افتتح في محافظة إدلب أمس الثلاثاء مقهى خاص بالنساء فقط من دون الرجال إطلاقاً، في خطوة هي الأولى مِن نوعها بالمنطقة.
النساء وحدهن فقط هن القائمات على إدارة وخدمة المقهى في مدينة إدلب، التي لم تشهد مشاريع نسائية خاصّة بشكل كبير، لـ يُلاقي افتتاح المشروع الجديد تفاعلاً واسعاًً على مواقع التواصل الاجتماعي.
تباينت آراء الناس وتنوّعت بين ناقد للمشروع وبين مُرحبٍ به، "هل نحن في تكساس أم هوليوود"؟ كتب أحد المُعلّقين، مستنكراً إقامته في مدينة إدلب، المُتهمة عالمياً بالخضوع لسيطرة "المتشدّدين".
سيدات إدلب يدافعن عن مساحتهن الخاصة
استطلع تلفزيون سوريا آراء سيدات في مدينة إدلب حول فكرة مشروع المقهى الخاص بالنساء فقط، وأجمعت المشاركات على إيجابيته، معدّدات الأسباب الموجبة له وتطلعاتهن لمستقبله.
الشابة عائشة محمود (24 عاماً) وصفت المشروع بـ"الناجح جداً"، مضيفةً "كثير مِن النساء لا يستطعن الجلوس في الأماكن العامة، بسبب غياب الخصوصية".
العديد من المطاعم في إدلب تعتمد على إفراد قسم خاص للعائلات لمنح السيدات بعض الخصوصية، وبعضها تضيف ستائر أو كبائن تغطي وتفصل كل طاولة عن غيرها، إلا أنّ ذلك ليس كافياً، حسب رأي "عائشة"، لأنّ الصوت يبقى مسموعاً وهذا يُسبّب الإحراج لبعض النساء.
وتقديم النساء الخدمة لبعضهن بعضا - وفق "عائشة" - يمنح مَن يرتدين الخمار الراحة الكافية لرفعه في أثناء جلوسهن بالمقهى، بخلاف ما يحصل عند زيارة أي مقهىً آخر، العاملون فيه كلّهم مِن الرجال.
حسناء تمرو أحبّت الفكرة، وخاصة في "المجتمع الذي فيه نسبة محافظة لا تحبذ الاختلاط"، مشيرةً إلى أنّ موقع المقهى في السوق وسط مدينة إدلب، يمنح "راحة نفسية" للسيدات اللواتي يحتجن أماكن للراحة من التسوق.
وأضافت "حسناء" - خريجة العلوم السياسية - أنها تتمنى أن يتطور المقهى ليتحول إلى منتدى للتعارف وتبادل الثقافات وتكوين علاقات اجتماعية جديدة، ليأسهن بالاندماج في المجتمع، خاصة بعد أن ضمت إدلب أعداداً كبيرة مِن المهجّرين مِن مناطق سوريّة مختلفة.
مِن جانبها ترى مريم البكري أنّ هذا المكان هو "مساحة صديقة للمرأة"، مشيرةً إلى الراحة التي يمنحها للزائرات، مضيفةً أنّ فكرة افتتاح مقهى مماثل كانت تراودها منذ أكثر مِن ثلاث سنوات.
وأشارت "مريم" - العاملة في مركز نسائي - أنّ المرأة تتعرض لضغوط مِن الزوج والأولاد وضغوط العمل وهي بحاجة لمكان يوفّر لها الهدوء، مردفةً "المشروع الذي كان في بالها يتضمن منع استخدام الإنترنت ليكون المقهى مكاناً للراحة ونسيان الضغوط".
وبتصوّر مريم فإن النساء بحاجة لأماكن توفر لهن تبادل المعارف والتجارب، بشكل ثقافي واجتماعي، وبرأيها فإن إقامة المقهى الخاص بالمرأة لا يحتاج لأن يقدم مساحة تسمح لهن بالممارسات التي ينتقدها المجتمع، مثل تدخين النارجيلة، إذ إن رأيها الشخصي "عادة التدخين لا يجب أن تمارس على العلن".
وبالعموم فإنّ المقهى يُقدّم المشروبات الباردة والساخنة والمرطبات والحلويات الفرنسية، ولا يتضمن التدخين والنارجيلة.
كيف ومِن أين انطلقت الفكرة؟
أفادت السيدة فاتنة صفية لـ موقع تلفزيون سوريا بأنّ معاناتها الشخصية هي التي دفعتها إلى افتتاح المقهى.
وقالت إنّ النساء المحيطات بها كن يطمحن للحصول على مكان خاص بهن، إذ إنّ البطالة التي يعاني منها معظم الأزواج، منعتهن من استقبال صديقاتهن في المنازل.
وأشارت السيدة إلى أن الفتيات والشابات لا يملكن أماكن آمنة تسمح لهن بالجلوس مع صديقاتهن، وكذلك بالنسبة للطالبات اللواتي يأخذن الدروس في المعاهد، والتي لا توفر لهن أماكن للانتظار بين درس وآخر.
وحسب "صفية" فإنّ المرأة بحاجة إلى ركنٍ خاص للاستراحة والترويح عن نفسها، سواء كانت ربة المنزل تعاني طول اليوم من عناء المنزل ورعاية الأولاد، أو المرأة العاملة خارج البيت.
والمقهى هو عبارة عن ملتقى ترفيهي اجتماعي وثقافي، على حد وصفها، ويحتوي على ركن للمطالعة يضم كتباً ترضي الأذواق الأدبية والثقافية، وركن مجهز بعزل صوتي لمن يرغبن بالدارسة قبيل الامتحانات.
يشار إلى أنّ إدلب تضم العديد مِن المراكز والمنظمات النسائية، التي تقدم الدعم النفسي والمهني للمرأة، وسبق أن افتتح، يوم 8 نيسان الماضي، أوّل مركز نسائي لصيانة الهواتف المحمولة والتسويق الإلكتروني، بعد حصول العاملات فيه على تدريب مِن اختصاصيين استمر لشهرين.