أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ونظيره الروسي فلاديمير بوتين عن اتفاق لوقف إطلاق النار في إدلب بدءاً من منتصف ليلة الخميس – الجمعة، مشيراً إلى وجود خلافات في عدد من الملفات مع روسيا فيما يتعلق بسوريا، في حين تلا وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو مع نظيره الروسي سيرغي لافروف نص الاتفاق الذي يشمل الطريق الدولي حلب – اللاذقية.
وفي مؤتمر صحفي عقده مشترك مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين في موسكو إثر قمة بين الزعيمين حول إدلب، قال أردوغان "النظام السوري بعدوانيته واستهدافه الاستقرار الإقليمي هو المسؤول الأول عن التطورات التي أدت إلى تعطيل اتفاقية إدلب"، مؤكداً على أن بلاده "ستحتفظ بحق الرد بكامل قوتها حال قيام النظام بشن أية هجمات".
وأوضح أردوغان أن هدف نظام الأسد الرئيسي هو تفريغ إدلب من شريحة من السكان ووضع تركيا في موقف محرج عبر تهجير المدنيين، وأضاف "إن الحاجة إلى خلق حالة جديدة باتت أمراً لا مفر منه إثر الأحداث المحزنة التي تسبب فيها هجوم النظام على جنودنا في إدلب".
وأكد أن تركيا عازمة على مواصلة مبادراتها بالمنطقة بما فيها اتفاقية سوتشي حتى حل الأزمة السورية على أساس وحدة تراب سوريا.
وأضاف "سنحقق وقف إطلاق النار في إدلب في أقصر وقت ممكن ومن ثم سنتخذ سوياً مع روسيا خطوات سريعة أخرى في هذا الشأن".
وأعرب أردوغان عن رغبة بلاده في "مواصلة تعميق علاقات التعاون مع روسيا التي تشمل العملية السياسية حول سوريا والأوضاع شرق الفرات".
ولفت أردوغان إلى أن التطورات الأخيرة في إدلب دعت إلى أن يراجع مع بوتين الموقف مرة أخرى في إدلب وتناول معه الملف من جميع أطرافه، وتابع "استمر اللقاء لمدة 6 ساعات وكان هناك مواضيع تبادلنا فيها الآراء ومواضيع أخرى اختلفنا فيها، خلال هذه الفترة كان هناك تواصل ورغبتنا في استمرار هذه العلاقات في أفضل شكل". ودعا أردوغان نظيره بوتين لزيارة تركيا وترأس "المجلس الأعلى للعلاقات" بين البلدين.
وحمّل أردوغان نظام الأسد مسؤولية خرق اتفاق خفض التصعيد الذي كان يهدف لتأمين الأمن والاستقرار في إدلب والمنطقة.
وأضاف "يعيش في إدلب 4 ملايين مدني ولا يمكن وصفهم بالإرهابيين ولا يمكن أن نقبل بهذا التعامل مع المدنيين الهاربين من ظلم النظام والذين ينزحون نحو الحدود التركية ووصل عددهم على الحدود مليون ونصف وهدف النظام حشر تركيا في الزاوية والضغط عليها لكن تركيا لن تقف متفرجة".
وأكد أردوغان عزم بلاده على "ترجمة المواقف على أرض الواقع وأن يتم وقف إطلاق نار ورسم خريطة طريق للسير وفقها"
وتعقيباً على تصريحات بوتين التي سبقت كلمة أردوغان في المؤتمر بضرورة العودة إلى تفعيل مسار أستانا للحل السياسي في سوريا؛ قال أردوغان "نعتبر أن مسار جنيف يجب أن يؤخذ في عين الاعتبار في المرحلة المقبلة وأتمنى أن يرجع هذا الاتفاق اليوم بالخير على الشعب السوري".
تصريحات بوتين
ومن جهته بدأ بوتين كلمته باتهام الفصائل العسكرية التي وصفها بـ "الإرهابيين"، بأنها كثّفت هجماتها وأنشطتها منذ بداية العام الحالي "بشكل حاد".
وقال "المسلحون قصفوا بشكل دوري مواقع القوات الحكومية السورية والمدن والبلدات المسالمة، تزامناً مع استمرار هجمات المتطرفين على قاعدة حميميم الجوية الروسية التي تعرضت لـ 15 اعتداء منذ بداية العام الجاري".
