تكاد تنعدم مظاهر التضامن الشعبية في شوارع دمشق مع ما يحدث في جنوبي لبنان، فلم تخرج أي مسيرات تذكر دعماً للجنوب، في حالة مشابهة لحظر المسيرات المؤيدة لفلسطين بعد العدوان على غزة، بينما كانت في مثل تلك الحالات تخرج المسيرات عبر حزب البعث من مؤسسات النظام السوري نفسها.
وفي مشهد مختلف تماماً عما شهدته الشوارع السورية في عام 2006 من مظاهرات داعمة لحزب الله في حربه آنذاك، وأكدت مصادر من الفصائل الفلسطينية في دمشق لموقع تلفزيون سوريا أن الحصول على تراخيص للخروج في مسيرات ضمن شوارع دمشق تأييداً لـ"محور المقاومة" لا يزال ممنوعاً منذ بدء أحداث غزة، بل بات المنع أكثر شدة في الفترة الأخيرة.
ويشترط على الفصائل الفلسطينية وحتى الأحزاب السورية تقديم طلب موافقة إلى فروع الأمن للخروج في مسيرة داعمة لفلسطين ولبنان، لكن هذه الطلبات حالياً تواجه بالرفض أو تؤجل وتسوف، أو تحصر بأماكن محددة مثل المخيمات وبوتيرة متباعدة، أو تأخذ شكل وقفات تضامنية وندوات في مراكز ثقافية مغلقة أو نقابية أو في مؤسسات ومكاتب الأحزاب السورية أو الفصائل الفلسطينية.
القيود الأمنية على الفصائل الفلسطينية
وتؤكد المصادر الفلسطينية أن التبرير الذي يحصلون عليه في المنع هو الخشية على زعزعة الساحة السورية وجعل تلك المسيرات هدفاً لإسرائيل أو عملائها واستغلالها ضد النظام السوري. وتلتزم سوريا الصمت حالياً على المستوى السياسي حيال ما يحدث في ساحة لبنان وغزة، لكن ذلك بدأ يدعو السوريين والفلسطينيين إلى الشك بما ستكون عليه الخطوة التالية.
يشير المصدر إلى أن هناك مخاوف لدى الفصائل الفلسطينية في دمشق من صدور قرارات أمنية لاحقاً بتوقيف أنشطتهم وإغلاق مقارهم، بما يتماشى مع التحول الذي تشهده السياسة السورية تجاه "محور المقاومة"، الذي كانت تتعامل معه بطريقة مختلفة تماماً قبل حرب غزة وبعدها في لبنان.
ويؤكد مصدر أن بعض الفصائل الفلسطينية في سوريا خفضت أنشطتها إلى حد كبير من تلقاء نفسها، لدواع أمنية ذاتية من دون طلب من النظام السوري، وذلك بعد الاستهدافات التي طالت قادة ومقاتلين فلسطينيين سواء في لبنان أو سوريا إثر اختراقات أمنية.
يُذكر أنه تم إغلاق مكاتب الفصائل الفلسطينية في سوريا عام 2002 سابقاً ولأكثر من عام، بعد تهديدات من رئيس وزراء الاحتلال أرييل شارون حينها حول احتضان سوريا "لفصائل إرهابية" وسط ضغوط أميركية وتهديدات بهذا الصدد، ثم عادت للعمل عام 2007 بعد دخول شارون في غيبوبة عام 2006.
التضييق على الفلسطينيين في سوريا
وعلى صعيد آخر، تثار بين الفلسطينيين شائعات كثيرة حول مستقبل وجودهم في سوريا بعد هذا التحول غير الواضح حتى اللحظة، ومن تلك الشائعات هي بدء ممارسات التضييق على الفلسطينيين بطريقة ما لدفعهم للخروج من سوريا كتوقيف خدمات الأونروا ومخصصات البطاقة الذكية، ومعاملتهم معاملة الأجنبي، أو إجبارهم على التوطين والحصول على الهوية السورية بدلاً من التذكرة المؤقتة لللاجئين التي تحفظ حقهم في العودة وتعتبر دليلاً على جنسيتهم.
وتراجعت مساعدات الأونروا في سوريا تحديداً دون غيرها (لبنان الأردن) حتى قبل بدء الحرب على غزة، وتراجعت إلى مستوى خطير كما يصفه الفلسطينيون في دمشق مع بدء الحرب، إضافة إلى صدور قرارات من النظام السوري بعد بدء الحرب على غزة، أثارت مخاوفهم ومنها منعهم من تملك العقارات.
شكوك حول الدعم الإيراني لحزب الله وحماس
من ناحية أخرى، بات المؤيدون لـ"محور المقاومة" من السوريين في دمشق يعيشون حالة من الخذلان بسبب عدم تعامل القيادة السياسية في سوريا كما السابق مع ما يحدث في لبنان وفلسطين وبما يتناسب ودور سوريا في "محور المقاومة"، وسط مخاوف تراودهم من تغيير في المواقف تجاه القضيتين.
وكان بعض المؤيدين "لمحور المقاومة" خاصة في دمشق، قد بدؤوا يتحدثون بنبرة سلبية عن إيران التي يرونها قد خذلت حزب الله وحركة حماس في حربهما، وتركتهما ضحية للتصفية مقابل ضمانات خاصة بها تتعلق بالملف النووي وغيرها من الضمانات.