استهدفت طائرة أميركية بدون طيار من طراز MQ-9 Reaper سيارة ظهر يوم أمس الأحد في الحي الغربي من مدينة إدلب وبالقرب من مدرسة عبدالكريم اللاذقاني، ما تسبب بمقتل قيادي من تنظيم حرّاس الدين المرتبط بالقاعدة، دون تأكيد قطعي حول مقتل قيادي آخر هو خالد العاروري الملقلب بـ قسام الأردني. ما يعيد إلى الأذهان سلسة عملية الاغتيال الأميركية بحق قيادات التنظيم منذ الإعلان عن تشكيله في شباط 2018، والتي جاء توقيتها في ظروف شهدت فيها التنظيمات الجهادية في إدلب إما حالات اندماج او حالات انشقاق عن الفصيل الأكبر هيئة تحرير الشام.
وأفاد مراسل تلفزيون سوريا بمقتل بلال الصنعاني أحد قياديي حراس الدين في الغارة يوم أمس، وهو سوري الجنسية ينحدر من محافظة دير الزور وسبق أن انضم للحراس معلناً انشقاقه عن هيئة تحرير الشام، في حين نشرت حسابات مرتبطة بالتنظيم نعوات لخالد العاروري الأردني الجنسية، دون إعلان رسمي من التنظيم حتى الآن.
القائد #بلال_الصنعاني -تقبله الله- pic.twitter.com/Az8BjaxEtH
— أسد (@mmmmo1234r) June 14, 2020
#شاهد
— سعد الدين زيدان (@Saadalzydan) June 14, 2020
رصد طائرة مسيرة تتبع للتحالف الدولي بعد استهدافها سيارة نوع سنتفيه في مدينة #إدلب ما أدى لمقتل شخص وإصابة آخر..
رابط يوتيوب ...https://t.co/r8FAILRmP2 pic.twitter.com/FyCl8l5j0u
ونشر كل من "أبو اليقظان المصري" الشرعي السابق في هيئة تحرير الشام، و"أبو الفتح الفرغلي" عضو مجلس شورى تحرير الشام، نعوات تؤكد مقتل الصنعاني والعاروري.
العاروري الرجل الثاني في التنظيم.. من الأردن إلى أفغانستان ثم سجون إيران حتى سوريا
وأوضح الباحث في الشأن السوري أحمد أبازيد، أن خالد العاروري اتخذ عدة ألقاب أشهرها قسام الأردني أو أبو القسام، وكان في مرحلة العراق معروفاً بـ أبو القاسم الأردني، هو من أهم الشخصيات الجهادية المتبقية في إدلب من شبكة القاعدة، نظراً إلى مسيرته في التنظيمات الجهادية منذ اعتقاله في الأردن ثم انضمامه إلى تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين مع صديقه أحمد نزال الخلايلة (أبو مصعب الزرقاوي) ثم اعتقاله والإفراج عنه من إيران عام 2015 في صفقة مع تنظيم القاعدة.
وفي بداية التسعينيات التقى العاروري بالزرقاوي، في أحد مساجد الزرقاء التي ينحدر منها، واشتركا في تأسيس تنظيم "جماعة التوحيد" ثم ألقي القبض عليهما في آذار 1994، لتتطور العلاقة بين الرجلين في السجون الأردنية، ليفرج عنهما لاحقاً بعفو ملكي عام 1999، وغادر الرجلان إلى أفغانستان وتحديداً عند الحدود الإيرانية في معسكر هيرات الذي أسسه الزرقاوي ليكون نواة تستقطب الجهاديين العرب والأجانب، ليُعتقل العاروري من قبل الحرس الثوري الإيراني، ويُفرج عنه لاحقاً ضمن صفقة أمنية بين تنظيم القاعدة وإيران، مقابل الإفراج عن دبلوماسي إيراني كان أسيراً لدى تنظيم القاعدة في اليمن.
وأضاف أبازيد في حديث مع موقع تلفزيون سوريا بأن العاروري انتقل إلى سوريا وانخرط مع جبهة النصرة لكنه انشق عنها مع تيار القاعدة الذي رفض تحولات الجولاني نحو إثبات الاعتدال وتخليه عن "المبادئ الجهادية"، بعد فك الارتباط مع القاعدة وإعلان تشكيل جبهة فتح الشام بدايات 2017.