وادّعى بوتين بأن "تصرفات المسلحين أدت إلى استئناف الأعمال القتالية، ما تسبب في مقتل عسكريين أتراك"، وأضاف "أعربت من جديد في هذا السياق عن التعازي للرئيس أردوغان وذوي القتلى وكل الشعب التركي".
وأضاف "لسنا دائما متفقين مع شركائنا الأتراك في تقديراتنا للأحداث الحاصلة في سوريا، لكننا ننجح كل مرة في اللحظات الحيوية، اعتمادا على المستوى العالي في العلاقات الثنائية بيننا، في إيجاد نقاط مشتركة حول القضايا الخلافية، وفي التوصل إلى قرارات مقبولة، وهذا ما حصل هذه المرة أيضاً".
وأوضح بوتين "أكدنا اليوم مصلحة بلدينا في مواصلة العمل المشترك في إطار منصة أستانا، لأن هذه العملية بالضبط أعطت العمل المشترك في وقته دفعة جدية في سياق التسوية السورية.. ننطلق من ضرورة الالتزام بمبدأ احترام سيادة سوريا ووحدة أراضيها، ونحن مقتنعون كذلك بضرورة منع إضعاف مكافحة الإرهاب الدولي".
وتابع "نتيجة لهذه المحادثات نسقنا وثيقة مشتركة تتضمن القرارات التي توصلنا إليها مع الرئيس التركي، وتمكنا من إيجادها خلال مشاورات اليوم التي استمرت 6 ساعات. آمل في أن تصبح هذه الاتفاقات أساساً جيداً لوقف الأعمال القتالية في منطقة إدلب لخفض التصعيد وإنهاء معاناة السكان المدنيين وتفاقم الأزمة الإنسانية، وخلق ظروف لاستمرار عملية السلام في الجمهورية العربية السورية بين كل الأطراف المتناحرة".
توضيحات من وزراء خارجية البلدين
أعلن وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، بعد كلمتي أردوغان وبوتين، إيقاف كافة الأنشطة العسكرية على طول خط التماس بمنطقة خفض الصعيد في إدلب اعتبارا من منتصف ليل الخميس الجمعة، وإنشاء ممر آمن شمال وجنوب الطريق الدولي حلب – اللاذقية M4.
جاء ذلك في بيان ختامي مشترك تلاه مع نظيره الروسي سيرغي لافروف عقب انتهاء اجتماع الرئيسين التركي رجب طيب أردوغان ونظيره الروسي فلاديمير بوتين على مستوى الوفود بالعاصمة موسكو.
وحسب البيان، تعتبر تركيا وروسيا ضامنتين لوقف إطلاق النار في إدلب؛ حيث جدد الطرفان التزاماتهما تجاه سيادة واستقلال ووحدة الأراضي السورية بموجب اتفاقي أستانة وسوتشي.
كما جدد الطرفان "إصرارهما على مكافحة الإرهاب بكافة أشكاله، وخاصة التنظيمات المُدرجة في لوائح مجلس الأمن الدولي للإرهاب، مؤكدين على رفضهما القاطع لاستهداف المدنيين والبنى التحتية في سوريا".
وأكد الجانبان أن الحل العسكري لن يساهم في إنهاء الصراع بسوريا، وأن "الحل الوحيد يتمثل في حل سياسي بقيادة ورعاية السوريين وحدهم، وبشكل يتوافق مع قرار مجلس الأمن رقم 2254".
وشدد البيان المشترك على ضرورة الحد من تفاقم الأزمة الإنسانية بمنطقة إدلب، وحماية المدنيين هناك، وتقديم المساعدات الإنسانية للمحتاجين منهم دون شروط مسبقة، والحد من إجبار المدنيين على النزوح، وتسهيل عودة النازحين إلى أماكن إقامتهم الأصلية.
وأضاف أن الجانبين اتفقا على "وقف كافة الأنشطة العسكرية على طول خط التماس بمنطقة خفض الصعيد في إدلب اعتبارا من منتصف ليل الخميس الجمعة".
وأردف أنه سيتم، كذلك، إنشاء ممر آمن على عمق 6 كم شمالي الطريق الدولي حلب – اللاذقية M4، و6 كم جنوبه وسيتم تحديد التفاصيل في غضون 7 أيام.
وأشار إلى أن دوريات تركية وروسية ستنطلق في 15 مارس/آذار الجاري على امتداد الطريق الدولي حلب – اللاذقية M4 بين منطقتي ترنبة غربي مدينة سراقب وعين الحور بريف اللاذقية الشمالي.