أصدر أهالي جبل الزاوية بيانًا مرئيًّا حصل موقع تلفزيون سوريا على نسخة منه، اليوم الإثنين، وجهوا من خلاله رسالة إلى الضامن التركي والفصائل العسكرية وأهالي المناطق المحررة، على خلفية التصعيد العسكري الذي تتعرض له قرى الجبل والمجازر المروّعة التي ترتكبها قوات الأسد وروسيا وإيران بحق الأطفال والنساء في المنطقة.
وجاء في البيان، "إننا أهالي جبل الزاوية نطالب الضامن التركي بتحمل مسؤولياته تجاه حماية المدنيين العزل في الشمال الغربي من سوريا وخاصة منطقة جبل الزاوية الذي يضم أكثر من خمس وثلاثين قرية تتعرض للقصف اليومي بشتى أنواع الأسلحة من ميليشيا الاحتلالين الإيراني والروسي والتي أدت إلى إحداث مجازر مروعة بالأهالي من أطفال ونساء وشيوخ، ولا سيما أن تركيا قد أخذت على عاتقها حماية المدنيين على لسان وزير دفاعها".
وأضاف البيان "بناء عليه إذا لم يف الضامن التركي بالتزاماته ويتحمل مسؤولياته تجاه حماية المدنيين ويكتفي بالصمت مع المجتمع الدولي سنعتبره شريكاً في هذه الجرائم وسيكون لنا شأن آخر".
ووجه أهالي جبل الزاوية في بيانهم نداء إلى الشعب السوري قالوا فيه: "وإننا نطلب من أهلنا الأحرار على الأرض السورية بالوقوف إلى جانب أهلهم في جبل الزاوية كونهم اليوم في حالة رباط على ثغور آخر قلعة من قلاع الثورة وحصنها المنيع".
وختم البيان ببيتين من الشعر للفصائل العسكرية تختصر واقع حالهم في ردع قوات الأسد ومساندة المدنيين:
"مالي أراكم وقد نامت مروؤتكم واستيقظ الوهن إذلالاً وإصغاراً
قد كان عهدي بكم إن صاح صارخكم لبيتم الصرخ قادات وثواراً".
أسباب البيان
وعن البيان وأسبابه أجرى موقع تلفزيون سوريا مداخلة مع الأستاذ فصيح هنداوي وهو أحد المشاركين في البيان قال خلالها: "حقيقة لقد بلغ السيل الزبى، كل يوم نشاهد كيف يُقتل أطفالنا ونساؤنا وتُقصف بيوتنا وكل ما نعيشه من ويلات وسط صمت الضامن التركي الذي فتحنا له بيوتنا عندما دخل إلى المنطقة على أنّه حليف لنا وجاء لحمايتنا ومساندتنا بغض النظر عن الأسباب التي دفعته لذلك وأمنه القومي وغير ذلك من مصالح مشتركة بيننا وبينه".
وأضاف "في الحقيقة خابت آمالنا اتجاه صمته عن المجازر المرتكبة بحقنا أمام ناظريه وعلى مسمعه فهو موجود في كل قرية من قرى الجبل وشاهد على ما يحصل، لذلك كان لا بد من أن يكون لنا موقف اتجاه ذلك".
وأكمل، "إنّ البيان الذي أصدرناه هو بداية لخطوات أخرى ونأمل أن يخطو الحليف التركي خطوات إيجابية في سبيل حماية المدنيين والأهالي، وبالتالي لا نحتاج لتلك الخطوات والتي هي من حقّنا في حال استمر الصمت إزاء آلة القتل والفتك التي تشنها قوات الأسد وروسيا وإيران بحقنا".
وختم "جبل الزاوية جبلنا وأرواحنا معلّقة فيه لا نقوى على مغادرته ولن نسكت عن الخذلان له، ويوجد في جعبتنا ما نتحفّظ عليه من خطوات يمكن أن تكون كفيلة بحماية الجبل والثأر لكل قطرة دم تنزف فيه في حال خذلاننا، أمّا عتبنا فهو على فصائلنا العسكرية فنحن نأمل منها أن يكون الرد بالمثل على قوات العدو ولا يقتصر على ما هو أقل من ذلك".
وقال الناشط الإعلامي "أحمد المصطفى" وهو أحد أبناء منطقة جبل الزاوية في حديثه لموقع تلفزيون سوريا، "جبل الزاوية منطقة مكتظة بالسكان يعيش فيه أكثر من 100 ألف نسمة من أهله ومن النازحين إليه من المناطق السورية المحتلة، حتى قرى الجبل والتي تقع على خطوط التماس أو مكشوفة على قوات الأسد يوجد فيها نسبة جيدة من السكان والأهالي جلّهم عادوا إليها بعد انتشار نقاط ومعسكرات للقوات التركية في تلك القرى وعلى التلال الاستراتيجية".
