أعرب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، اليوم السبت، عن ثقته بإمكانية رفع حجم التبادل التجاري مع قارة أفريقيا إلى 50 مليار دولار عبر الجهود المشتركة، وذلك خلال القمة الأفريقية المنعقدة في تركيا.
وأضاف أردوغان في كلمته التي نقلتها وكالة "الأناضول" أن تركيا "لم تدر ظهرها لأفريقيا وشعوب القارة ألبتة"، موضحاً أنه بسبب الجهود المشتركة وصلت العلاقات التركية الأفريقية إلى مستويات لم يكن من الممكن تصورها قبل 16 عاماً، إذ تجاوز حجم التبادل التجاري بين تركيا والقارة الأفريقية 25.3 مليار دولار خلال العام الفائت.
وعبر عن ثقته بارتقاء حجم التبادل التجاري إلى 50 مليار دولار وإلى 75 مليار دولار عبر الجهود المشتركة، مشيراً إلى أنهم يتابعون عن كثب اتفاقية منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية التي دخلت حيز التنفيذ في الأول من كانون الثاني الفائت.
ولفت إلى أنهم يخططون لإرسال 15 مليون جرعة من لقاح كورونا إلى أفريقيا في الفترة المقبلة، عندما يصبح لقاح "توركوفاك" جاهزاً، وذلك لـ "غياب العدالة عالمياً في الوصول إلى لقاحات كورونا والإجحاف الحاصل بحق أفريقيا في الحصول عليه".
وبيّن "أردوغان" أنه يؤمن بضرورة تظافر الجهود من أجل تمثيل أفريقيا بالشكل الذي تستحقه في مجلس الأمن الدولي، موضحاً أن "النضال الذي نخوضه تحت شعار (العالم أكبر من خمسة) ليس من أجلنا فحسب، بل لصالح إخواننا الأفارقة أيضاً".
وقالت سفيرة ساحل العاج في أنقرة خديجات توري اليوم، إن علاقات بلادها مع تركيا في مستوى "جيد جداً، وإنها تأمل في رؤية المزيد من الاستثمارات التركية على أراضي ساحل العاج".
ووقع وزير التعليم التركي محمود أوزر مع نظيره الليبي موسى المقريف، أمس الجمعة، اتفاقية تعاون مشترك بين البلدين في مجال التعليم، كما تم توقيع اتفاقية تعاون في مجال التعليم بين تركيا وموريتانيا.
وقالت المديرة العامة للشؤون الأفريقية في وزارة الخارجية التركية، السفيرة نور ساغمان، إنها تؤمن بإمكانيات وقدرات القارة الأفريقية، مضيفةً أنها تستحق أن تكون في مرتبة أفضل، لافتةً إلى أهمية التفاعل الثقافي بين الشعوب كوسيلة للتقارب بينها.
القمة التركية – الأفريقية فرصة لزيادة الاتفاقيات الثنائية
من جانبه ذكر الخبير الاقتصادي المختص في شؤون دول القرن الأفريقي الدكتور أليكسي إليونن من جامعة الولايات المتحدة الدولية "بكينيا" أن تركيا عززت وجودها الاقتصادي في قارة أفريقيا منذ مطلع الألفية الثالثة وقدمت إسهامات مهمة في قطاع الصناعة بالقارة.
وأفاد عضو هيئة التدريس بجامعة أحمدو بِلو في نيجيريا الدكتور شعيب شيهو عليو إن القمة التركية - الأفريقية خطوة مهمة في سبيل تأسيس علاقات في إطار الأخوة والمساواة والاحترام المتبادل بعكس الدول الغربية التي تقوم سياساتها على استغلال الموارد.
وأضاف أن القمة تعد أهم منصة لتأسيس علاقات مثمرة بين تركيا والدول الأفريقية، بالإضافة إلى أهميتها من أجل تعزيز التعاون القائم وزيادة الاتفاقات الثنائية والاستثمارات.
اجتماعات مغلقة
وعُقدت عدة لقاءات مغلقة منفصلة، أمس الجمعة، في مكتب الرئاسة بقصر دولمة بهتشة بمدينة إسطنبول بين أردوغان ونظرائه من جمهورية أفريقيا الوسطى فوستان أرشانج تواديرا، والموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني، والرواندي بول كاغامي، والجيبوتي إسماعيل عمر جيله.
وأجرى وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو، اليوم، أيضاً سلسلة لقاءات مع نظرائه الأفارقة في مدينة إسطنبول على هامش القمة، حيث التقى بنظرائه من تونس والجزائر وليبيريا وغينيا الاستوائية، فضلًا عن وزير التجارة والصناعة في زيمبابوي.
أجندة 2063
وقالت وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش إن تركيا شريك استراتيجي للاتحاد الأفريقي في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والتجارية، وإن العلاقات بين الاتحاد الأفريقي وتركيا "تمتد لسنوات طويلة من خلال حركة التجارة البينية، كما أن العلاقات الثقافية والاجتماعية وطيدة بين الجانبين وصلت أوجها عام 2008 عندما قرر الاتحاد الأفريقي اعتماد تركيا شريكاً استراتيجياً".
واعتبرت "المنقوش" أن "الشراكة الأفريقية التركية وكذلك الشراكات الأخرى تساعد في خلق بيئة ملائمة للاستثمار وتحقيق التنمية المستدامة التي تطمح الشعوب الأفريقية إلى تحقيقها من خلال تنفيذ أجندة 2063".
وتعد "أجندة 2063" بمنزلة رؤية وخريطة طريق للقارة السمراء لتسلسل الخطط القطاعية والمعيارية والوطنية والإقليمية والقارية المتماسكة، بحسب تقرير مفوضية الاتحاد الأفريقي.
وتهدف الأجندة إلى أن يسود أفريقيا الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان والعدالة وسيادة القانون، وجعل القارة تنعم بالسلم والأمن، على أن تكون دول القارة ذات هوية ثقافية قوية وتراث وقيم وأخلاقيات مشتركة.
بدوره دعا وزير الشؤون الخارجية التونسي عثمان الجرندي إلى تعزيز الشراكة الأفريقية التركية، لمواجهة التحديات الاقتصادية والتغيرات المناخية، مشدداً على أهمية توظيف الإطار الاستراتيجي للتعاون الأفريقي - التركي، في تحقيق التنمية الاقتصادية والبشرية المستدامة، لا سيما في مرحلة ما بعد وباء كورونا.
وأضاف أن استدامة وتطور الشراكة الأفريقية التركية يعتمد على إيجاد استجابات دائمة للتحديات المشتركة، بما يجعل الفضاء الأفريقي التركي نموذجاً للاستقرار والتكامل والتعاون والتكافؤ.
وتستضيف إسطنبول القمة الثالثة للشراكة التركية ـ الأفريقية بين الـ 16 والـ 18 من كانون الأول الجاري، ويشارك فيها 16 رئيس دولة وحكومة و102 وزير افريقي بينهم 26 وزيراً للخارجية.