شنّت الفصائل العسكرية يوم الإثنين الفائت هجومها الرابع على بلدة النيرب خلال الشهر الجاري وتمكّنت هذه المرة من السيطرة على البلدة الاستراتيجية والتقدم في محيطها، إلا أن قوات النظام التي فشلت في استعادة سيطرتها على النيرب أطلقت معركة السيطرة على جبلي الزاوية وشحشبو جنوبي إدلب، وسيطرت ليل أمس على مدينة كفرنبل و5 قرى أخرى في المنطقة.
وبعد فشل 3 محاولات للفصائل العسكرية خلال الشهر الجاري، للسيطرة على بلدة النيرب الواقعة على الطريق الدولي حلب – اللاذقية، بسبب تحصّن مجموعات لقوات النظام والميليشيات الإيرانية في مواقع حاكمة للبلدة، أحكمت الفصائل سيطرتها على النيرب وأكلمت تقدمها وسيطرت على تلين إستراتيجيين هما معارة عليا وسان، بالإضافة إلى شركة الكهرباء شرقي النيرب.
وأفاد مراسل تلفزيون سوريا الذي كان حاضراً في محيط بلدة النيرب يوم الإثنين الفائت، بأن القادة العسكريين من الفصائل الموجودين في غرفة العمليات أشادوا بالمدفعية التركية التي حققت إصابات دقيقة للغاية، وهذا ما أظهره التسجيل المصور الذي نشرته الجبهة الوطنية للتحرير يوم أمس للمعركة قبل الأخيرة على النيرب.
وبخسارة النظام لبلدة النيرب، يكون قد خسر سيطرته على المنطقة الوحيدة الواقعة على الطريق الدولي حلب – اللاذقية، وباتت الفصائل اليوم على أعتاب بلدتي الترنبة وجوباس الواقعتين غربي مدينة سراقب، والمطلتين على الطريق الدولي حلب – دمشق.
ونقل المراسل عن قادة العمليات من الفصائل العسكرية، بأن الهجمات الـ 3 التي لم تكلل بالنجاح على النيرب هذا الشهر، أظهرت أن النظام وضع نخبة مقاتليه في هذا المحور، وعزز قواته بأكثر من 20 دبابة وعربة ناقلة للجند ووضع قواعد م/د في المناطق المرتفعة لإحباط أي هجوم على النيرب ومحيط مدينة سراقب، وعلى هذا الأساس جدّدت الفصائل هجومها بغطاء مدفعي تركي يوم الإثنين الفائت وسيطرت على النيرب بهدف "تحطيم رأس حربة النظام".
خسائر فادحة للنظام في النيرب خلال شهر شباط (إحصائية)
وأكد مصدر عسكري لموقع تلفزيون سوريا أن الهجمات الـ 4 على النيرب أوقعت ما لا يقل عن 300 عنصر قتيل في صفوف قوات النظام والميليشيات الإيرانية وأكثر من 400 جريح، جراء الاشتباكات المباشرة والقصف المدفعي والصاروخي من الفصائل والجيش التركي، ودمّرت الفصائل العسكرية في هذه الهجمات 16 دبابة لقوات النظام باستخدام صواريخ الـ م/د والمدفعية الثقيلة، بالإضافة إلى قاعدتي إطلاق صواريخ مضادة للدبابات و4 مدافع من عيار 130 مم و3 عربات ناقلة للجند BMP، وأعطبت الفصائل 4 دبابات وعربتي BMP.
واستولت الفصائل العسكرية في هجماتها على بلدة النيرب على دبابتين و3 عربات ناقلة للجند BMP وقاعدتين م/د وعربة شيلكا وكثير من الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والذخائر المتنوعة.
وتعتبر هذه الخسارات التي منيت بها قوات النظام في جبهة واحدة كالنيرب، كبيرة جداً ولا تقارن بخسائر الفصائل العسكرية بالأرواح والعتاد، حيث لم تتجاوز أعداد القتلى من الفصائل العسكرية الـ 30 مقاتلاً بحسب ما نُشر من نعوات لهم على مواقع التواصل الاجتماعي، في حين تسببت الغارات الروسية المكثفة بتدمير 5 آليات عسكرية للفصائل فقط.
أهمية السيطرة على بلدة النيرب
ويبدو أن غرفة عمليات معركة النيرب، تهدف إلى "تحطيم رأس حربة النظام" بحسب وصف قيادي عسكري لموقع تلفزيون سوريا، بالإضافة إلى التموضع في مواقع إستراتيجية تمهّد لأية أعمال عسكرية قادمة، وهو أمر مرجّح خلال فترة قريبة بالنظر إلى الحشود العسكرية للجيش التركي والفصائل في محاور مدينة سراقب.
وبسيطرة الفصائل على بلدة النيرب وتأمين محيطها، تلاشت آمال قوات النظام وروسيا بالوصول إلى مدينة أريحا الواقعة في منتصف الطريق الدولي حلب – اللاذقية M4، وذلك عبر التقدم من محور النيرب باتجاه المدينة المطلة على مناطق واسعة من جبلي الزاوية والأربعين ومدينة إدلب مركز المحافظة.
