ملخص
- العفو الدولية تنتقد المحكمة العسكرية اللبنانية لتقاعسها عن محاسبة مرتكبي التعذيب بحق اللاجئ السوري بشار عبد السعود.
- أفراد الأجهزة الأمنية اللبنانية فوق القانون، مما يعزز الإفلات من العقاب على التعذيب.
- القضاء اللبناني يفشل في تنفيذ قانون مكافحة التعذيب ويمنع الضحايا من الوصول إلى العدالة.
- على السلطات اللبنانية تخصيص ميزانية للهيئة الوطنية لحقوق الإنسان لتمكينها من مراقبة أماكن الاحتجاز وتوثيق الانتهاكات.
- العفو الدولية وثّقت تعرض لاجئين سوريين لانتهاكات شملت المحاكمات غير العادلة والتعذيب بمختلف الوسائل في مراكز الاحتجاز اللبنانية.
قالت منظمة العفو الدولية "أمنستي" إن المحكمة العسكرية اللبنانية "أضاعت فرصة حيوية لمحاسبة مرتكبي التعذيب الذي أدى إلى وفاة اللاجئ السوري بشار عبد السعود في أثناء الاحتجاز"، مؤكدة أن اللاجئين السوريين يواجهون التعذيب وسوء المعاملة على نطاق واسع في نظام الاحتجاز اللبناني.
وكانت المحكمة العسكرية اللبنانية وجهت، في 29 تشرين الثاني 2022، اتهامات إلى خمسة أفراد من أمن الدولة، بينهم ضابط، بشأن وفاة اللاجئ السوري، وتم احتجازهم ليُطلق سراحهم جميعهم بعد جلسة المحكمة الأولى، في 16 كانون الأول 2022.
وفي مطلع تشرين الثاني الجاري، حكمت المحكمة على جميع المتهمين بالمدة التي قضوها في السجن بعد أن خففت المحكمة طبيعة جريمتهم من جناية إلى جنحة، وأسقطت التهم بموجب قانون مناهضة التعذيب، واستبدلتها بالمادة 166 من قانون القضاء العسكري التي تحظر مخالفة الأنظمة والأوامر والتعليمات العامة.
وذكرت العفو الدولية أن "هذه كانت أول قضية تصل إلى المحاكمة بموجب قانون مناهضة التعذيب اللبناني، ولكن في انتهاك للقانون، تم الاستماع إليها أمام المحكمة العسكرية، التي تفتقر إلى الاستقلال والنزاهة".
أفراد الأجهزة الأمنية اللبنانية فوق القانون
وقالت نائبة المدير الإقليمي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا في المنظمة آية مجذوب، إنه "بدلاً من إصدار توبيخ قوي للتعذيب داخل المنظومة الأمنية، أرسلت المحكمة العسكرية، بهذا الحكم، رسالة مخيفة مفادها أن أفراد الأجهزة الأمنية فوق القانون وأن مرتكبي التعذيب يمكنهم الاستمرار في ارتكاب الجرائم دون خوف من محاسبتهم".
وأضافت مجذوب أنه "كان من الممكن أن تكون هذه القضية فرصة لتطبيق قانون مناهضة التعذيب لعام 2017 وإنهاء عقود من الإفلات من العقاب على التعذيب في مراكز الاحتجاز اللبنانية، ولكن بدلاً من ذلك، فإن الحكم يسخر من العدالة وسيعمل على ترسيخ الإفلات من العقاب بشكل أكبر".
ويعتبر اللاجئون السوريون في لبنان من بين الفئات الأكثر ضعفاً، وكثيراً ما يتم اعتقال اللاجئين بشكل تعسفي واحتجازهم لفترات طويلة بتهم ارتكاب جرائم تتراوح بين انتهاء صلاحية أوراق الهوية ومزاعم الاتجار بالمخدرات، في حين ينتشر التعذيب وغيره من ضروب سوء المعاملة على نطاق واسع في نظام الاحتجاز اللبناني، لكن القضاء فشل في التحقيق بشكل كاف في شكاوى التعذيب.
وشددت العفو الدولية على أن "قرار محاكمة الضباط اللبنانيين أمام محكمة عسكرية يتناقض مع القانون اللبناني والتزامات لبنان بموجب القانون الدولي بصفته دولة موقعة على اتفاقية مناهضة التعذيب"، مؤكدة أنه "بموجب قانون مناهضة التعذيب اللبناني، فإن سلطة الملاحقة والتحقيق والمحاكمة تُمنح حصرياً للمحاكم المدنية العادية، وينطبق حظر التعذيب بغض النظر عن طبيعة الجريمة المزعومة".
القضاء اللبناني فشل في مكافحة التعذيب
وذكرت آية مجذوب أن "الطبيعة الغريبة للمحاكمة وحقيقة عقد جلسة واحدة فقط فعلياً تثير مزيدا من الشكوك حول هذا الحكم"، مؤكدة أن "يجب على النائب العام التمييزي أن يأمر فوراً بإعادة محاكمة هذه القضية أمام محكمة جزائية عادية، بما يتماشى مع القانون اللبناني والدولي".
وأشارت إلى أن "الفشل المستمر للقضاء في تنفيذ قانون مكافحة التعذيب يحرم الضحايا من الوصول إلى العدالة ويمنع آخرين من التقدم بشكاوى ضده"، لافتة إلى أنه "لا ينبغي أن تمر وفاة بشار عبد السعود دون عقاب، ويتعين على السلطات ضمان تحقيق العدالة والإشارة إلى نهاية التعذيب في مراكز الاحتجاز اللبنانية".
وطالبت العفو الدولية السلطات اللبنانية بتخصيص ميزانية كافية للهيئة الوطنية لحقوق الإنسان، التي تضم آلية الوقاية الوطنية من التعذيب، حتى تتمكن من زيارة جميع أماكن الاحتجاز وتوثيق انتهاكات حقوق الإنسان.
يشار إلى أن منظمة العفو الدولية أصدرت، في آذار 2021، تقريراً وثقت انتهاكات ضد 26 لاجئاً سورياً، بينهم أربعة أطفال، محتجزين بتهم تتعلق بالإرهاب، يتعرضون لانتهاكات منها المحاكمة غير العادلة والتعذيب وغيره من ضروب سوء المعاملة، والتي تشمل الضرب بالعصي المعدنية والكابلات الكهربائية والأنابيب البلاستيكية.
وأكد تقرير "أمنستي" أن السلطات اللبنانية "فشلت في التحقيق في مزاعم التعذيب وغيره من ضروب سوء المعاملة، حتى عندما أخبر المحتجزون أو محاموهم القاضي في المحكمة أنهم تعرضوا للتعذيب".