قضى 64 مدنياً سورياً خلال شهر تشرين الثاني الفائت، أكثرهم في محافظة إدلب بسبب قصف قوات النظام السوري مناطق مخيمات النازحين فيها بمختلف القذائف والذخائر.
وأصدرت الشبكة السورية لحقوق الإنسان تقريراً اليوم الخميس كشفت فيه عن مقتل 64 مدنياً في سوريا خلال تشرين الثاني الماضي، بينهم 14 طفلاً وسيدتان و6 ضحايا بسبب التعذيب، مشيرةً إلى استخدام النظام السوري للذخائر العنقودية مجدداً واستهدافه بها مخيمات النازحين، ما يشكل جريمة حرب.
كما رصد التقرير الذي جاء في 27 صفحة حصيلة الضحايا في تشرين الثاني، وسلَّط الضوء بشكلٍ خاص على الضحايا، الذين قضوا بسبب التعذيب، وحصيلة المجازر التي تم توثيقها على يد أطراف النزاع والقوى المسيطرة في سوريا في الشهر المنصرم، وتضمَّن استعراضاً لأبرز الحوادث. كما تطرَّق إلى أبرز المهام التي تقوم بها الشبكة السورية لحقوق الإنسان في ملف القتل خارج نطاق القانون.
واعتمدت الشبكة في تقريرها على عمليات المراقبة المستمرة للحوادث والأخبار وعلى شبكة علاقات واسعة مع عشرات المصادر المتنوِّعة، إضافةً إلى تحليل عدد كبير من الصور والمقاطع المصورة.
تخوف الأهالي من الحصول على شهادات وفاة
وأفاد التقرير بأنَّ النظام السوري لم يسجل مئات آلاف المواطنين الذين قتلهم منذ آذار 2011 ضمن سجلات الوفيات في السجل المدني وأنه تحكم بشكلٍ متوحش بإصدار شهادات الوفاة، ولم تتَح لجميع أهالي الضحايا الذين قتلوا سواءً على يد النظام السوري أو على يد بقية الأطراف، ولا لأهالي المفقودين والمختفين قسرياً، واكتفى بإعطاء شهادات وفاة لمن تنطبق عليه معايير يحددها النظام السوري وأجهزته الأمنية.
وأشار إلى أنَّ الغالبية العظمى من الأهالي غير قادرين على الحصول على شهادات وفيات، خوفاً من ربط اسمهم باسم شخص كان معتقلاً لدى النظام السوري وقتل تحت التعذيب، وهذا يعني أنه معارض للنظام السوري. أو تسجيل الضحية كإرهابي إذا كان من المطلوبين للأجهزة الأمنية، كما أن قسم كبير من ذوي الضحايا تشردوا قسرياً خارج مناطق سيطرة النظام السوري.
كما لفت التقرير إلى تعميم وزير العدل في حكومة التابعة للنظام السوري (رقم 22 بتاريخ 10 آب- 2022) القاضي بتحديد إجراءات حول سير الدعاوي الخاصة بتثبيت الوفاة ضمن المحاكم الشرعية، وتضمن التعميم 5 أدلة يجب التأكد من توفرها من قبل القضاة ذوي الاختصاص في الدعاوى الخاصة بتثبيت الوفاة، كما أوجب على جميع المحاكم ذات الاختصاص بقضايا تثبيت الوفاة التقيد بما ورد في التعميم. وقد تضمن التعميم فرض الموافقة الأمنية على الجهات القضائية لتثبيت دعاوى الوفاة؛ الأمر الذي يزيد من تغول الأجهزة الأمنية.
زيادة في أعداد الضحايا
وأوضح التقرير أن شهر تشرين الثاني شهد زيادةً في حصيلة الضحايا مقارنةً بسابقه تشرين الأول. وقد وثق التقرير مقتل 64 مدنياً، بينهم 14 طفلاً وسيدتان، كما سجل هجوماً بذخائر عنقودية على يد قوات النظام السوري استهدف منطقةً مكتظةً بمخيماتٍ للنازحين في ريف إدلب، وهو الهجوم الأول بهذه الذخائر منذ الـ8 من حزيران 2020 آخر هجوم موثق لاستخدام الذخائر العنقودية.
