نجح السوريون في مصر في نشر ثقافتهم عبر مجالات عديدة ومتنوعة، خصوصا الأكل والمطاعم السورية التي انتشرت على نطاق واسع في كل المحافظات المصرية وأصبحت تنافس المنتج المحلي.
لم يقتصر الأمر على الطعام، بل نشر السوريون أزياءهم وعطوراتهم ومنسوجاتهم، وبرعوا في العديد من المهن التي عملوا بها وأخرى أدخلوها إلى السوق المصري.
تأثر المجتمع المصري بعالم الأزياء السورية، وخصوصا "الإيشارب السوري" أو ما يطلق عليه المصريون اسم" الحجاب السوري"، وانتشر في أوساط المصريين وخاصة المحجبات اللواتي يرغبن بالتجديد.
وساعد انفتاح الشعب المصري وتقبّله لجميع الثقافات، ورغبته في تجربة كل جديد، في انتشار الأزياء السورية، وارتداء الكثير من المصريات التصميمات السورية.
"الإيشارب" السوري في مصر
منذ بداية لجوء السوريين إلى مصر، كان دائما ما يميز النساء السوريات هو شكل حجابهن وأناقته، بالإضافة إلى تنوع ألوانه وسهولة ارتدائه، وكانت تعرف المرأة أنها سورية في أغلب الأوقات حتى قبل أن تتكلم وذلك من شكل حجابها.
ومع مرور أكثر من عشر سنوات على استقرار السوريين في مصر، أثروا وتأثروا وأخذوا من المصريين وأعطوهم، وعلى سبيل المثال لم تعد الأزياء السورية وخاصة "الإيشارب" حكراً على المحلات السورية في مصر.
"الإيشارب السوري" هو عبارة عن قطعتين يتم ارتداؤهما من دون أي دبابيس، ويتوفر منه ألوان تليق بجميع الملامح.
محمد علي، مصري وصاحب محل حجابات في حي مدينة نصر في القاهرة يقول لموقع "تلفزيون سوريا" كنا نعرض فقط منتجات تعبر عن الثقافة المصرية، ولكن انتشرت الحجابات السورية مؤخرا بشكل كبير في الأوساط المصرية، وكانت نسبة كبيرة من الزبائن تطلبها مما دفعنا إلى عرضه في محالنا وتوفيره لهم.
ويضيف محمد، أن الحجاب السوري يتميز بخاماته الممتازة مقارنة بسعره الذي يعتبر متوسطا حتى بعد غلاء الأسعار، حيث يتراوح سعره بين 80 إلى 120 جنيه (4 دولار) وهو سعر يتناسب مع جميع الطبقات.
يعد الحجاب السوري عمليا ومريحا، كما أنه سهل وسريع في الارتداء، ويتوفر منه ألوان وخامات مختلفة، كالقطن، والليكرا، والقطن الممزوج بالليكرا، ويمكن ارتداؤه بجميع الفصول.
ميرنا السيد، مصرية عشرينية تقول، كنت أتردد في تجربة الحجاب السوري خوفا من أنه لا يليق على شكل وجهي، ولكن عندما جربته ارتحت كثيرا في ارتدائه.
تضيف ميرنا، في حديثها لموقع "تلفزيون سوريا" منذ سنتين لا أرتدي سواه، فهو يحدد ملامح وجهي، ويليق على جميع أنواع الملابس، كما أن سعره يناسب دخلي، واشتريت منه أكثر من لون لكيلا أحتاج أنواعا أخرى من الحجابات.
فساتين الزفاف والسهرة
على امتداد شارع عباس العقاد في حي مدينة نصر بمحافظة القاهرة، تنتشر محال فساتين السهرة والزفاف السورية، بأشكالها المتنوعة وألوانها المختلفة، والجودة والإتقان العالي التي تتميز به.