وحاولت الفصائل العسكرية بأن يأتي هجوم النيرب يوم الإثنين الفائت، كضربة استباقية بعدما رصدت تعزيزات كبيرة لقوات النظام وميليشياته الإيرانية والروسية، وبدء حديث إعلام النظام عن اقتراب معركة السيطرة على جبل الزاوية جنوبي إدلب.
النظام يبدأ معركة السيطرة على جبل الزاوية
وبدأت الطائرات الحربية الروسية والتابعة لقوات النظام بالإضافة إلى المروحيات وراجمات الغراد والمدفعية الثقيلة تمهيداً مكثفاً على كامل قرى وبلدات جبل الزاوية يوم الأحد الفائت، وسيطرت يوم الإثنين على بلدتي الشيخ دامس وكفرسجنة الواقعتين شمالي مدينة خان شيخون بمسافة 10 كم.
وأدى الهجوم على النيرب ومن ثم تلي معارة عليا وسان وشركة الكهرباء، إلى توقف تقدّم النظام نحو مدينة كفرنبل والبلدات المحيطة بها، ويبدو أن الفصائل عوّلت كثيراً على أن يؤدي هجوم النيرب وفرض مكان وزمان المعركة، بإيقاف تقدم النظام على جبل الزاوية.
يوم أمس الثلاثاء وبنفس وتيرة القصف الجوي والمدفعي المكثف، جدّدت قوات النظام هجومها على جبل الزاوية من محورين، الأول من كفر سجنة باتجاه مدينة كفرنبل، حيث سيطرت قوات النظام على بلدتي معرزيتا وجبالا ومن ثم بلدتي بسقلا وحاس المتاخمتين للمدينة ومن ثم سيطرت الليلة الفائتة على مدينة كفرنبل، وتوسعت سيطرة قوات النظام غرباً وصولاً إلى بلدة حزارين، حيث توقف تقدم هذا المحور بعد أن أحبطت الفصائل هجوم النظام على بلدة الفطيرة.
أم المحور الثاني فقد انطلق من خربة عابدين والقاروطية الواقعتين في بداية جبل شحشبو جنوباً، وسيطرت قوات النظام في هذا المحور على قرى حسانة وترملا وكرسعا والفقيع والويبدة.
ويبدو بحسب خريطة السيطرة، أن هدف النظام القادم هو الوصول إلى كفرعويد والعنكاوي، وإجبار الفصائل على الانسحاب من القرى المحيطة بنقطة المراقبة التركية في شيرمغار وبالتالي السيطرة على قسم كبير من جبل شحشبو، وبذلك تكون قوات النظام قد أصبحت على سوية واحدة غربي مدينة معرة النعمان وتكشف مناطق واسعة من سهل الغاب، ما يكمنها لاحقاً من فتح محاور جديدة من جبهات جورين باتجاه الزيارة وزيزون الواقعتين جنوبي الطريق M4 بمسافة 4 كم فقط.
هل سيتجاوز النظام خط النقاط التركية المنتشرة من دارة عزة حتى شيرمغار؟
في حال تقدمت قوات النظام أكثر وسيطرت على القسم الجنوبي من جبل شحشبو، فإنها باتت على مشارف نقاط المراقبة التركية التي وضعها الجيش التركي مؤخراً في جبل الزاوية، وهي نقاط كنصفرة والبارة وبسامس، بالإضافة إلى وجود نقطة المراقبة التركية شرمغار شمال غرب حماة.
ومع اقتراب نهاية المهلة التي حددها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لانسحاب قوات النظام إلى حدود اتفاق سوتشي أيلول 2018، فمن المتوقع أن تسارع قوات النظام للتقدم أكثر في هذه المحاور، خاصة بعد أن فشلت توقعات الفصائل بأن تجر معركة النيرب قوات النظام وتنقذ بذلك جبل الزاوية ذي التضاريس الأكثر وعورة في شمال غرب سوريا، ومن هنا تأتي خسارة الفصائل لهذه المنطقة التي تعد الأفضل لمقاومة تقدم النظام نحو الطريق الدولي M4 بعد أن أتمت قبل أسبوعين سيطرتها على الطريق الآخر M5.
وربما في حال أكملت الفصائل العسكرية هجومها في محيط سراقب عبر فتح محور جديد من بلدة آفس شمال المدينة، وإكمال التقدم من النيرب باتجاه داديخ، فتكون بذلك الفصائل قد حاصرت مدينة سراقب، ما سيجبر النظام على الانحساب منها، وبدء معركة كبيرة جديدة قد تجبر النظام هذه المرة على سحب كل قواته المهاجمة في جبل الزاوية لإيقاف التقدم في سراقب.
وفي حال كانت أنقرة جدية في شن هجوم ضد قوات النظام، فمن المتوقع أن يكون واسعاً وعلى أكثر من محور، وبذلك لن تتمكن قوات النظام خلال الأيام الـ 3 القادمة حتى نهاية الشهر الجاري، من تحصين مواقعها بشكل كافٍ في المناطق التي سيطرت عليها في جبل الزاوية، ما يترك أملاً للفصائل باستعادة السيطرة على ما خسرته في وقت قياسي.