وأسس العاروري لاحقاً تنظيم حراس الدين الذي أصبح الفرع الرسمي لتنظيم القاعدة في سوريا وكان القائد العسكري للتنظيم الذي دخل في خلافات وصراعات مع هيئة تحرير الشام التي تمكنت من الهيمنة على المشهد في إدلب وضبط الجهاديين داخل "خطوطها الحمراء" لتستعملهم كورقة تفاوضية لكسب الشرعية أمام الدول وإثبات قدرتها على ضبط الحالة الجهادية ولجم المقاتلين الأجانب.
ومن غير المؤكد ما ذهب إليه بعض المتابعين للجماعات الجهادية في الشرق الأوسط، ما إذا كان العاروري مع سمير حجازي الملقب بـ"أبو همام الشامي" (القائد العام لحراس الدين)، عضوَينِ في مجلس الشورى العالمي لتنظيم القاعدة المؤلف من 12 عضواً.
وأشار أبازيد إلى احتمالية واردة بقوة بأن يكون خبر مقتل خالد العاروري عبارة عن إشاعة للتضليل الأمني، وهو أسلوب استخدمته شخصيات جهادية أخرى، من بينها أبو همام الشامي زعيم تنظيم حراس الدين نفسه، وكذلك أبو مسلم الشامي القائد العسكري لهيئة تحرير الشام.
التأسيس والعلاقة المتذبذبة بين حراس الدين وهيئة تحرير الشام
أصدرت مؤسسة السحاب الذراع الإعلامي لتنظيم القاعدة، في التاسع من كانون الثاني 2018 بياناً بعنوان "وكان حقاً علينا نصر المؤمنين"، وجّهت فيه رسالة لعناصرها في "بلاد الشام". ونقل البيان على لسان الظواهري قوله "أطلب من إخواني جنود قاعدة الجهاد في الشام أن يتعاونوا مع كل المجاهدين الصادقين، وأن يسعوا في جمع الشمل ورأب الصدع"، ما اعتبر حينها إعلاناً رسمياً عن وجود تنظيم في سوريا يتبع للقاعدة، وذلك بعد إعلان الجولاني زعيم جبهة النصرة حينها، فك ارتباطه بالقاعدة في كانون الثاني عام 2017.
وفي حين لم يتطرق تنظيم القاعدة في بيانه حينها، إلى اسم الكيان الجديد التابع له في سوريا، تم الإعلان رسمياً عن تأسيس تنظيم حراس الدين في 27 شباط/فبراير 2018، والذي وصف نفسه على معرفاته الرسمية بأنه "تنظيم إسلامي من رحم الثورة السورية المباركة تسعى لنصرة المظلومين وبسط العدل بين المسلمين، والإسلام هو مصدر التشريع".
وكان البيان التأسيسي لـ حراس الدين قد حث "الفصائل المتناحرة في الشام على وقف القتال فيما بينها وإنقاذ أمّة المسلمين". حيث كانت الاشتباكات على أشدها بين هيئة تحرير الشام من جهة، وحركة نور الدين الزنكي وحركة أحرار الشام المنضويتين تحت مسمى جبهة تحرير سوريا، من جهة أخرى.
وتوالت الإنضمامات إلى صفوف حراس الدين على مدار الأشهر القليلة بعد إعلان تأسيسه، لتعلن 16 مجموعة وفصيلاً انضمامهم للتنظيم الجديد، معظمها مجموعات وكتائب وسرايا منشقة عن هيئة تحرير الشام.
تزعّم تنظيم حراس الدين، السوري سمير حجازي الملقب بـ "أبو همام الشامي"، أو فاروق الشامي كما كان يعرف في تنظيم القاعدة الذي انضم إليه أواخر تسعينيات القرن الماضي، والتحق مع "أبو مصعب السوري" لمدة عام في أحد معسكرات القاعدة في أفغانستان، وعين أميراً على منطقة المطار في قندهار، ومسؤولاً عن السوريين في أفغانستان.
ويعد الحجازي من القلائل الذين ما زالوا على قيد الحياة، ممن تعاملوا مع بن لادن وأبي مصعب السوري والزرقاوي وأبي حمزة المهاجر.
