اعتذاريّو الثورة السورية

2024.08.28 | 09:18 دمشق

آخر تحديث: 28.08.2024 | 11:51 دمشق

522222222
+A
حجم الخط
-A

قرأت تعليقاً على إنستغرام اتهمنا فيه أحدهم بقلة الأصل والنكران والتحامل المتعامي على المملكة العربية السعودية، رغم أنّ تعليقاتنا ووجهات نظرنا والرأي السوري الراجح بفيلم حياة الماعز خلت جميعها من أي تجريح يمسّ الدولة المعنية بالقضية، ولم يُلحظ رغبات دفينة للنيل من المملكة وشقيقاتها، لا من الذين لم تطأ أقدامهم تلك البلاد ولا من الذين مروا أو عاشوا أو زاروا الخليج الغنيّ بالإلهام الروائي والسينمائي، وحسن الضيافة في مواضع كثيرة.

حياة الماعز ليس فيلماً وثائقياً ولا تحقيقاً صدر عن منظمة العفو الدولية التي راقبت عن كثب واقع العمالة الوافدة في دول الخليج حتى يُحاكَم على تلك الأسس، إنما سردة سينمائية ناقشت قضية محددة وواضحة، في أنَّ نظام الكفيل يحاكي بسلوكياته أنظمة العبودية البائدة التي تخلصت منها الدول المذكورة بشجاعة في منتصف الستينات، ثم قدموا مثالاً يُحتذى في العمران والتقنيات والحوكمة الالكترونية وإصلاح النظام القضائي الخاص بالعمل، فأنشؤوا وزارات ومحاكم عماليّة خاصة لغير الملتزمين ببنود العقود، الموظف الوافد والشركة المُستَقدِمة.

دول الخليج ليست بالسوية عينها فيما يتعلق بنظام الكفالة والاستقدام، القوانين متباينة والكفلاء فيهم الصالح للغاية وفيهم من ظهر بصورة مطابقة للواقع في (حياة الماعز)، مع ذلك يبقى العمل في الخليج بالنسبة للسوريين وغيرهم حلماً مشتهى لإنجاز شيء من الأحلام التي وأدتها دولنا المنهوبة، إذ نظمت قاعدة العرض والطلب وصولنا إلى أراضيهم وعملنا في مؤسساتهم واستفادتنا من ثرواتهم، خدمة مدفوعة الأجر أياً كان الاختصاص.

هل أردنا تحطيم السعودية أو غيرها يوماً؟

هذه إدانة مسبقة، وسؤال اتهامي ينزع عن السوريين صفات المدنية والتحضر سلفاً، سمعناه في شوارع عدة دول استقبلتنا بعد الثورة، فرمت علينا أحمال فشلها الداخلي في التنمية وفي إيجاد قوانين ناظمة للعيش والعمل، لكن ماذا لو كان السؤال معاكساً، هل أراد العالم للسوريين الخير والحريّة؟

نحن الثورة السورية، التي غيّرت وجه المنطقة وحشرت "العالم الحرّ" في زوايا العار، لسنا مدينين بالاعتذار لأحد، نردّ الصاع صاعين حباً أو كرهاً، من دعمنا فعلَ ما عليه فعله من الناحية المصلحية لمواجهة المشروع الإيراني البغيض قبل أن يخطف دولته منه، ومن احتضننا سنشكره أبداً وسيكون جزءاً جميلاً من تاريخ قضيتنا، أما من خذلنا وأغلق أبوابه في وجهنا فإننا سنتذكره دهراً وسنخبر أطفالنا به، سنكتب ضده روايات أدبية ونهجوه شعرياً ونصنع عنه أفلاماً سينمائية، مع التأكيد على أنّ نظام الكفيل في الخليج العربي بحاجة إلى إعادة نظر، إكمالاً للتطور المشهود الذي شهدته تلك المنطقة في عقديها الأخيرين على الأقل.