعض أن "الريلز" توفر طريقة مختصرة للحفاظ على العلاقات، خاصة في ظل بعد المسافات الناتج عن ظروف اللجوء.
  • استخدام "الريلز" قد يساهم في بناء علاقات سطحية، ويُعتبر بديلاً عن التواصل التقليدي الذي يحتاج لوقت وجهد أكبر.
  • يمكن أن تؤثر "الريلز" سلباً على الصحة العقلية، حيث يمكن أن تسبب توتراً وإرهاقاً بسبب الحاجة المستمرة للتفاعل معها.
  • يدعو علماء النفس إلى استخدام مقاطع "الريلز" بشكل مسؤول، لتجنب تأثيرها السلبي على التركيز والتواصل العميق بين الأفراد.

"هذه المقاطع هي لغة حب جديدة، ووسيلة مهمة لإظهار الاهتمام دون وجود محادثة طويلة، ولها بالطبع سلبيات وإيجابيات".

يقول صالح ملص "لموقع تلفزيون سوريا" حول مقاطع الفيديو القصيرة التي انتشرت كتجربة أولية في 2019 فقط في البرازيل، ثم بدأت بالانتشار التدريجي إلى باقي البلدان، إنّ "مشاركة المقاطع المضحكة ذات الأبعاد الاجتماعية والسياسية، وكذلك مواعيد الحفلات وغيرها، أصبح أسهل عن طريق "الريلز".

ويذهب محمد الحمصي أبعد من ذلك في تصنيف إرسال هذه المقاطع، وتحديدها، ويقول "لموقع تلفزيون سوريا" هناك مقاطع محددة لكل شخص، أو مجموعة، وتصنّف بحسب العمر والجندر والمهنة" ويضيف محمد: أنّه "يجد في مشاركة "الريلز" طريقة تواصل ومشاركة فعّالة، والتخصيص يكسبها معنىً بعيداً عن مشاركتها لجميع الناس".

كيف غيّرت مقاطع "الريلز" طرق تواصلنا؟

غالباً ما تتميز مقاطع الفيديو القصيرة بسرعتها والموسيقا الجذّابة، والانتقالات السريعة، والمحتوى العلمي أو الساخر الذي يلخص مشاعر أو أفكار أو معلومات علمية بشكل مكثّف وعصري، وتقول عتاب أحمد "لموقع تلفزيون سوريا" إنّها " ترسل الريلز للأشخاص الذين تشاركهم الأفكار نفسها تقريباً، أو الحالة الاجتماعية نفسها، أو يعيشون المحنة نفسها" وتضيف عتاب "نستخدم هذه المقاطع في التعبير عن القضايا العامة، كالاقتصاد والسياسة والطقس وغيرها".

تُعتبر منصات التواصل الاجتماعي اليوم، من أبرز الوسائل التي تعكس التغيرات الثقافية والاجتماعية وحتى السياسية في المجتمعات الحديثة، الأمر الذي يؤكده جهاد حناوي "لموقع تلفزيون سوريا" حيث يعتبر جهاد أنّ "الريلز شكل من أشكال التواصل اليومي، ومن خلال متابعة ما نشاهده وما نرسله، يمكننا معرفة وتقييم الواقع أو ربما معرفة حالتنا النفسية واحتياجاتنا في فترة ما".

"الريلز" بديل عن التواصل التقليدي 

ويرى كثيرون في مشاركة المقاطع المصورة القصيرة على منصة إنستغرام  بديلاً عن التواصل التقليدي الذي قد يأخذ وقتاً وجهداً، ويحتاج محادثات طويلة، وأنّه يحافظ على علاقات لم تعد رئيسية بسبب المسافات التي أُجبر السوريون على التعامل معها وسط ظروف اللجوء.

وحول هذا الموضوع تقول هبة حداد "لموقع تلفزيون سوريا" "أرسل الريلز للأشخاص المقرّبين مني فقط، والذين لا أريد لعلاقتي معهم أن تنقطع أبداً، كإخوتي وأصدقائي، وأشارك معهم محتوى كوميدياً أو طبخ في أكثر الأحيان".

