قالت الشبكة السورية لحقوق الإنسان في تقرير اليوم الإثنين، إن نظام الأسد يستخدم إصدار جوازات السَّفر كتمويل للحرب ضد السوريين وتقصد إذلال معارضيه.
وسجَّل التقرير الانتهاكات التي يتعرَّض لها السوريون في أثناء محاولتهم استخراج جواز سفر، وكشفَ عن الكلفة المادية المرتفعة وغير المنطقية مقارنة بجميع بلدان العالم.
ووفق الشبكة السورية لحقوق الإنسان اعتقل النظام ما لا يقل عن 1249 شخصاً بينهم ثمانية أطفال، و138 سيدة (أنثى بالغة) منذ آذار 2011 حتى كانون الثاني 2019، وذلك أثناء وجودهم لإجراء معاملاتهم في دوائر الهجرة والجوازات في عدة محافظات سورية، منهم قرابة 703 حالات تم اعتقالها من داخل دائرة الهجرة والجوازات في مدينة دمشق وحدها.
وأضاف أن النظام وظَّف مختلفَ أجهزة الدولة في سبيل إيقاف الثورة السورية التي اندلعت ع في آذار من العام 2011، ولم يستثنِ مؤسسة الهجرة والجوازات من ذلك.
التقرير أشار إلى أن "الهجرة والجوازات" تضخَّم دورها على غرار عدد كبير من المؤسسات وأصبحت تلعب دوراً أمنياً وسياسياً، وباتت ممارسات كل تلك المؤسسات تدور في فلك دوامة ابتزاز ونهب أموال المجتمع السوري بهدف إضعافه وإذلاله.
وبحسب التقرير فقد استخدام النظام تلك الأموال في استمرار الحرب المفتوحة ضدَّ كل من طالب بعملية انتقال سياسي حقيقي وتغيير نحو الديمقراطية.
وأشار إلى أنَّ استمرار واتساع حجم وكمِّ الجرائم التي ارتكبت بحق الشعب السوري ولَّد حاجة ماسَّة لدى السوريين للسَّفر خوفاً على حياتهم وأمنهم؛ ما دفع الملايين داخل سوريا لاستصدار جوازات سفر، ومن ناحية أخرى فإنَّ المواطنين السوريين خارج الدولة بحاجة مستمرة دورية لتجديد جوازات سفرهم.
النظام وشبكات المافيا
التقرير أوضح أنَّ إصدار جواز السَّفر في سوريا مرَّ عبر مرحلتين، وقد تحكَّمت فيها المافيات واستغلها النظام لزيادة موارده المالية.
وامتدت المرحلة الأولى منذ بداية الحراك الشعبي حتى نيسان من العام 2015، واتَّبع النظام فيها سياسة مزدوجة، فقام من ناحية بفرض الحصول على ورقة موافقة من الأفرع الأمنية لكلِّ من يرغب بالحصول على جواز سفر داخل أو خارج سوريا، وحُرِمَ بالتالي جميع من لاحقته الأجهزة الأمنية إثرَ مشاركته في الحراك الشعبي، وجميع المعارضين في الخارج من الحصول على جواز سفر، إلا أنَّه من ناحية أخرى فتح لهم فرصة الحصول على جواز سفر عن طريق شبكات مافيوية مقابل مبالغ مالية طائلة قد تصل في بعض الأحيان إلى 5 آلاف دولار أمريكي.
وأضافَ التقرير أنَّ المرحلة الثانية كانت عقبَ إصدار النظام المرسوم التشريعي رقم 17 لعام 2015 الذي سُمِحَ بموجبه بإصدار جوازات سفر لجميع السوريين داخل وخارج البلاد، ودون تمييز بين معارض للنظام أو موالٍ له، كما شملَ الذين غادروا البلاد بصورة غير شرعية، ثم طرأت عليه تعديلات فرضها المرسوم رقم 18 لعام 2017 وحدَّد الرسم القنصلي عند منح أو تجديد جواز أو وثيقة سفر للمواطنين السوريين ومن في حكمهم الموجودين خارج الجمهورية العربية السورية بشكل فوري ومستعجل -أي في غضون ثلاثة أيام عمل- بمبلغ /800/ دولار أمريكي.
ووفقاً لنظام الدور -أي في غضون 10 إلى 21 يوم عمل- بـمبلغ 300 دولار، وبحسب التقرير فإنَّ هذه الكلفة المادية المرتفعة التي فرضها النظام على إصدار جواز السفر وتجديده مرتفعة جداً وهي الأعلى في العالم.
ونوَّه التقرير إلى أنَّ أقصى مدة صلاحية لجواز السفر لمعارضي النظام وبالتالي المطلوبين أمنياً لا تتجاوز عامَين اثنين، وأنَّ كثيراً من الدول وشركات الطيران تشترط مدة صلاحية ستة أشهر على الأقل للسماح بالسفر، أي أنَّ مدة جواز السفر عملياً هي عام ونصف، كما أن عدداً كبيراً من السوريين يُقيم في مدن أو دول ليسَ فيها قنصليات سورية؛ الأمر الذي يضطر المواطنَ إلى السفر وحجز رحلة طيران وإقامة فندقية، ويضطرُّ أيضاً للجوء إلى الحصول على الجواز المستعجل أي أنَّه يدفع 800 دولار أمريكي، إضافة إلى المصاريف الأخرى ليحصل في النهاية على جواز سفر تم تصنيفه من قبل موقع ”passport index” على أنه رابع أسوأ جواز سفر عالمياً.
انتهاكات في الداخل والخارج
ذكر التقرير أنَّ المواطن السوري يواجه انتهاكات إضافية في أثناء معاملات استخراج جواز السَّفر، إضافة إلى الكلفة المادية المرتفعة، حيث لا تزال أجهزة الأمن تشترط حصوله على موافقة أمنية، ويخضع كل مُتقدِّم للحصول على جواز سفر إلى عملية تدقيق ومطابقة مع قوائم الملاحقين والمطلوبين وهم بشكل أساسي جميع من ساهم في المظاهرات السلمية.
وإضافة إلى الموافقة الأمنية، لا بدَّ لكل شاب من الفئة العمرية (20 - 42 عاماً) وغير معفى من الخدمة الإلزامية، من الحصول على موافقة من شعبة التجنيد التابع لها، ما يُشكّل عائقاً أمام مئات الآلاف من السوريين، المتخلفين عن الالتحاق بقوات النظام، حيث جند النظام الجيش للقيام بانتهاكات تُشكِّل جرائم حرب وجرائم ضدَّ الإنسانية، وقتل مئات آلاف السوريين.
وأضافَ التقرير أن السوريين خارج سوريا أيضاً يعانون من أنماط عدة من الانتهاكات، حيث استغل نظام الأسد عدم وجود أي بديل عن جواز السفر الصَّادر عنه، وعمل على ابتزاز السوريينَ لتحصيل أكبر قدر ممكن من الأموال ومن الشرعية السياسية، وتحقيق أكبر قدر ممكن من ممارسات الإذلال وانتهاك كرامة المواطنين.