تشير اللافتات على امتداد الشارع إلى أسماء سورية، وتسمع أصوات السوريين باختلاف لهجاتهم يتردد في الشارع الشهير الذي تأتي إليه العرائس من كل مكان من أجل الحصول على فساتين الزفاف والسهرات.
ويضيف السوريون لمستهم الخاصة إلى كل مهنة يدخلون إليها، فتتميز فساتينهم بالجودة العالية، وأثبتوا جدارتهم في مجال الفساتين من خلال التنويع في الخامات المستوردة، وصنع الفساتين يدويا "الهاند ميد" ومحاولتهم مواكبة الموضة محليا وعالميا.
أنس متاع، سوري وصاحب محل لفساتين الزفاف والسهرة يقول، أتقنت صناعة الفساتين منذ قدومي إلى مصر قبل عشر سنوات، والآن أملك متجري الخاص الذي يتردد إليه الكثير من المصريين والسوريين.
يضيف أنس، استورد أجود أنواع الخامات من تركيا، أو الصين، لأنني أهتم بجودة المنتج وإرضاء الزبون، كما أحاول ابتكار تصميمات جديدة لمواكبة الموضة، وتعد أسعار الأزياء السورية مقبولة مقارنة بغيرها.
وتتنوع أسعار الفساتين على حسب نوع القماش، والموسم، كما يوجد هناك فساتين للإيجار أيضا سواء زفاف أو سهرة، ويبدأ الإيجار في المحلات السورية من 2000 جنيه (50دولار)
تقول سلمى عبد الهادي، عروس مصرية، في حديثها لموقع "تلفزيون سوريا"، ذهبت إلى شارع عباس العقاد لأشتري فستان زفافي من محل سوري بالتحديد، حيث كنت أسمع عن جودة منتجاتهم، ولكنني لم أكن أتوقع أن تكون بهذا الجمال.
بينما تقول بسنت علاء، من أكثر ما يجعلني أتردد على المحلات السورية دون غيرها هو ذوقهم في الكلام، وطريقتهم المهذبة في البيع، كما أنني أثق جدا بمنتجاتهم فهم أثبتوا جدارتهم بجميع المجالات التي دخلوها في السوق المصري.
ملابس العرائس و"المناطي" والإقبال عليها
تنتشر محلات تجهيز العرائس من ملابس وبيجامات في حي الأزهر، وشارع الغورية في القاهرة، حيث تنتشر مئات المحال المتراصة التي تساعد العرائس على الاستعداد لليلة العمر.
وفي آخر سنتين، امتلأ الشارعان بالمحال السورية التي أصبحت تقدم منتجات عالية الجودة، من عباءات مطرزة يدويا، وبجامات الساتان، والمفارش، وكل ما تحتاجه العرائس.
يقول علاء طباع، سوري وصاحب محل تجهيز عرائس، لم أضطر إلى تغيير مهنتي التي ورثتها عن والدي، بل استطعت أن أكمل ما بدأناه في سوريا، ولكن هنا في مصر، وذلك نظرا لانفتاح السوق المصري أمام كل ما هو جديد، بالإضافة إلى تقبل المصريين للمنتجات السورية على وجه الخصوص.
ومع هذا الانتشار الكبير للمنتجات السورية، هناك الكثير من الزبائن الراغبين بتجربتها بسبب ثقتهم الكبيرة بالبضاعة السورية التي أثبتت أنها تستحق هذه الثقة عبر السنوات.
من جهة أخرى، لم تلق السترات السورية (المناطي) رواجا كبيرا بين المصريين، بالرغم من أنها تعتبر زيا تقليديا لأغلب السوريات وخاصة الدمشقيات، بل ظلت مقتصرة على السوريات اللواتي ما يزلن يرتدينها وتعتبر جزءا من هويتهم.
وتقتصر محال بيع "المناطي" على مدينة "ستة أكتوبر" التي تتواجد فيها أعداد كبيرة جدا من السوريين.