بينما يجد سامر محمد أنّه "هناك علاقات مع أشخاص جدد، مبنيّة فقط على المقاطع القصيرة، ويمكن ألا نكون التقينا بهم في حياتنا الواقعية، وأن هذه العلاقات تبقى سطحية، لكنّها مفيدة من حيث المتعة والمشاركة والترفيه".

في 5 آب/أغسطس عام 2020 أعلنت "إنستغرام" رسمياً إطلاق خاصية الريلز واصفة إياها بأنها "طريقة جديدة لصنع واكتشاف الفيديوهات القصيرة والمسلية.

"الريلز" تفقد القدرة على التعبير والتواصل العميق

ورغم الاتفاق حول أنّ هذه المقاطع مصدر يوميّ للتسلية والترفيه، إلّا أنّها تمتلك أيضاً القدرة على التأثير سلباً على الصحة العقلية، وعلى العلاقات، حيث "ينقلب السحر على الساحر"، وبدل أن تكون أداة تواصل واهتمام قد تؤدي إلى الإزعاج والقطيعة.

وتقول رهف "لموقع تلفزيون سوريا" " أنا أكره هذه المقاطع، ومن يرسل لي كثيراً منها أقوم بحظره، لأنها توتّرني وأشعر بأني لديّ مسؤولية التفاعل مع كم كبير من المقاطع المصوّرة والتعليق عليها".

وتضيف رهف "صحيح أننا نستخدمها للتعبير، ولكني أظنّ أننا نفقد قدرتنا الشخصية عن التعبير، فعندما نشتاق لأحدهم يجب أن نقولها بطريقتنا، أو عندما نعجب بشخص ما كذلك، وبالنسبة للقضايا العامة أقل شيء يجب أن يكون لنا رأي خاص ليس معلباً جاهزاً".

تشير الأبحاث إلى أهمية التعامل مع محتوى مقاطع "الريلز" بشكل مسؤول، وتحديد وقت واضح للتعرض للشاشات بشكل عام، والمقاطع القصيرة المصورة بشكل خاص، والانتباه إلى التأثيرات الجانبية لها بشكل دائم.

علم النفس يدعو للتعامل "بمسؤولية" مع "الريلز"

ويقول الاختصاصي النفسي محمود شخيص حول "ظاهرة الريلز" لموقع تلفزيون سوريا، إنّ مقاطع الفيديو القصيرة، تؤثر على مدى الانتباه والتركيز لدى الأفراد، حيث تميل هذه المقاطع إلى جذب الانتباه بسرعة وتفقده بسرعة أيضاً، مما يؤدي إلى تقليل القدرة على التركيز على مهام أكثر تعقيداً أو تفاعلات طويلة الأمد".

ويضيف شخيص: "أما من ناحية العلاقات الشخصية، فقد يكون إرسال الريلز تعبيراً عن الاهتمام بالشخص الآخر، لكن الاستخدام المفرط لهذه الطريقة قد يؤدي إلى تفاعلات سطحية فقط، دون بناء علاقات عميقة أو التواصل الحقيقي".

ويشير المختص النفسي أن التواصل عن طريق "الريلز" فقط  يمكن أن يصبح مرهقاً إذا كان بديلاً عن الحوار الشخصي أو المباشر.

كما يؤكّد أن المقاطع المصورة القصيرة قد تعتبر لغة تواصل، ولكن لا يمكن أن تكون لغة من لغات الحب، ولا تتعدى الاهتمام فقط، ونوّه شخيص إلى أنّ الآثار السلبية قد تصل إلى حدّ الإصابة باضطرابات متل القلق والاكتئاب، وأنّ الإفراط بالمشاركة ينعكس بشكل كبير على المصداقية من الشخص وقدرته المتنوعة على التعبير.

تُظهر مقاطع الفيديو القصيرة "الريلز" بطريقة ما كيف يمكن للتكنولوجيا أن تعيد تشكيل طرق تواصلنا وتفاعلنا الاجتماعي، وتوفر هذه المقاطع وسيلة سريعة ومسلية للتعبير عن الأفكار والمشاعر، إلا أنها تحمل في طياتها تحديات تتعلق بالتركيز والتواصل العميق والاستهلاك المفرط والتقليد الأعمى.