يٌعتبر الدخول إلى منطقة شمال غربي سوريا هاجساً بالنسبة لكثير من السوريين المقيمين في الخارج، بسبب الوضع الأمني العام والغموض الذي يكتنف مصير المنطقة وتبعات الدخول إليها لا سيما للاجئين في الدول الأوروبية.
ولأن المنطقة كانت الوجهة الوحيدة لقوافل التهجير التي فرضها النظام السوري وروسيا خلال الأعوام الماضية، فإنها باتت تحتضن نحو 3 ملايين ونصف مليون مهجر من مختلف المحافظات السورية، يقيمون بما هو أشبه بسجن كبير يصعب الدخول إليه أو الخروج منه.
وكانت الإجازات التي تمنحها الحكومة التركية للاجئين السوريين المقيمين على أراضيها، بمثابة فرصة للم شمل العائلات المشتتة، وجرعة إنعاش للمنطقة وقاطنيها، إلا أن تلك الإجازات تم إلغاؤها قبل عدة أعوام، وبات الدخول مقتصراً على حاملي بطاقة الحماية المؤقتة (الكيملك) الصادرة عن ولاية غازي عنتاب.
ومؤخراً، أعادت إدارة معبر باب الهوى الحدودي مع تركيا شمالي إدلب، التذكير بإمكانية دخول السوريين المغتربين واللاجئين إلى الشمال السوري عبر الأراضي التركية من خلال تقديم طلب سفر ترانزيت، وفق إجراءات ميسّرة تمكن الراغبين بالدخول من زيارة أقاربهم بلا عناء أو تبعات قانونية.
سفر الترانزيت من معبر باب الهوى
الترانزيت هو نظام يقوم على نقل المسافرين أو البضائع من دولة إلى دولة أخرى مروراً بدولة ثالثة، وفيه لا يسمح للمسافر البقاء في دولة العبور (البلد الثالث) سوى لمدة معينة قد لا تتجاوز الـ 24 ساعة.
وفي الحالة السورية، فإن السوريين المقيمين في الدول العربية أو الأوروبية (باستثناء السوريين في تركيا) ويرغبون بزيارة ذويهم في شمال غربي البلاد، يتوجب عليهم النزول ترانزيت في تركيا ومنها يتم إدخالهم عبر معبر باب الهوى حصراً.
ويؤكد مدير العلاقات العامة في معبر باب الهوى، مازن علوش، أن موضوع الترانزيت ليس بجديد وهو موجود منذ بدء إدارة المعبر عام 2015 ولم يتوقف حتى تاريخ اليوم، موضحاً أنه منذ بداية عام 2024 وحتى منتصف شهر أيار الجاري دخل أكثر من 800 سوري ترانزيت من تركيا، قادمين من جميع أنحاء العالم بما في ذلك أوروبا واليابان وكندا والولايات المتحدة.
وأشار علوش في حديث لموقع تلفزيون سوريا إلى أن إدارة معبر باب الهوى أعادت مؤخراً تسليط الضوء على هذا الموضوع بسبب كثرة الرسائل الواردة إليها من المغتربين، للاستفسار عن إجراءات الدخول والحجز وغيرها، مؤكداً أن باب الهوى هو المعبر الحدودي الوحيد شمالي سوريا الذي يتمتع بهذه الميزة.
إجراءات ميسّرة
تحدث مدير العلاقات العامة في معبر باب الهوى، مازن علوش، عن تقديم تسهيلات كبيرة للسوريين الداخلين إلى بلادهم أو الخارجين منها عبر المعبر، تتضمن سرعة إنجاز المعاملات ومجانية الخدمات بشكل كامل.
وقال علوش: "معبر باب الهوى لا يتقاضى أي رسوم على أي خدمة يقدمها للمسافرين سواء على تقديم الطلبات أو النقل بالحافلات أو عمليات الدخول والخروج، والمسافر لا يدفع أي مبلغ مهما كانت صفته: تاجر، ترانزيت، مريض".
كما أشار محدثنا إلى عدم وجود مدة معينة لبقاء الزائر في سوريا، وأنه "يمكن لأي مواطن مقيم في الخارج، ويحمل جواز سفر سوريا القدوم إلى معبر باب الهوى، ومنه يدخل إلى الأراضي السورية بشكل مباشر ودون أي إجراءات".
شروط التسجيل لسفر الترانزيت من معبر باب الهوى
ينحصر الدخول والخروج عن طريق نظام الترانزيت بالسوريين أصحاب الجنسية المزدوجة (عدا التركية)، وأصحاب الإقامات في الدول العربية والأجنبية، وحاملي إقامات وجوازات اللجوء أياً كانت الدولة الصادرة عنها.
وبالنسبة للشروط والأوراق المطلوبة للتسجيل على طلبات الترانزيت، يقول رئيس قسم الهجرة والجوازات في معبر باب الهوى قاسم القاسم إن هناك 3 شروط رئيسية للتسجيل، هي جواز السفر السوري، وجواز السفر الصادر عن دولة اللجوء أو إقامة سارية المفعول لمدة 6 أشهر أو جواز سفر الجنسية المزدوجة، إضافة إلى حجز طيران مدفوع، علماً أن الطلب يقدم حين يقرر الزائر مغادرة سوريا.
