كشف أطباء أميركيون كانوا في غزة، عن مدى سوء الأوضاع الطبية والإنسانية في القطاع نتيجة للعدوان الإسرائيلي المستمر، والتدفق المستمر للأطفال المصابين بجروح خطيرة من جراء تعرضهم لشظايا الذخائر الحربية.
ونقل تقرير لصحيفة "الواشنطن بوست" الأميركية شهادات مروعة لأطباء عملوا لأسبوعين في غزة ضمن مهمة تطوعية مع الجمعية الطبية الفلسطينية الأميركية (مقرها فيرجينيا)، عن التدفق المستمر من الأطفال المصابين بالشظايا.
الطبيب آدم الحموي، البالغ من العمر 53 عاماً والجندي السابق في الجيش الأميركي، كان مع زملائه المتطوعين في المستشفى الأوروبي في خان يونس بقطاع غزة، يقول: "فكر في الإصابات التي تراها في الحرب، والدماء في كل مكان، والشظايا التي من المفترض أن تقتل الجنود وأفراد الجيش وتدمر الدبابات والمخابئ... الآن فكّر أن كل ذلك يمر عبر جسد طفل".
وقف الأسلحة الأميركية
وطالب الحموي مع أفراد طاقم المنظمة الأميركية الذين أمضوا أسبوعين كأطباء متطوعين في المستشفى المذكور، بوقف إطلاق نار عاجل، كما طالبوا الحكومة الأميركية "بوقف مبيعات الأسلحة لإسرائيل واستخدام نفوذها لجعل إسرائيل تعيد فتح معبر رفح الحيوي".
وأوضح تقرير الصحيفة أن الضربات الجوية الإسرائيلية هزت جدران المستشفى الذي يعمل فيه الحموي وفريقه، وظهرت أصوات إحدى الغارات خلال حديث الطبيب مع الصحيفة يوم الخميس الفائت. كما نفدت الإمدادات الطبية وتدمرت منازل الأطباء والعاملين في المستشفى، ما تسبب في تراجع عددهم بشكل كبير، حيث يضطرون مثل بقية السكان إلى الإخلاء أو نقل عائلاتهم إلى مكان آمن.
ولفت الحموي إلى أن أحد طلاب الطب الذين يعملون بمستشفى غزة الأوروبي، جاء مرّة بذخيرة لم تنفجر، وكان عليها عبارة: "صنع في الولايات المتحدة الأميركية - شركة لوكهيد مارتن".
وأردف: "هناك أطفال في كل مكان في غزة، ولذلك أي قصف يمكن أن يكون الأطفال من بين ضحاياه"، مشيراً إلى أن من بين المصابين في المستشفى فتاة عمرها عام واحد مصابة بحروق بنسبة 40 بالمئة من جسدها، في حين أصيب شقيقها (3 سنوات) بحروق في ذراعيه وساقيه وصدره، كما يتلقى شقيقان مصابان آخران العلاج من جروح أقل خطورة في مستشفى ميداني قريب.
كما تحدث الحموي عن رؤيته "فتاة عمرها خمس أو ست سنوات فقدت ذراعها، وأخرى عمرها 4 سنوات دخلت غرفة الطوارئ ولم تنج".
"خان يونس اختفت بالكامل"
أما محمود صبحة، فقد عمل في مستشفى الأقصى وسط غزة ضمن مهمة طبية مدتها 10 أيام في نيسان الماضي. وقالت زوجته سامية مشتاق لواشنطن بوست، إنه كان محطماً نفسياً وبكى بعد إخلائه يوم الجمعة الفائت.
وأوضحت مشتاق أنها التقت به في القدس خارج المسجد الأقصى "كان يبكي ويقول: رأيت خان يونس وقد اختفت بالكامل. كل المباني مدمرة".
وأكدت الصحيفة أن العاملين الطبيين قبل عملية الإخلاء، اعترفوا بالخوف الذي شاركهم فيه نظراؤهم في غزة، من أن المستشفى سيكون "هدفاً" بعد مغادرة الأطباء الأجانب.
وأول أمس الجمعة أكد متحدث باسم الخارجية الأميركية، أن بعض الأطباء الأميركيين الذين كانوا عالقين في غزة غادروا بأمان ووصلوا إلى بر الأمان بمساعدة السفارة لدى الاحتلال الإسرائيلي.