أرسلت قيادة القاعدة، الحجازي مبعوثاً إلى العراق في فترة التحضير لغزو العراق من قبل الولايات المتحدة، لكن المخابرات العراقية اعتقلته وسلمته للمخابرات السورية التي أطلقت سراحه ليعود إلى العراق، لتعتقله المخابرات السورية مجدداً عام 2005، ثم اطلقت سراحه أيضاً ليغادر إلى لبنان ومنه إلى أفغانستان مجدداً، ثم طلبت منه قيادة القاعدة العودة إلى سوريا، لكن في طريق عودته اعتقله الأمن اللبناني لخمس سنوات، وفور الإفراج عنه عام 2012 ذهب إلى سوريا والتحق بالجولاني الذي أسس جبهة النصرة حينها، ليتسلم منصب الأمير العسكري العام.
أذاعت النصرة خبر مقتل "أبو همام الشامي" في آذار من العام 2015، إلى جانب قيادات أخرى، ليتبيّن أنها إشاعة لأغراض أمنية بهدف حمياتهم.
وتولى القيادة العسكرية في حراس الدين أبو همَّام الأردني، والمكتب الشرعي الأردنيان سامي العريدي وأبو جُليبيب الأردني. كما ضم التنظيم عدداً من الشخصيات الجهادية مثل "أبو بصير البريطاني" و"أبو أنس السعودي" و"حسين الكردي" وغيرهم من المعروفين بولائهم لتنظيم القاعدة.
هجوم ما قبل الإعلان عن حراس الدين
اعتقلت هيئة تحرير الشام في تشرين الثاني من عام 2017، كلاً من سامي العريدي (الشرعي العام السابق لجبهة النصرة)، و"أبو جليبيب الأردني" (والي درعا السابق لدى جبهة النصرة)، و"أبو همام السوري" (العسكري العام السابق لجبهة النصرة) والشرعي "أبو عبد الكريم المصري"، وخالد العاروري (قسام الأردني)، إضافة لعدد من قيادات الصف الثاني والثالث من الأجانب، بعد تداول أخبار في الأوساط الجهادية في إدلب عن تشكيل تنظيم يتبع للقاعدة.
واتهمت تحرير الشام حينها في بيان المعتقلين بأنهم يسعون "لتقويض الكيان السني وزعزعته وبث الفتن والأراجيف فيه".
وفي كانون الأول 2017، أطلق الجولاني سراح المعتقلين، بعد مطالبات من شخصيات جهادية، وبيان وقّع عليه 14 شخصاً معظمهم من الشرعيين والمنظرين الجهاديين، حمّلوا فيه الجولاني المسؤولية عن سلامة المعتقلين وطالبوه بالإفراج عنهم.
تكتيكات الجولاني للاستفادة من حراس الدين
تزامن الإعلان عن تشكيل تنظيم حراس الدين مع دخول القوات التركية إلى شمال غرب سوريا وتأسيس نقاط المراقبة وفق اتفاق خفض التصعيد في أستانا، والضغوطات الروسية على تركيا للقضاء على التنظيمات الجهادية وخاصة هيئة تحرير الشام.
توقفت الاعتقالات والمضايقات من قبل الهيئة بحق قيادات وعناصر حراس الدين، واستتبت السيطرة لهيئة تحرير الشام على كامل إدلب والأرياف المحيطة بها بعد مهاجمة فصائل الجيش الحر وحركة أحرار الشام الإسلامية، في حين بقي حجم وتأثير حراس الدين على ما هو عليه دون تسجيل حالات انشقاق واضحة من الهيئة وانضمامها إلى الحراس.
ويرى كثير من مراقبي التنظيمات الجهادية في سوريا بأن الجولاني غيّر استراتيجيته بالتعامل مع حراس الدين وباقي التنظيمات، بعد اتفاق سوتشي حول إدلب في أيلول 2018، وبدأ التركيز على الإبقاء على هذه التنظيمات ضمن "خطوط حمراء" تمنعها من مهاجمة القوات التركية أو فتح معركة ضد قوات النظام، وذلك بهدف إظهار الهيئة على أنها الجهة الوحيدة لتركيا ومن ورائها روسيا لضبط المنطقة أمنياً، وأيضاً يبقى الاحتمال وارداً بان تتسلم الهيئة مهمة القضاء على هذه التنظيمات الرافضة للاتفاقات التركية الروسية، الاتفاقات التي رضخت أخيراً هيئة تحرير الشام للقبول بها والترحيب بالدور التركي، في حين يؤكد الجولاني على أن هيئته هي فصيل سوري محلي.
ومع بدء الهجوم العسكرية من قبل روسيا والنظام على ريف حماة الشمالي العام الفائت، ومن ثم إدلب وريف حلب الغربي لحين توقيع اتفاق وقف إطلاق النار في الخامس من آذار بين تركيا وروسيا، ظهر تعاون عسكري بين هيئة تحرير الشام التي لم ترم بثقلها الكامل في معارك التصدي لهجمات النظام، وتنظيم حراس الدين المنضوي تحت غرفة عمليات "وحرض المؤمنين" التي أعلن عن تشكيلها في الـ 15 من تشرين الأول عام 2018 إلى جانب "أنصار التوحيد، وجبهة أنصار الدين، وجبهة أنصار الإسلام.
ويُعرف عن مقاتلي غرفة عمليات "وحرض المؤمنين"، الفعالية العسكرية في عمليات الهجوم والتصدي، بحكم الخبراء من المقاتلين الأجانب وبحكم الضخ الأيديولوجي للعناصر، وقلة أعداد المقاتلين التي تتيح تنظيمهم وتدريبهم بشكل أفضل. وبهذا استفاد الجولاني من الغرفة عسكرياً، لتتحمل قسماً من العبء في هجوم إدلب الأخير.
وباختصار، سعى الجولاني للاستفادة من حراس الدين وباقي التنظيمات الجهادية الأخرى، عسكريا وسياسياً.
التوقيت الأميركي في سلسلة الاغتيالات ليس عبثياً
- رضوان محمود نموس (أبو فراس السوري):
كان مقتل رضوان محمود نموس (أبو فراس السوري) يوم 3 نيسان 2016، الأول من نوعه في غارة شنتها طائرة أميركية على مبنى كان يضم اجتماعاً لقياديين في جبهة النصرة بقرية كفر جالس غرب مدينة إدلب.
أبو فراس النموس المولود عام 1950 في بلدة مضايا بريف دمشق، والمُبتعث من قيادة القاعدة إلى سوريا عام 2013 لحل الخلاف بين تنظيم الدولة وجبهة النصرة حينها؛ تسلّم منصب عضو مجلس شورى في النصرة، ولاحقاً كشف الشرعي أبو شعيب المصري المنشق من هيئة تحرير الشام بأن "أبو فراس" قبل مقتله بفترة قصيرة كان ينشط بشكل سري داخل مجلس الشورى لعزل الجولاني عن القيادة.
- أسامة نمورة (أبو عمر سراقب)
ومن ثم استهدفت طائرة بدون طيار أحد مقرات غرفة عميات جيش الفتح في ريف حلب الغربي، في الثامن من أيلول عام 2016، ما أدى إلى مقتل أسامة نمورة (أبو عمر سراقب) أحد أبرز القادة العسكريين في جبهة النصرة وجيش الفتح. ولنمورة ألقاب عدة مثل "أبو هاجر الحمصي" و"أبو أحمد بنش" و"أبو خالد لبنان".
وأكد حينها المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية جيف ديفيس أن مقتل نمورة لم يكن في غارة جوية أميركية، مضيفا أنه "مهما كان الذي حدث، فإن الجيش الأميركي لم يكن ضالعا فيه".
- أحمد سلامة مبروك (أبو الفرج المصري)
وبعدها قُتل الشرعي أبو الفرج المصري (أحمد سلامة مبروك) في غارة شنتها طائرة أميركية على أطراف مدينة جسر الشغور بريف إدلب الغربي، في الثالث من تشرين الأول عام 2016.
وأكدت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) يومها استهدافها قيادياً في تنظيم القاعدة دون ذكر اسم "جبهة فتح الشام"، ليوضح لاحقاً المتحدث باسم البنتاغون بيتر كوك أن الغارة الأميركية قتلت "أبو فرج المصري"، "أحد أهم قادة تنظيم القاعدة في سوريا وإرهابي من ورثة تنظيم القاعدة وكانت له علاقات مع أسامة بن لادن"، حسب وصفه.
وظهر أبو الفرج إلى يمين الجولاني في البيان المصور الذي أعلن فيه فك الارتباط عن القاعدة، بينما رآه مراقبون تأكيداً على أن الجولاني استند في قراره على موقف شرعي يتمثل بوجود المصري إلى جانبه، واتهم المناهضون لهيئة تحرير الشام بأن اغتيال المصري يصب في مصلحة الجولاني، حيث سيتضرر مشروع هيئة تحرير الشام بوجود شخص مثل "أبو الفرج" كشخصية أساسية في تنظيم القاعدة سابقاً.
- أبو الخير المصري
وقُتل صهر الزعيم السابق لتنظيم القاعدة أسامة بن لادن، والرجل الثاني في التنظيم بعد الظواهري، "أبو الخير المصري" يوم 26 شباط 2017 في غارة جوية أميركية استهدفت سيارته قرب معسكر المسطومة في ريف إدلب، من قبل طائرة دون طيار.
وفي حين لم يكن معروفاً قبل مقتله أن "أبو الخير" موجود في إدلب أو سوريا بشكل عام، وأكدت حسابات مقربة من جبهة فتح الشام أنه لم يكن مبايعاً للجبهة، إلا أن تقارير إعلامية قالت إنه دخل سوريا عام 2016، بهدف تشكيل فصيل جديد يتبع للقاعدة، بالتنسيق مع إياد الطوباسي (أبو جُليبيب الأردني)، والذي قُتل بدوره أواخر كانون الأول 2018، في منطقة اللجاة بريف درعا، برصاص قوات النظام، حيث غادر الطوباسي إدلب نحو درعا سراً لتأسيس تنظيم داخل مناطق النظام.
وفي يوم 30 حزيران عام 2019، قتل عناصر من تنظيم "حراس الدين"، في قصف من طائرات أميركية، على منطقة ريف المهندسين غربي حلب. وعُرف من بين القتلى القياديين أبو عمر التونسي، وأبو ذر المصري، وأبو يحيى الجزائري، وأبو دجانة التونسي.
وأصدرت القيادة المركزية الأميركية بيانا أعلنت فيه شن غارة ضد "قيادة تنظيم القاعدة في سوريا استهدفت منشأة تدريب قرب محافظة حلب".
واستهدفت العملية، وفق البيان، "عناصر من تنظيم القاعدة في سوريا مسؤولين عن التخطيط لهجمات خارجية تهدد مواطنين أميركيين وشركاءنا ومدنيين أبرياء".
وبعد شهر في 31 آب 2019 أعلنت الوزارة مرة أخرى عن استهدافها لمعسكر تدريبي يستخدمه كل من "حراس الدين" و"أنصار التوحيد" اللذين انضويا تحت مسمى "حلف نصرة الإسلام" في 29 نيسان 2018. وقُتل في الاستهداف إلى جانب العديد من العناصر، أبو أسامة الليبي أحد قادة أنصار التوحيد
- ساري شهاب (أبو خلاد المهندس)
قُتل القيادي الأردني وصديق خالد العاروري، ساري شهاب (أبو خلاد المهندس)، بانفجار عبوة ناسفة في سيارته في إدلب. وكان قد وصل إلى سوريا عام 2015، قادماً من السجون الإيرانية إثر عملية تبادل بين الإيرانيين وتنظيم القاعدة.
وفي 10 أيلول 2019، أدرجت الولايات المتحدة التنظيم وزعيمه سمير حجازي على قوائم الإرهاب وأعلنت عن مكافأة وصلت إلى 5 مليون دولار أميركي لمن يقدم أي معلومات عن التنظيم أو أحد قادته.
- بلال خريسات (أبو خديجة الأردني)
وقُتل بلال خريسات (أبو خديجة الأردني)، في 22 كانون الأول 2019، بغارة أميركية استهدفت سيارته قرب ترمانين بريف إدلب الشمالي، وسبق أن تسلم مناصب قيادية في جبهة النصرة في الغوطة الشرقية وحمص ومن ثم إدلب، لينشق عن الجولاني ويشارك في تأسيس حراس الدين مع ما يعرف بـ التيار الأردني. وقبل عام من مقتله، أشيع اغتيال خريسات برصاص مجهولين في إدلب.
وتحدثت حسابات مرتبطة بحراس الدين وهيئة تحرير الشام بأن خلافاً دبّ بين خريسات و"أبو همام" وسامي العريدي قبل مقتله بفترة قصيرة وأن خريسات استقال من منصبه في التنظيم.
وبالعودة إلى مقتل الصنعاني والعاروري، أشار أبازيد إلى أن اغتيالهما أيضاً جاء بعد يومين فقط من الإعلان عن تشكيل غرفة عمليات فاثبتوا، التي جمعت التنظيمات الجهادية المتبقية في إدلب، والمنشقة عن الجولاني.
وأضاف أبازيد "تكررت عمليات الاستهداف من قبل التحالف أو -أطراف أخرى- لهذه التنظيمات بعد خطواتها للانشقاق عن الجولاني أو التجمع في تشكيلات جديدة".
ومن المرجّح أن الاستخبارات الأميركية تنتقي توقيتاً مناسباً لعمليات اغتيال قادة تنظيم القاعدة في سوريا، ولا تستهدف أي قيادي من تحرير الشام، ما يفتح باب فتنة بين قادة التنظيمات الجهادية ويرسّخ انطباعاً بأن الجولاني وقيادة تحرير الشام هي من تسرّب المعلومات لقتل هؤلاء القيادات.
لماذا تحافظ القاعدة على فرعها في سوريا رغم فشل مشروع الحراس؟
في حديث مع موقع تلفزيون سوريا، قال حسن أبو هنية، الباحث المتخصص في شؤون الجماعات الجهادية، بأن هيئة تحرير الشام لطالما كانت تنظيماً غير متجانس يحتوي على تيارات عدة، وكان الجولاني عمل على تذبيل الخلافات مع هذه التيارات، لكن انتهت معظم هذه الخلافات بالانشقاق.
وبحسب أبو هنية، فإن عوامل عديدة تتحكم بسياق الانشقاقات، وخاصة المتغيرات في مشهد الحراك المسلح في شمال غرب سوريا، وتحديداً إدلب المرتبطة بالسياسات الدولية والإقليمية وسياسة الأمريكان المتعلقة بالإرهاب وطبيعة العلاقة بين تركيا وروسيا. وتؤثر كل هذه العوامل المتغيرة بسلوك الجولاني وهيئة تحرير الشام.
وأشار الباحث الأردني إلى أن الولايات المتحدة ومنذ البداية كانت واضحة في التعامل مع النصرة باستهداف الجناح الأكثر قرباً من القاعدة والحركات العابرة للحدود التي تشكل الخطر الأكبر حيث بدأت باستهداف جماعة خراسان واستمرت بعد تشكيل حراس الدين.
وندّد العديد من المنظرين الغاضبين في داخل سوريا وخارجها من سياسات الجولاني وتغير استراتيجياته وكانت هذه التحولات رهينة الضغوطات على الهيئة حسب اتفاقات استانا وسوتشي التي تكون تركيا فيهما مُطالبة بالتعامل مع هذا الفصيل عبر تفكيكه أو حله أو إدماجه بالجبهة الوطنية للتحرير، ودائماً ما كانت التدخلات التركية تخلق مشاكل للهيئة. ولذلك قد نشهد في المستقبل مزيداً من الانشقاقات في حال حصل مزيد من عمليات التكيف بين الهيئة وتركيا، وهذه التحولات والتكيفات ستكون بالنهاية بحسب حجم الضغط المطبق من روسيا على تركيا وما سينعكس على الهيئة، حيث تتذبذب الضغوطات الروسية على تركيا وتصعّد الأولى ميدانياً بحجة وجود النصرة ثم تحصل اتفاقات تهدئة.
ويرى أبو هنية بأن تركيا لن تقدم هدية مجانية للروس بحل هيئة تحرير الشام، وأضاف "نلاحظ أن التعامل التركي مع الهيئة يجري ضمن عملية متدرجة وبطيئة ولا يوجد استعجال من قبل تركيا، وفي هذه المرحلة خفّ حماس الروس لإنهاء ملف إدلب عسكرياً عمّا كانوا عليه سابقا، بسبب قانون قيصر والوضع الداخلي للنظام والصراع الخفي بين روسيا وايران".
واستطرد أبو هنية "قوة الهيئة موضوعية أي تتموضع بين الخلافات بين الأطراف وتحاول الحفاظ على نفسها للاستمرار، لكن إذا استمرت الضغوطات فإنها ستنتج خلافات في البيت الداخلي للهيئة ومن ثم ستنعكس ضمن النقاش الأيديولوجي ومن ثم النقاش في الاستراتيجية للتعامل مع هذه القوى وتدخلاتها".
وبالنظر إلى ما سبق، وفي حال زادت الضغوطات على الهيئة لتحقيق مزيد من التحول والتكيف، فلن يكون أمام الجناح الرافض لسياسات الجولاني إلا الذهاب باتجاه حراس الدين، أو على الأقل الانضمام لغرف العمليات المشتركة كغرفة عمليات "فاثبتوا".
وأكد أبو هنية على أن مدى نجاح مشروع القاعدة في سوريا هو رهين التحولات العسكرية والميدانية والسياسية، "خاصة وأننا لا نعرف كيف سيتم التعامل مع الهيئة إذا حدث تفاهم تركي روسي أو اجتياح جديد لإدلب".