ويقوم الزائر عند دخوله إلى الأراضي السورية، بتقديم صورة عن تلك الأوراق مع جوازات السفر إلى معبر باب الهوى، ليرفعها بدوره إلى الجانب التركي عندما يقرر المسافر العودة إلى دولة الاغتراب.
وتكون آلية العبور على الشكل التالي: يتم الدخول إلى الأراضي التركية عبر جواز السفر الأجنبي، ويتم الخروج منها نحو سوريا من معبر جلفاكوز عبر جواز السفر السوري حصراً، ويتم وضع ختم الدخول إلى تركيا (سواء عبر البر أو الجو) على الجواز الأجنبي، وختم الخروج من معبر جلفاكوز على الجواز السوري.
ويشير القاسم إلى أنه لا يمكن لمن حصل على تأشيرة الدخول إلى تركيا (الفيزا) لأول مرة، التقديم على طلب الترانزيت فهو غير مقبول من الجانب التركي، وكذلك من دخل الأراضي السورية عبر لبنان أو أربيل لا يستطيع التقديم على طلب الترانزيت والمغادرة من تركيا.
آلية التسجيل على الترانزيت
عقب قيام المسافر بتقديم الأوراق المطلوبة للتسجيل، يعطى إيصالاً يتضمن رقم الطلب، وتاريخ تسجيله، وموقع المعبر ليتمكن من متابعة طلبه عن بعد، وبعد تسجيل طلبات الترانزيت يقوم معبر باب الهوى بإرسالها إلى الجانب التركي ضمن قائمة واحدة يتم رفعها كل أسبوعين.
وبعد رفع طلبات الترانزيت إلى الجانب التركي، تستغرق الموافقة عليها مدة 3 أسابيع إلى شهر، علماً أن هذه المدة ليست ثابتة، إذ إنه في بعض الفترات يكون هناك ضغط في التسجيل على الطلبات، وخصوصاً في فترة الأعياد والإجازات الصيفية، وبالتالي من الممكن أن تزيد هذه المدة إلى الشهر ونصف.
وأكد القاسم أنه بإمكان المسافر متابعة طلبه من خلال الدخول إلى موقع المعبر المرفق مع إيصال التسجيل، وإدخال رقم جواز السفر، وحينها سيتمكن من مشاهدة النتيجة وتكون إما قيد الدراسة وهذا يعني أن الطلب ما زال في الجانب التركي، أو أن الطلب تمت الموافقة عليه ويمكنه السفر خلال مدة أقصاها شهرين.
ونبه القاسم إلى أنه في حال خرج المسافر من سوريا نحو الأراضي التركية وبقي فيها وعاد إلى الأراضي السورية دون أن يسافر إلى الدولة الثالثة، ومن ثم قرر التسجيل على طلب الترانزيت مستقبلاً فإن النتيجة ستكون الرفض.
وبالنسبة للذين يحملون جنسية أجنبية وجواز السفر السوري منتهي الصلاحية، فإن الجانب التركي يقبله إذا كان منتهياً قبل 10 أعوام، ويعود السبب في ذلك إلى وجود فرق في الصورة الشخصية بين جواز السفر السوري لكونه إصدارا قديما، وبين جواز سفر الجنسية الأجنبية الذي يكون غالباً صادر قبل عام أو عامين، علماً أن الجانب التركي يرفض دخول المخالفين إلى سوريا، وفقاً للقاسم.
ما سبب اشتراط وجود جواز السفر السوري؟
أكد مدير العلاقات العامة في معبر باب الهوى، مازن علوش، أن شرط وجود جواز السفر السوري في طلب الترانزيت، هو شأن تركي لا علاقة للمعبر السوري فيه، حيث يُطلب من المسافر في معبر جلفاكوز وليس في باب الهوى.
وقال علوش: إن "معبر باب الهوى مفتوح منذ تحريره وحتى تاريخ اليوم لعبور السوريين فقط، وهذا الأمر يعود إلى الجانب التركي كونه يمنع أي شخص غير سوري من الدخول أو الخروج من المعبر كي لا تتحمل الدولة التركية مسؤوليته".
وفي حال كان مواطناً سورياً عائداً إلى وطنه فبإمكانه الدخول، أما غير السوري أو السوري الذي يحمل جنسية مزدوجة ويريد العبور بالجنسية الأجنبية فهذا الأمر ممنوع من الجانب التركي، ولهذا السبب يشترط الجانب التركي وجود جواز السفر السوري، وفقاً لعلوش.
وشدد محدثنا على أن "معبر باب الهوى لا يشترط أي شيء وأي شخص يسمح له الجانب التركي بالعبور من معبر جلفاكوز فهو مرحب به في باب الهوى، ولا توجد أي تعقيدات لدخوله، وعلى العكس يتم تقديم تسهيلات للسوريين الراغبين بزيارة بلدهم".