وأسفر الهجوم الذي وقع يوم الـ6 من تشرين الثاني عن مجزرة راح ضحيتها 9 مدنيين بينهم 5 أطفال وسيدتان. كما سجل قصفاً لـ "قوات سوريا الديمقراطية/ قسد" براجمات الصواريخ على مدينة إعزاز بريف حلب الشمالي تسبب في مجزرة راح ضحيتها 5 مدنيين بينهم طفلان.
وبحسب التقرير، فقد شهدَ تشرين الثاني استمرار وقوع ضحايا مدنيين بسبب الألغام في محافظات ومناطق متفرقة من سوريا، حيث وثق مقتل 6 مدنيين بينهم طفل واحد، لتصبح حصيلة الضحايا بسبب الألغام منذ بداية عام 2022، 122 مدنياً بينهم 62 طفلاً و9 سيدات. وأضاف التقرير أنَّ 16 مدنياً بينهم طفل واحد تم توثيق مقتلهم في تشرين الثاني برصاص لم يتمكن التقرير من تحديد مصدره.
الضحايا بين أطراف النزاع في سوريا
قتل النظام السوري 21 مدنياً بينهم 7 أطفال وسيدتان. فيما قتلت "قوات سوريا الديمقراطية" 10 مدنيين بينهم 3 أطفال، وقتلت "هيئة تحرير الشام" مدنياً واحداً. كما سجل التقرير مقتل 32 مدنياً بينهم 4 أطفال على يد جهات أخرى، ورصد مقتل شخص واحد من الكوادر الإعلامية على يد جهات أخرى.
ووفق التقرير، فإنَّ تحليل البيانات أظهر أنَّ محافظة إدلب تصدرت بقية المحافظات بنسبة 25 بالمئة من حصيلة الضحايا الموثقة في تشرين الثاني جلهم قضوا على يد قوات النظام السوري، تلتها حلب بقرابة 22 بالمئة، ثمَّ محافظة درعا 20 بالمئة من حصيلة الضحايا في تشرين الثاني ومعظمهم قضوا على يد جهات أخرى.
ضحايا التعذيب
ووثَّق التقرير مقتل 6 أشخاص بسبب التعذيب في تشرين الثاني، منهم 5 أشخاص على يد قوات النظام السوري وشخص واحد على يد قوات سوريا الديمقراطية. وأضاف التقرير أن نسبة الضحايا بسبب التعذيب على يد قوات النظام السوري بلغت ما يقارب 84 بالمئة مقارنةً بالمجموع الكلي لضحايا التعذيب على يد جميع أطراف النزاع والقوى المسيطرة في عام 2022.
وكان شهر شباط قد شهد الحصيلة الأعلى للضحايا تحت التعذيب خلال عام 2022 حيث بلغت نسبة ضحاياه 50 بالمئة أي أنَّ نصف الضحايا بسبب التعذيب قد قضوا في شهر شباط المنصرم.
ولفت التقرير إلى أن الأدلة التي جمعها تشير إلى أنَّ بعض الهجمات وُجّهت ضدَّ المدنيين وأعيان مدنية، كما تسبَّبت عمليات القصف العشوائي في تدمير المنشآت والأبنية، مشيراً إلى أنَّ هناك أسباباً معقولة تحمل على الاعتقاد بأنَّه تم ارتكاب جريمة الحرب المتمثلة في الهجوم على المدنيين في كثير من الحالات.
وأكد أن استخدام التفجيرات عن بعد لاستهداف مناطق سكانية مكتظة يعبر عن عقلية إجرامية ونية مبيتة بهدف إيقاع أكبر قدر ممكن من القتلى، وهذا يخالف بشكل واضح القانون الدولي لحقوق الإنسان، وخرق صارخ لاتفاقية جنيف 4 المواد (27، 31، 32).
وطالب التقرير مجلس الأمن باتخاذ إجراءات إضافية بعد صدور القرار رقم 2254، وشدَّد على ضرورة إحالة الملف السوري إلى المحكمة الجنائية الدولية ومحاسبة جميع المتورطين في الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب.