تعمد "قوات سوريا الديمقراطية" بعد سيطرتها على بعض المناطق السورية، إلى فرض إدارتها على مختلف الأصعدة، وتستهدف العملية التعليمية على وجه الخصوص، في محاولة منها للسيطرة على المجتمع عبر توجيهه سياسياً وعقائدياً عبر"مؤسسة المناهج" المعنية بتغييرالمناهج التعليمية بما يتوافق مع أهدافها.
وتحاول "الإدارة الذاتية" التابعة لقسد هذه المرة فرض مناهج تعليمية في المنطقة الشرقية تتنافى مع طبيعة المجتمع المحلي وقيمه الأخلاقية والثقافية، الأمرالذي دفع مجموعة من الناشطين من أهالي مدينة دير الزور في الداخل والخارج إلى إصدار بيان للرد على ممارسات "قسد".
إبلاغ بالتغيير
أبلغت "الإدارة الذاتية" عبر اجتماع عقدته مع المعلمين في مناطق سيطرتها بدير الزور والرقة والحسكة أنها سوف تطرح منهاجاً جديداً بدلاً من المنهاج المعمول به في مدارس المنطقة الشرقية بداية العام الدراسي المقبل.
وقال الدكتورعماد طالب أحد صائغي بيان الاستنكار في تصريح لموقع تلفزيون سوريا، إن المنهاج الذي ستفرضه "قسد"على المناطق التي تخضع لسيطرتها في المنطقة الشرقية منافٍ لموروثات ومبادئ وأخلاق أهالي المنطقة بشكل كامل.
وأضاف أن "المنهاج الذي فرضته قسد ألغى تاريخ المنطقة العربي والإسلامي وأزال جميع الشخصيات التاريخية وتم استبدالها بشخصيات تعتبرها "قسد" نضالية كـ عبد الله أوجلان المصنف إرهابياً، بالإضافة إلى فتيات غيرمعروفات صدرتهم "قسد" على أنهن رمزاً للعطاء والتضحية، ما استفز أهالي المنطقة دون استثناء".
طمس المعالم
وأكد الناشطون في بيانهم أن "المنطقة الشرقية حافظت على تركيبتها السكانية منذ ستة قرون والقائمة على العشيرة كمكون اجتماعي وقيمي لها وعلى التعايش السلمي بين أبنائها، بالرغم مما تعرضت له المنطقة من احتلالات ومحاولات للتغيير إلا أنها حافظت على تماسكها وحاربت كل أشكال محاولات إخضاعها، مما قطع الطريق على أي محاولة لتغيير موروثها ومعتقداتها الدينية والاجتماعية والأخلاقية".
وذكر عماد طالب أن التعديلات التي أجرتها "الإدارة الذاتية" على محتوى بعض الكتب هي محاولة منها لطمس التاريخ العربي للمنطقة، عبر إلغاء مادة التربية الإسلامية وإضافة كتب خاصة بالإلحاد والديانة الزردشتية واليزيدية، بالإضافة لتغيير أسماء بعض المناطق، مضيفاً "إذا تم تمرير هذا المنهاج فنحن أمام مشكلة كبيرة، لكونهم مسيطرين عسكرياً على المنطقة، خاصة أن بعض المعلمين رفضوا تدريس هذا المنهاج التعليمي لأنه يتنافى مع قيم وأخلاق وتاريخ وحضارة المنطقة الشرقية فهم سوف يكونون في خطر أمام التهديدات التي ربما تطالهم من "قسد" كما نخشى إجبار أولياء الأمور على إرسال أولادهم للتعلُم ضمن المنهاج الجيد".
وأشار أن ما تمارسه "قسد" بحق أهالي المنطقة الشرقية لا يختلف عن ممارسات "تنظيم الدولة" عندما جعلت من أبو بكر البغدادي المصنف إرهابياً رمزاً في المناطق التي سيطرت عليها.
مخاطبة دولية
البيان الذي صدر اليوم سوف يترجم إلى اللغة الإنجليزية وسيرسل إلى الحكومة الأميركية التي تحمي قوات سوريا الديمقراطية في المنطقة الشرقية، وسوف يُحمِّل البيان الحكومة الأميركية مسؤولية تعليم هذا المنهاج في مناطق سيطرة "قسد" وذلك وفق اتفاقية جنيف عام 1949 التي تنص على مسؤولية الدول التي تدخل على منطقة ما حماية أملاكها ومعتقدات أهلها والموروث الخاص بها، وفق ما صرح به أحد صائغي البيان لموقع تلفزيون سوريا والذي فضل عدم ذكر اسمه خوفا على سلامته.
وطالب البيان بتسليم إدارة المنطقة لأبنائها "حفاظاً على الأمن والسلامة العامة وللوصول إلى مجتمع صحي بعيداً عن التشدد ولتجنب ردود فعل غير محسوبة العواقب، في حال استمرت سياسة تهميش إرادة المجتمع في المنطقة الشرقية والاعتداء على القيم والعادات والمشاعر المبنية على الدين والعرف والعادات الاجتماعية التي تربى عليها أهالي المنطقة لمئات السنين".