في كل شركات الطيران العالمية يكون الحديث عن مواضيع مثل السلامة والأمان والراحة والرفاهية يحتل قائمة الأولويات، وقد يكون من البدهيات لمعظم تلك الشركات ضمان أمان وسلامة الركاب، لكن بالنسبة للأسطول المدني السوري، خاصة شركتي السورية للطيران وأجنحة الشام، لا يتمحور الحديث دائماً حول السلامة والأمان غير المتوفران أساساً في طائرات متهالكة يزيد عمرها عن عشرين عاماً متجاوزة بكثير ساعات الطيران المسموح لها، ولا يتم التطرق أبداً لمواضيع مثل مواعيد الإقلاع والهبوط، التي لا يتم الالتزام بها عادةً، أو عن راحة ورفاهية الركاب خلال الرحلات، بل يصبح الموضوع الرئيسي للنقاش لدى الركاب في مثل هذه الظروف هو هل ستصل بنا هذا الطائرات إلى وجهتنا سالمين، أم أن عطلاً ما سيطرأ يجبر الطائرة على الالتفاف والعودة إلى قواعدها؟
تشير المعلومات التي رصدها تلفزيون سوريا إلى أن الأسطول الجوي المدني المتهالك لدى السورية للطيران السوري وأجنحة الشام قد وصل إلى نهاية الخط، ورغم الهدايا والمساعدات التقنية الإيرانية، إلا أن ذلك لا يبدو أنه يساعد في عودة تلك الشركات المتورطة بأعمال إرهابية وانتهاكات جسيمة بحق الشعب السوري إلى قدراتها التشغيلية مرة أخرى.
نظرة على الأسطول الجوي المدني السوري (الانقباض بعد الانكماش)
تنظر السورية للطيران وأجنحة الشام بتشاؤم شديد لمستقبل مليء بالسوداوية، فالأعوام التي تمضي لا تفعل شيئاً سوى أنها ترخي بظلالها الثقيلة على طائراتها المتهالكة فتزيد من ضغوطها التقنية على أسطول جوي تنقبض أجنحته يوماً بعد يوم.
ومن المثير للدهشة أن نعلم أن السورية للطيران التي شغلت ضمن أسطولها خلال العقدين الماضيين 11 طائرة تجارية، معظمها طائرات ضيقة البدن للمسافات القصيرة والمتوسطة من طراز A320، وطائرتين عريضتي البدن من طراز A340، لا تملك اليوم من هذا الأسطول سوى طائرتين اثنتين تم تقديمهما مؤخراً من قبل إيران كهدايا.
أي أنه لولا المساعدة الإيرانية الأخيرة، وعمليات الإصلاح الشاملة المؤقتة لم نكن نشاهد طائرات السورية للطيران تحلق في سماء المنطقة اليوم.
كل ذلك يبدو أنه سيأجل قليلاً المصير السوداوي المحتوم للشركة، لكنه لن يمنعه من الوقوع.
ويبلغ العمر المتوسط لأسطول السورية للطيران 21.5 عاماً، في حين يبلغ العمر المتوسط لأسطول أجنحة الشام، التي تحاول أن تحافظ بجهد على ثلاث طائرات ضيقة البدن من طراز A320 قرابة الثلاثين عاماً.
أولاً: إيران تقدم طائرة A320 للسورية للطيران
بحسب المعلومات التي رصدها تلفزيون سوريا من مصادر مفتوحة، وتأكدنا منها من صور الأقمار الصناعية والصور من أرض مطار دمشق الدولي، حصلت السورية للطيران على طائرة واحدة من طراز A320 من أصل طائرتين اشترتهما إيران من الشركة الألمانية كوندور للطيران (condor@) في وقت سابق من عام 2021، وقامت بتخزينها لمدة عام ونصف في مطار مينسك في روسيا البيضاء.
وفي التفاصيل، قامت إيران بنقل الطائرتين من مطار مينسك في روسيا البيضاء إلى زاهدان في 19 و 20 مارس 2022.
والدليل على أن الطائرات تم بيعها أو إعادة تسجيلها في شركة إيرانية هي علامات ندائهما الجديدة، والتي استخدمت في أثناء نقلها إلى إيران: EP-VLQ و EP-VLR.
فيما بعد، تم نقل كلتا الطائرتين إلى طهران، مطار الخميني الدولي في 9 و 10 أبريل 2022 لتجديدهما والحصول على طلاء جديد.
وفي 5 يوليو 2022، تم نقل أول طائرتين من طراز A320 [YK-AKH] بالفعل في كسوة الخطوط الجوية السورية من طهران إلى دمشق.
ثانياً: إيران تصلح طائرة عريضة البدن من طراز a340 للسورية للطيران
كان من المستغرب أن نرى الطائرة السورية عريضة البدن A340 (YK-AZA) تخالف برنامجها المعهود بالتوجه نحو الإمارات بشكل دوري، لتحط في طهران في 19 سبتمبر 2022.
بعد هذه الرحلة، لم تعد ترى هذه الطائرة على شاشات الرادار.
بعد ذلك بأيام، رصدنا إقلاع الطائرة السورية عريضة البدن A340 (YK-AZB)، التي غابت عن الأضواء مدة طويلة، تنفذ طلعاتها التجريبية في السماء الإيرانية وحول طهران.
وعلى ما يبدو، كانت هناك عمليات إصلاح شاملة تجري على هذه الطائرة الضخمة منذ فترة، لتقلع بعد ذلك من مطار الخميني في طهران إلى مطار دمشق الدولي في 5 أكتوبر الماضي 2022، وتعود إلى رحلاتها المعهودة نحو الإمارات.
ثالثاً: إيران تصلح طائرة ضيقة البدن من طراز A320 للسورية للطيران
خلال مسار عودتها الاعتيادي من موسكو إلى دمشق، اضطرت السورية a320 (YK-AKD) للهبوط اضطرارياً في مطار همدان شبه المهجور في إيران بتاريخ 12 سبتمبر 2022.
وتعتبر AKD من أقدم الطائرات ضيقة البدن التي تملكها السورية للطيران، على ما يبدو تلقت مجموعة سريعة من الإصلاحات في مطار همدان الذي لم تحط فيه الطائرات الإيرانية منذ ثلاث سنوات، لتعود بعد فترة وجيزة للعمل بشكل محدود.
وفي 19 أكتوبر 2022، تعثرت YK-AKD وهي في طريقها نحو القاهرة، ويبدو أنها تعرضت لعطل اضطرها للانسحاب تكتيكياً عائدةً نحو قواعدها في مطار دمشق الدولي.
بعد ذلك، يبدو أن الزمن قد أفسد ما أصلحه العطار، ليتم ركن الطائرة بشكل نهائي في مطار دمشق بعد أن قامت بآخر رحلة لها من الكويت إلى دمشق في 22 أكتوبر 2022.
فقدان السورية للطيران لـ YK-AKD قلص الأسطول الجوي الخاص بها إلى طائرتين اثنتين قدمتهما إيران مؤخراً، كما أوضحنا آنفاً.
رابعاً: إيران تصلح طائرة ضيقة البدن من طراز a320 لأجنحة الشام
على غير المعتاد، هبطت طائرة أجنحة الشام a30 (YK-BAE) في 28 أكتوبر 2022، في مطار الخميني في طهران. بعد ذلك اختفت الطائرة عن الرادارات لمدة ثلاث أيام، تلقت فيها على ما يبدو مجموعة من الإصلاحات السريعة الإسعافية.
وفي 1 نوفمبر الجاري، ظهرت الطائرة البالغة من العمر ثلاثين عاماً على الرادارات وهي تحاول العودة إلى قواعدها في مطار دمشق، لكن عطلاً اضطرارياً ما دفعها للعودة إلى مطار الخميني في طهران.
وبحسب ما رصده تلفزيون سوريا من مصادر مفتوحة، فقد طلبت YK-BAE من برج المراقبة في بغداد العودة إلى مطار الخميني بسبب مشكلات فنية.
Cham wings 556 from #Tehran to #Damascus . He request from #Baghdad control to return to Tehran airport due technical issues!
— Escobar (@escbar19934) November 1, 2022
11/12022 18:20z@flightradar24 @RadarBoxCom pic.twitter.com/7oP5gF8uWl
بعد ذلك، شوهدت الطائرة نفسها وهي تقوم برحلاتها الاعتيادية نحو أربيل والشارقة بعد أن تلقت الإصلاحات المطلوبة، التي مكنتها من الطيران مرة أخرى لفترة محدودة.
رغم الهدايا والمساعدات التقنية الإيرانية، ما تزال طائرات السورية للطيران وأجنحة الشام تتعثر في الأجواء، وقد رصدنا عدة تعثرات جوية لهذه الطائرات المتهالكة في الأجواء الإقليمية، منها ما حدث بشكل اضطراري مع الطائرة المشبوهة الخاصة بأجنحة الشام YK-BAB - المتهمة بتهريب البشر نحو مناطق سيطرة المشير حفتر في ليبيا ثم بحراً إلى أوروبا - وهي تطير فوق أجواء المتوسط في محاولة للوصول إلى وجهتها اليومية في بنغازي في ليبيا.