وتابع "عودة الناس كانت على أنّ القوات التركية ستحميهم من أي تقدم عسكري لقوات الأسد، وكذلك بوجود النقاط التركية ستكون المنطقة آمنة من القصف وغيره، وفعلًا هذا ما حصل باستثناء بعض القصف والخروقات في الفترات السابقة، إلّا أنّ الوضع اختلف مؤخّرًا بشكل كبير".
وأردف، "فمنذ بدء الحملة العسكرية الأخيرة على المنطقة كان عندنا في الجبل العديد من المجازر راح ضحيتها العشرات من الشهداء والجرحى أغلبهم من الأطفال والنساء، وكان يتوقع الأهالي أن يكون هناك موقف جريء من تركيا تجاههم، إلّا أنّ ما لاحظوه أنّ رد القوات التركية على مواقع العدو هزيل ولا يمكن تسميته إلّا أنه "إبر بنج" يتم من خلالها إسكات الأهالي، حتى أجهزة التشويش والتي من الممكن أن تمنع طائرات استطلاع العدو من التحليق في الأجواء ورصد تحركات المدنيين، في أغلب الأحيان لا تقوم القوات التركية بإشغالها، وبالتالي إتاحة الفرصة أمام قوات العدو لارتكاب المجازر ورصد تجمعات المدنيين وفرق الدفاع المدني في الأماكن المستهدفة واستهدافها مجددًا من خلال القصف المزدوج والذي يؤدي لازدياد عدد الضحايا وصعوبة في إخلاء الجرحى والمصابين".
وختم قائلاً "وعليه كانت ردود أفعال الأهالي سلبية تجاه القوات التركية، ومنها البيان المرئي الذي صدر يوم أمس، في حين يتجهز الأهالي لخطوات تصعيدية من وقفات احتجاجية ومظاهرات وعصيان مدني وغيرها في حال لم تتحمل القوات التركية والفصائل العسكرية مسؤولياتهم تجاه حمايتهم وردع قوات الأسد عنهم".
إلى ذلك قال محمد حمادة مدير المكتب الإعلامي في المديرية الثانية بالدفاع المدني السوري في حديثه لموقع تلفزيون سوريا، "ارتفعت وتيرة هجمات النظام وحليفه الروسي على شمال غربي سوريا منذ بداية شهر حزيران الماضي وتركزت بشكل كبير على جبل الزاوية وسهل الغاب، ووثق الدفاع المدني السوري أكثر من 215 هجوماً منذ بداية حملة التصعيد العسكرية في 5 من حزيران حتى اليوم، تسببت بمقتل أكثر من 48 شخصاً، من بينهم 20 طفلاً و10 نساء، ومتطوعين اثنين في صفوف الدفاع المدني السوري، فيما أصيب 115 شخصاً، من بينهم أكثر من 30 طفلاً، و بلغ عدد المجازر التي ارتكبتها قوات النظام وروسيا 6 مجازر في ريف إدلب منذ بداية شهر حزيران راح ضحيتها، 40 شخصاً بينهم نساء وأطفال، وجرح نحو 39 آخرون".
وأضاف "كما دفع استمرار عمليات القصف الممنهج من قبل قوات النظام وحلفائها عدة عوائل للنزوح من جبل الزاوية، وشكل حالة من الرعب لدى آلاف القاطنين في قرى وبلدات جبل الزاوية، ما ينذر بكارثة إنسانية في حال استمرار القصف، فهو يضع المدنيين بين سندان الموت ومطرقة التهجير".
وختم حديثه مركّزًا على أسباب عودة الأهالي إلى المنطقة ورفضهم النزوح، موضّحًا، "آلاف المدنيين عادوا إلى قرى وبلدات جبل الزاوية رغم استمرار عمليات القصف والخرق الدائم لاتفاق وقف إطلاق النار الذي دخل حيز التنفيذ في السادس من آذار عام 2020، بعدما كابدوا الويلات من النزوح في المخيمات، وفي سعيهم لجني محاصيلهم الزراعية التي هي لقمة عيشهم ويحاول النظام وروسيا حرمانهم منها عبر القصف والقتل والتهجير وهم مهددون الآن بالنزوح بأية لحظة، فيما يهدد استمرار التصعيد العسكري حياة 4 ملايين مدني في شمال غربي سوريا وسط صمت دولي وغياب لأي تحرك من الأمم المتحدة ومجلس الأمن لردع النظام وروسيا ووضع حد لهذه الهجمات القاتلة".
ويتضمن جبل الزاوية أكثر من 35 قرية وبلدة عاد أغلب سكانها إليها بعد انتشار القوات التركية فيها والهدوء النسبي الذي شهدته المنطقة عقب اتفاق وقف إطلاق النار في السادس من مارس العام المنصرم 2020، ورغم القصف المكثّف الذي يعيشونه إلّا أنّ حركة النزوح عندهم ما تزال ضئيلة، وأغلبهم يُفضّلون البقاء في الجبل والصمود والثبات فيه حبًّا له وخوفًا من مآلات النزوح والتهجير والتي عاشوا مرارتها عدّة مرات خلال سنوات الثورة السابقة.